مَنْ يحارب ابتعاث المرأة عليه أن يفهم هذا

16/07/2014 17
مازن السديري

ظهرت في الفترة الأخيرة أصوات ضد ابتعاث المرأة للدراسة في الخارج وواصفة أهل المبتعثة بصفات لا يليق ذكرها في هذا الشهر الفضيل، بالإضافة لمطالبة تلك الأصوات بمحاذير وقيود معقدة لمفهوم الاختلاط تجعل من الصعب بمكان توظيف المرأة، وتحججت تلك الأصوات بأن ذلك واجب شرعي.

أترك الرد الشرعي للفقهاء المختصين فهم الأدرى والأخبر، ولكن أحب أن أوضح جوانب أخرى اقتصادية واجتماعية تمس هذا الجانب؛ فمسألة تعليم وتوظيف المرأة في السعودية تمس عدة خطوط حمراء وأولها الفقر والبطالة، فإلى فترة قريبة كانت نسبة النساء العاملات لدى القطاع الخاص أقل من 8% حسب إحصائيات عام 2009، ولكن هذه النسبة تحسنت كثيرا ووصلت إلى أكثر من 18% في عام 2012، ويعود السبب في ذلك إلى تطور التشريعات والتشجيع على عمل المرأة في عدة قطاعات بعد ما كان حصرها في الماضي في مجال التعليم الذي كان يشكل 87% من مجموع الوظائف النسائية لدى القطاع العام.

خطورة فقر وجهل المرأة تكمن في احتمال تزايد التردي الأخلاقي للمجتمع وانحطاط قيمه؛ حتى إن المثل الإنجليزي يقول: (إن علمت رجلاً فقد علمت فرداً وإن علمت امرأة فقد علمت أمّة).. لذلك قال الشاعر حافظ إبراهيم:

الأم مدرسة إذا أعددتها

أعددت شعباً طيب الأعراق

كان في جميع القياسات الاقتصادية التي تطرحها المؤسسات الكبرى رصد أساسي لواقع حقوق المرأة وفرصها التعليمية أو الوظيفية لأن الاختلال في ذلك سوف يؤدي إلى ظهور الفقر والانحطاط الأخلاقي، والأسوأ هو تردي الأسرة، وليس عبر ما يظنه البعض من حرمها من فرص التعليم والعمل التي تصقل لديها الوعي الأخلاقي الذي يحصنها من أي انحراف عبر الاقتناع والعدالة في الفرص. ومن ضمن هذه الفرص الابتعاث الذي يتيح لها فرصة التخصص في مجالات معرفية غير متوفرة محلياً، أو تقدم بشكل أفضل خارجياً، بالإضافة إلى وجود التنافس مع الأجانب في سوق العمل يجعل الابتعاث خياراً لا مفر منه.

أخيرا أقول بأن أحد أهم أسباب ظهور الفقر في السعودية وفي كثير من الدول التي تشهد نمواً اقتصادياً ولكن حجم الفقر لا يتقلص هو وجود أسر ترعاها أمهات لم يكن لديهن حظ في التعليم والعمل، لذلك كان تعليم وعمل المرأة عنصراً أساسياً في نمو الأمم.

نقلا عن الرياض