سيناريوهات توطين عمال النظافة

24/08/2014 2
د. أنور أبو العلا

عندما يكتب الكاتب سيناريو لوصف حالة معيّنة (مشكلة اقتصادية أو اجتماعية مثلا) ويقترح إيجاد الحلول لها فهو يعرف مسبقا ان ما يقوله يشبه الهيكل العظمي يحتاج الى كسوه بالشحم واللحم حتى يكتمل.

كذلك يعرف أنه يوجد بالتأكيد سيناريوهات أخرى يمكن ان تؤدي نفس الغرض.

الدافع الى استطرادي للكتابة عن توطين عمال النظافة هو ان المقال الذي كتبته قبل اسبوعين (الأحد 10 أغسطس 2014) عن توطين عمال النظافة على غير العادة لم يحظ إلاّ بتعليقين يتيمين فقط مما أستقي منهما ان القراء الأعزاء في حالة تردد فلم يتخذوا قراراً لتأييد أو رفض الفكرة.

ولذا يجب عليّ أن ألقي مزيداً من الضوء على السيناريو لإقناع المسؤولين بواقعيتها لأهميّة عملية التوطين حيث من المستحيل أن يكون الاقتصاد مستداما إذا كان يعتمد على الاستقدام وتهميش أبناء الوطن.

اليوم سأحاول ان أضع سيناريو يرسم صورة كركتيرية قد تحتاج للتنقيح ومن ثمّ يمكن تحويلها الى تجربة عملية على أرض الواقع كالتالي:

اولا: تطبيق السيناريو كتجربة على حي واحد من أحياء الرياض وليكن حي السليمانية مثلا وحدودها شارع العروبة شمالا وطريق مكة المكرمة جنوبا وطريق الملك عبدالعزيز شرقا وشارع العليا غربا. ثم يقسّم الحي الى اربعة مربعات متساوية.

ثانيا: تأمين أربعة سيارات (آليات نظافة) مريحة ومكندشة كالمستخدمة في بعض المدن الحديثة ويمكن تكليف مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بتأجيل ابحاثها على أصيلة والطائرات بدون طيار وتكريس جهودها على إدخال تحسينات وإضافة مزايا لها بحيث تصبح كريبوت (انسان آلي) بأطراف وملاحق يمكنها أن تؤدي اغراضا متعددة لتتلاءم مع طبيعة بيئتنا.

ثالثا: أن يتم الإعلان مبدئيا عن عدد محدود (ثمانية مثلا) من الوظائف بمسمى عامل فني لمن لديه شهادة المتوسطة فأكثر ولا يقل عمره عن 25 سنة، وان يكون العمل سبع ساعات فقط في اليوم بمعدل خمسة أيام (35 ساعة) في الاسبوع بأجر قدره 40 ريالا في الساعة الواحدة (6000 ريال في الشهر). ثم يعطى علاوة سنوية قدرها 240 ريالا (4 % من الراتب الأساس إسوة بموظفي الحكومة)، ويتم تسجيلهم في التأمينات لحساب التقاعد. إضافة الى منحهم شهريا 500 ريال طبيعة عمل ومكافأة لنهاية الخدمة قدرها 12 ألف ريال عن كل سنة لمن تبلغ خدماته عشر سنوات فأكثر.

كذلك إذا أثبت العامل السعودي التزامه وجدارته بإنجاز العمل المطلوب يمكن منحه علاوات استثنائية إضافة الى العلاوة السنوية المذكورة أعلاه.

رابعا: إخضاع العمال الفنيين لفترة تدريب قصيرة لتدريبهم على كيفية التعامل مع الآلات المستخدمة وما هو المطلوب منهم أداؤه والمزايا الممنوحة لهم والعقوبات كالحرمان من بعض المزايا للمقصرين في عملهم وبأن الأجر سيحسب على أساس عدد الساعات التي يعملها العامل.

خامسا: يعمل على كل سيارة عاملين فنيين وتخصص كل سيارة لتنظيف مربع واحد من المربعات الأربعة وتعيين مشرف مراقب لمتابعة أعمالهم وتقديم تقرير عن النواقص.

قد يكشف لنا التطبيق العملي العديد من الصعوبات التي يمكن علاجها تدريجيا، ولكن الفائدة العظمى التي لا تقدر بثمن التي نجنيها من التجربة هو كسر ثقافة العيب ونظرة المجتمع (لا سيما الشباب) الدونيّة للعمل اليدوي بأنواعه حتى عمال النظافة.

نقلا عن الرياض