أهمية الاكتتابات الأولية في الأسواق المالية

24/06/2014 2
لؤي بديع بطاينة

شهد سوق الاكتتابات الأولية نشاطاً ملحوظاً في بعض الدول ومنها على الأخص المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان خلال الأشهر القليلة الماضية ومن المتوقع أن تشتد وتيرة الإصدارات الأولية في أسواق دول الإمارات وقطر خلال الأشهر القادمة وكذلك سيكون هنالك المزيد من الإصدارات الأولية أيضاً في سلطنة عُمان والسعودية.

الكل منا يعرف أهمية السوق الأولية والتي تُعتبر الدعامة الرئيسية لأي سوق مالي في أي دولة حيث يبدأ أي سوق مالي بالسوق الأولية (سوق الإصدار) كونها السوق التي تباع فيها الأوراق المالية لأول مرة إما عند تأسيس الشركة و/أو إدراجها (لشركات قائمة ومُغلقة).تٌعتبر السوق الأولية أحد أهم الموارد المالية لتمويل الشركات والمشاريع والحكومات أيضاً.

ولأهميته الكبيرة يقوم على الإشراف على هذا السوق مباشرة هيئات مُتخصصة وفرق فنية مؤهلة ومُدربة في الهيئات العامة لأسواق المال في كل دولة.

ويساهم نشاط سوق الإصدارات الأولية في تعزيز أداء الاقتصاد الوطني وأداء القطاعات الاقتصادية وتوظيف جزء من مدخرات المودعين في الدورة الاقتصادية بما يؤدي إلى توزيع الثروة وتوزيع مكاسب النمو والتنمية ورفع مستوى معيشة المستثمرين في الأسواق.

وتقوم أهمية الإصدارات الأولية بتقديمها لحلول تمويلية واستثمارية لعدد كبير جداً من الشركات (المُساهمة العامة والمُغلقة) من خلال طرح أدواتها الاستثمارية سواء كانت أدوات دين و/أو مُلكية وعلى اختلاف أنواعها وأحجامها وعملاتها وشروطها، والتي يجيزها القانون المحلي والدولي وبالتالي يتكون تلك الإصدارات أحد أهم الموارد المالية لتأسيس ودعم وتقوية الشركات والمؤسسات الحكومية والخاصة وأيضاً الصناديق التمويلية والاستثمارية مما سيُمكنها من القيام بدورها في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية وضمن الخطط والبرامج التنموية والتي وضعت من قبل الدولة والشركات نفسها وتقوم بتطبيقها.

ومن أهم العوامل التي تساهم في عودة النشاط إلى سوق الإصدارات الأولية انتعاش المؤشرات المالية للأسواق الثانوية، وفي مُقدمتها ارتفاع أحجام التداول والسيولة السهمية في الأسواق لمُدة زمنية مناسبة ومتواصلة لا تقل عن ستة أشهر لتُمَكِن وتُساعد وتُساند الأسواق المالية والصناديق والشركات الاستثمارية بتسويق وجذب الاستثمارات وخصوصاً الخارجية.

إن انتعاش الأسواق المالية بشقيها الأولي والثانوي سيؤدي بكل تأكيد إلى ارتفاع مستوى ومنسوب الثقة وتراجع مستويات المخاطر وعوامل الخوف والحذر والترقب التي سادت طيلة السنوات الأخيرة ومنذ الأزمة المالية العالمية في منتصف عام 2008.

إن الدور المهم والمنوط بالسوق الأولي يقوم على الدوام باعتباره أحد أهم الأسواق التي يلتقي بها المُدخرون والمودعون والمُستثمرون والصناديق التقاعدية (القطاعات المشهورة بالسيولة الفائضة) وطالبو التمويل والشراكة في العمل وآلية السوق الأولي من قيامه بدور تسهيل وتفعيل والإشراف على تلك التحويلات لرؤوس الأموال من إلى تلك الفئات إلى الفئات والشركات والتي تطلب التمويل وتشتهر على الدوام بتحقيق إما عجز وفجوات في التمويل و/أو تطلب وترغب باستقطاب مُستثمرين جدد وبمواصفات مُعينة من المككن لا بل ستساعدها على تحقيق خططها وبرامجها العملية من خلال توفير مصادر تمويلية جديدة لم تكن متوفرة لديها في السابق.

