توقعات انتاج النفط السعودي على ضوء تراجع الأسعار

28/09/2014 2
بشير يوسف الكحلوت

استمر سعر برميل نفط الأوبك في الإنخفاض ليخسر في الأسبوع الماضي دولاراً  إضافياً هبط معه إلى مستوى 94,25 دولار للبرميل.

وبذلك يتأكد ما أشرت إليه في مقالين سابقين حتى الآن من اتجاه أسعار النفط العالمية إلى الانخفاض بتأثير جملة من العوامل في مقدمتها وجود فائض يصل إلى مليون برميل يومياً في ميزان العرض والطلب، واستمرار تقوي سعر صرف الدولار أمام العملات الرئيسية، وتراجع القلق من احتمالات حدوث انقطاع في الإمدادات من مناطق الإنتاج الرئيسية.

وفي حين عرضت في المقال السابق لتأثيرات هذه التطورات على بعض المعطيات الأساسية للاقتصاد القطري، فإنني أعرض اليوم لتأثيراتها المحتملة على انتاج النفط السعودي، باعتبار أن المملكة أكبر منتج نفط في العالم، وأي تراجعات محتملة قد تضطر المملكة إلى زيادة إنتاجها، من أجل التعويض عن انخفاض الأسعار.

المعروف أن انتاج المملكة من النفط في عام 2014 كان يتم بمعدل وسطي 9,9 مليون ب/ي، وأن لديها طاقة انتاجية إجمالية في حدود 12,5 مليون ب/ي... وهي تستهلك نحو 2 مليون ب/ي محليا، ويرتفع الرقم في شهور الصيف إلى 2,7 مليون ب/ي.

وقد كانت المملكة تحقق في السنوات السابقة فائضا مالياً في موازنتها العامة، ولكن هذا الفائض تراجع في عام 2014، وتوقع صندوق النقد الدولي في الأسبوع الماضي أن يتحول الفائض إلى عجز في موازنة العام 2015.

ووفقاً لتقديرات سابقة لوزارة المالية السعودية فإن الإيرادات النفطية عند سعر 100 دولار للبرميل، وبمعدل إنتاج 9,4 مليون برميل يوميا، تقدر بنحو 949 مليار ريال، والإيردات الإجمالية بنحو 1068 مليار ريال، بعد إضافة إيرادات أخرى.

وبتعديل معدل الإنتاج اليومي إلى 9,9 مليون ب/ي-كما هو في معظم شهور العام-  فإن الإيرادات الكلية ترتفع إلى 1118 مليار ريال.

ولكن مع انخفاض السعر إلى 95 دولاراً للبرميل كما هو الحال في سبتمبر، فإن الإيرادات المتوقعة لعام 2014 تعود إلى الانخفاض، وتكاد  الزيادة تختفي إذا انخفض السعر إلى 90 دولاراً للبرميل، ويظل هناك فائض يصل إلى نحو 93 مليار ريال، بالنظر إلى أن المصروفات العامة المقدرة في موازنة عام  2014 مماثلة تقريبا لمصروفات 2013 التي تصل إلى 925 مليار ريال.

ولكن الصورة ستختلف في عام 2015 نتيجة لعاملين متوقعين الأول هو انخفاض سعر برميل النفط إلى 90 دولاراً للبرميل أو أقل-أي بنسبة 10% عن التقديرات المشار إليها أعلاه-  وهو ما يعني تراجع الفائض بنحو 94 مليار ريال، وذلك يكفي بمفرده  لاختفاء الفائض.

والثاني أن المصروفات العامة بطبيعتها تنحو إلى الارتفاع سنة بعد أخرى، وإذا ما أضيف إلى ذلك التكاليف والأعباء المحتملة من مشاركة المملكة في تحالف الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، فإن الموازنة العامة السعودية ستواجه عجزاً مالياً هو الأول من نوعه منذ سنوات.

وقد أشار صندوق النقد الدولي إلى هذه التوقعات في تقريره الذي صدر يوم الخميس 25 سبتمبر عن مشاوراته مع السلطات السعودية بموجب المادة الرابعة من قانون صندوق النقد. 

 وأمام المملكة بالطبع فرصة للتعويض عن تراجع سعر النفط عن طريق زيادة معدل إنتاجها اليومي بنسبة قد تصل إلى10%، أو إلى نحو 11 مليون ب/ي وهذا ممكن نظرياً... ولكن هذا الإجراء سيكون ذو تأثير سلبي على سعر برميل النفط الذي سينخفض أكثر وربما يهبط إلى 85 دولاراً للبرميل.

وعليه فإن زيادة الإنتاج ليس الحل السحري لتفادي الدخول في مرحلة عجز الموازنة العامة في المملكة، بل هو مدخل لحدوث مزيد من الانخفاضات السعرية إذا ما أقدمت دول أخرى على زيادة انتاجها للتعويض عن انخفاض الأسعار.

ومن هنا أرى أن اللجوء إلى هذا الحل سيكون جزئياً بما لا يزيد عن 100-200 ألف ب/ي، وبشكل تدريجي لمعرفة ردة فعل الأسواق العالمية على هكذا زيادة.

ولعل في الزيادة المتوقعة في انتاج غير الأوبك من النفط في عام 2015 بنحو 1,24 مليون ب/ي إلى 57,2 مليون ب/ي-حسب توقعات منظمة الأوبك- ما يجعل أي توسع سعودي مفرط في انتاج النفط أمراً غير ممكن بدون إلحاق الضرر بمستويات الأسعار السائدة.