هل تصدر أمريكا لقيم البتروكيماويات الأهم؟

16/09/2014 0
د. سليمان الخطاف

شهد انتاج لقيم الايثان (اللقيم البتروكيماوى الاهم) عدة طفرات، فيعد انتاجه مع سوائل الغاز المصاحبة فى الدول المنتجة للنفط طفرة حقيقية. وحالياً يشهد طفرة اخرى بانتاجه مع الغاز الصخري في امريكا الشمالية حيث يشكل الايثان 16% من الغاز الصخرى.

وقد ساهم الفرق الكبير بين اسعار الغاز الطبيعى واسعار النفط بامريكا بدفع منتجى الغاز الطبيعي الى البحث والتنقيب فى الحقول الغنية بسوائل الغاز الطبيعى. ويعتبر الايثان والبروبان اهم مادتين بهذه السوائل.

وتشهد امريكا حالياً نهضة كبيرة بانتاج مادتى الايثان والبروبان برغم عدم وجود بنية تحتية لتصنيع واستيعاب كل هذه الوفرة بهذه المواد الذهبية للصناعات البتروكيماوية.

اما بالنسبة للقيم البروبان فارتفعت صادرات امريكا منه ارتفاعاً كبيراً حوالى 100% فى عام واحد. فبعد ان كانت كميات التصدير حوالى 151 الف برميل باليوم ارتفعت هذه الكميات الى 333 الف برميل باليوم فى شهر مارس من العام الحالى. وتمتاز عمليات تصدير ونقل البروبان بانها اسهل من تصدير الايثان الذى يحتاج الى تبريد وضغط.

ولقد ارتفع انتاج لقيم الايثان فى الولايات المتحدة بشكل واضح ويقدر المختصون ان الزيادة فى انتاجه قد قاربت 70% منذ 2006م.

اذ وصلت الكميات الحالية المنتجة من الايثان الى 27 مليون طن بالسنة ويتوقع الخبراء ان ترتفع هذه الكميات الى 48 مليون طن بالسنة بحلول 2020م.

والجدير بالذكر ان 90% من الايثان المنتج فى حقول مرسيليوس يتم اعادته الى انابيب انتاج الغاز الطبيعى لعدم وجود البنية التحتية اللازمة لنقله الى مواقع الصناعة.

ولكن حتى هذا الايثان المسترجع الى انابيب الغاز الطبيعى قد وصل الى حد كبير بحيث ان طاقة الانابيب لم تعد قادرة على استيعابه وهذا يجعل التصدير أحد الحلول بالاضافة الى تحويله الى الايثيلين.

وتقدر قيمة الايثان الرجيع الى انابيب الغاز الطبيعى الان بحوالى 5.5 مليون طن بالسنة وتتوقع المصادر الامريكية ان تصل هذه الكمية الى 11 مليون طن سنوياً بحلول 2017م.

واما بخصوص مشاريع تكسير الايثان الى ايثيلين التى اعلنت فى امريكا للاستفادة من وفرة انتاج الايثان من الصخور، فهى ستحتاج الى 2.3 مليون طن فى عام 2015م.

واما فى الفترة من 2017-2019م حيث معظم مصانع انتاج الايثيلين ستكون جاهزة للعمل فستحتاج الى حوالى 11 مليون طن بالسنة.

وحالياً تعد امريكا اكبر منتج للايثيلين فى العالم فهى تستحوذ على حوالى 20% من اجمالى الطاقة الانتاجية للايثيلين فى العالم والتى ارتفعت من 27.6 مليون طن فى عام 2012م الى 28.1 مليون طن فى عام 2013م.

ولقد ارتفعت الطاقة الانتاجية بحوالى نصف مليون طن وكانت هذه الزيادة من نصيب التوسعات التى قامت بها كل من داو كميكال وباسف وتوتال وويستليك فى عام 2012م وسوف تقوم شركتان للبتروكيماويات بالتوسع بحوالى 420 الف طن ايثيلين فى عام 2013م.

وستضيف امريكا فى الفترة من 2012-2018م حوالى عشر مليون طن من الايثيلين. منها 2 مليون طن توسعات لمصانع قائمة و8 ملايين طن ايثيلين سيتم انتاجها من مصانع جديدة تم الاعلان عنها وهى لداو كميكال واكسون وشيفرون فيليبس وساسول وشل وفرموزا واوكسيدنتال كميكال.

