معزوفة عزوف الشباب السعودي عن العمل

06/07/2014 2
د. أنور أبو العلا

أبدأ زاوية اليوم بخبرين احدهما من امريكا، والآخر من داخل المملكة. الخبر الاول سمعته اثناء كتابة هذا المقال على قناة Fox News (ثم قرأته في مواقع وكالات الانباء الآخرى) يقول ان العاملين في المطاعم السريعة (ماكدونالد، وبرقر كنق، وونديز، وآربيز، وكونتاكي تشيكن، والبيتزا بأنواعها) في امريكا وثلاثين دولة اخرى في انحاء العالم (من ضمنها الدار البيضاء بالمغرب) يتظاهرون للمطالبة برفع الحد الأدنى لأجورهم الى 15 دولارا (56.25 ريالا) في الساعة الواحدة.

أما الخبر من داخل المملكة فهو في الواقع مجموعة من أخبار مآسي حافلات نقل الركاب في الطرق الطويلة بين مدننا الرئيسية لا سيما طريق الدمام – الرياض – مكة المكرمة – المدينة المنورة. فعقب كل حادثة مميتة جماعية (وهي ما أكثرها) نسمع التصريحات بأن سبب الحادث الرئيس هو ارهاق السائق لعدم اعطائه الراحة الكافية فهو لا يكاد ينتهي من رحلة طويلة حتى يتم تكليفه برحلة طويلة اخرى.

من الخبرين المذكورين اعلاه يمكننا ان نسأل ماهو الاجر في الساعة (اكرر في الساعة) الذي تعطيه المطاعم السريعة لدينا عند عرضها شواغر لتشغيل العامل السعودي؟ ثم سؤال آخر ماهو اجر السائق في الساعة (الساعة ايضا) الذي تعرضه شركات النقل للسائق السعودي؟ علما ان متوسط أجر سائق اتوبيسات الركاب بين المدن في امريكا 21 دولارا (78.75 ريالا) في الساعة الواحدة.

قس على هذين السؤالين مستوى الاجور وساعات العمل في بقية الاعمال الاخرى التي يعرضها القطاع الخاص (حتى بعد اضافة نصف الراتب الذي تدفعه الموارد) على العاطلين السعوديين.

المفارقة الواضحة هنا ان القطاع الخاص في الدول الاخرى ليس فقط يدفع اجورا عادلة لعماله عن كل ساعة عمل بل ايضا يدفع ضرائب متصاعدة من ارباحه للحكومة. بينما القطاع الخاص لدينا يوصي بأن تتحمل الحكومة اجور من ترغب في توظيفهم لدى القطاع الخاص للقضاء على التستر.

من أغرب المعزوفات النشاز التي بدأ يعزفها القطاع الخاص ويرقص على قرعات طبول جوقتها بعض كتابنا الأشاوس (ناهيك عن بعض اعضاء مجلس الشورى) هي نغمة عزوف الشباب السعودي عن الأقبال على الوظائف الشاغرة التي يعرضها – بين الحين والحين – القطاع الخاص من غير ان يقولوا ماهو الأجر بالساعة وما هو نوع العمل ولا اين ومتى تم الاعلان عن هذه الوظائف.

أليس كان المفروض ان يسأل بعض كتابنا أنفسهم قبل ان ينساقوا وراء الاعلانات الصورية لماذا لا نجد هذا العزوف لدى الشباب عن الإقدام على العمل لدى ارامكو وسابك والبنوك رغم الجديّة في المواظبة على الدوام وانجاز العمل المطلوب منهم أداؤه.

نحن لسنا بحاجة الى قطاع خاص هش سينهار – لا محالة – بمجرد ان يجف حليب ثدي امه الحنون عند بلوغها سن اليأس وتضطر الى فطامه عن الرضاعة الاصطناعية.

للأسف الشديد جميع الحلول التي أوجدتها وزارة العمل لتشغيل العاطلين هي ليست حلولا بل هي مجرد اخفاء مؤقت يفاقم المشكلة لأنها تبرير لاستقدام عمال سخرة لا يجيدون الصنعة فتخرج من تحت اياديهم مشاريع اسمنت وحديد من برة هالله هالله ومن جوة يعلم الله.

نقلا عن الرياض