لاشك ان الدول المنتجة للايثيلين من لقيم النافثا (اوروبا واسيا) ستصاب بالضرر من جراء التوسعات الامريكية مما يعنى زيادة فى انتاج الايثيلين وبكلفة اقل.

وتعتبر تكلفة انتاج الايثيلين من النافثا اعلى بأربع مرات من تكلفته من الايثان حيث تصل تكلفة الايثيلين من لقيم الايثان الى حوالى 270 دولارا للطن كأقصى تقدير بينما تكلفة انتاج الطن من لقيم النافثا قد تصل الى 1100 دولار.

ولذلك شهدنا اغلاق اليابان لبعض مصانعها وسوف نشهد الكثير من الاغلاقات فى كل من شرق اسيا واوروبا.

لن يستطيع الايثيلين المنتج من النافثا منافسة الايثيلين المنتج من الايثان بسبب انخفاض اسعار الايثان فى امريكا الشمالية ومنطقة الخليج العربى.

ويباع حالياً الايثان فى امريكا بحوالى 4-5 دولار للمليون وحدة حرارية واما الايثان الخليجى فتعد اسعاره اقل من مثيلاتها فى امريكا بحوالى اربع مرات، فمثلاً يباع بالمملكة بـ 0.75 دولار للمليون وحدة حرارية.

فى الماضى كانت تكاليف الانتاج فى امريكا واوروبا متقاربة، ففى عام 2005م كان سعر الايثان الامريكى حوالى 10 دولارات للمليون وحدة حرارية لذلك كانت تكلفة انتاج الايثيلين الامريكى من الايثان والاوروبى من النافثا متكافئة.

اما الان فالكلفة ترجح لصالح الايثان الامريكى والخليجى على حساب الايثيلين المنتج من النافثا بميزة تنافسية تتعدى 800 دولار للطن.

لذلك تأمل الكثير من الشركات الاوروبية والاسيوية باستيراد الايثان الفائض من امريكا والذى يضخ فى خطوط الغاز الطبيعى لتوليد الطاقة.

وسيؤدي استيرادها للايثان الى انخفاض كلفة انتاج الايثيلين وبالتالى البلاستيك. وبحسب المصادر الامريكية فان حوالى 11 مليون طن سنوياً سيكون قيمة الفائض من الايثان والذى قد يحرق مع الغاز الطبيعى وهى طاقة حوالى 7 مصانع.

ولكن تكمن المشكلة فى اقامة مصانع جديدة فى ضخامة الاستثمار، ومدى قدرة الاسواق فى امريكا الشمالية على استيعاب كل الطاقات الكبيرة القادمة من الايثيلين.

لذلك فقد تكون فكرة تصدير الايثان الى اوروبا او اسيا اقل مخاطرة. ولا شك ان سعر الغاز الطبيعى فى امريكا سيحدد جدوى تصنيعه الى بتروكيماويات او تصديره كلقيم يتم تحويله وتصنيعه اما فى اسيا او اوروبا.

وفى هذا الاطار بدأت شركة نوفا الكندية باستيراد الايثان من أمريكا كما اعلنت مؤخراً شركة (Enterprise Product Partners) عن نيتها تصدير حوالى 240 الف برميل باليوم الى اوروبا. ويتوقع ان يبدأ التصدير فى الربع الثالث من عام 2016م.

وتعتبر هذه الشركة ثانى شركة فى امريكا تعلن عن نيتها تصدير الايثان الى اوروبا. اذ سبقتها شركة Sunoco بتوقيع عقود تصدير الايثان الى شركة اينوس فى النرويج وبريطانيا.

ولقد اعلنت شركة اينوس انها ستنفق حوالى 500 مليون دولار على البنية التحتية لاستقبال الايثان الامريكى.

هل سينعش الايثان الامريكى صناعة البتروكيماويات المريضة فى اوروبا واليابان؟ الاكيد ان السنوات الخمس القادمة ستشهد الكثير من المتغيرات فى صناعة البتروكيماويات العالمية.

نقلا عن اليوم