ومن المفيد ذكره بأن تلك الاستثمارات والتي تكون من خلال السوق الأولية هي استثمارات نقدية سيتم تحويلها لأدوات استثمارية (دين و/أو ملكية) لتمويل شركات ومؤسسات للاستثمارات المتوسطة والطويلة الأجل والذي بدوره سيخدم تحقيق أدوات وخطط وبرامج التنمية الاقتصادية الشاملة التي يرغبها الساسة والاقتصاديون والمراقبون.

وتقوم الدول ممثلة بوزارات التجارة والصناعة وهيئات أسواق المال والأسواق المالية بجهود كبيرة ومُثمرة لتنشيط السوق الأولية ودعوة واستقطاب الشركات وخصوصاً العائلية منها إلى التحول لشركات مُساهمة عامة وبيان أهمية التحول وفوائده وآثاره الإيجابية على المؤسسين والشركاء والسوق المالي وايضاً تعزيز القوة الاقتراضية والتمويلية لتلك الشركات من خلال تعزيز جدارتها المالية والائتمانية وذلك بعد دخول مُستثمرين جدد وإدراج أسهم تلك الشركات بالسوق الثانوي.

ولتعزيز دور الهيئات العامة لسوق المال ومُساعدتها في الإشراف والرقابة على السوق الأولية، قام المُشرع بإعطاء دور كبير ومهم ومفصلي وقانوني للهيئة العامة لسوق المال كمُنظم، ومُشرع، ومُراقب للسوق المالية بشقيها الأولي والثانوي ودفعها ودعمها للاهتمام بصياغة الأنظمة والتشريعات (وبالتعاون مع الجهات الحكومية الأخرى من وزارات ومؤسسات) التي تخدم وتسهل عمل مختلف الشركات المدرجة في السوق وحفظ حقوق المتعاملين في السوق المالية، كما نصت على ذلك لوائح وتنظيمات الهيئة.

كما أن من مهام الجهة الرقابية على سوق الأسهم التأكد من أن السوق مقيمة قريباً من قيمتها العادلة وأن الطروحات الأولية مقيمة بسعر عادل يضمن العدالة والشفافية والالتزام بتحقيق المعايير المهنية في أي تسعير وتقييم.

لذلك، فإن موافقة الهيئة العامة لسوق المال على تسعير مُعين لعملية طرح أولي مُقارنة بسعر آخر تنظر إليه الهيئة العامة لسوق المال هو من صلب مهام الهيئة ومن الأمور التي تستدعي التحقيق والتحري والدراسة والمُقارنة من جانب المراقبين والمحللين ومُديري الاستثمار والمحافظ الاستثمارية.

إن طرح أسهم الشركات والمؤسسات وإدراجها في الأسواق المالية بكل تأكيد سيساعدها ويساعد المؤسسين والإدارات التنفيذية في تلك الشركات على تعزيز وجودها ومتانتها المالية والتشغيلية وسيعمل على تهيئتها للمنافسة العالمية وتفعيل دورها لبناء اقتصاد أكثر قدرة على مواجهة التحديات وإيجاد فرص عمل جديدة.

ولأهمية الدور المنوط بالهيئة العامة لسوق المال في أي دولة بطريقة وكيفية ونوعية الإدراجات والأسعار والتقييمات التي تم الإعلان عنها وإنتهاجها، تقوم الهيئات العامة للأسواق في العادة بالطلب من مديري الإصدار باستخدام عدد من الطرق والأساليب والنماذج التحليلية لتقييم الأصول والأدوات المالية من أجل الوصول إلى سعر عادل لأصل مالي معين ومن ثم تقوم الهيئات بالتأكد بطريقة وأخرى من استخدام أفضل الطرق للتقييم والوصول إلى منهجية علمية ومالية ومهنية في تقييم تلك الأصول.

ومن المفيد ذكره أن سوق الاكتتابات الأولية يجب أن يقوم على ترويج واستقطاب وتوطين وتسويق الإصدارات للشركات الوطنية في السوق الأولية وعدم الحد منها من خلال الاكتفاء بطرحها والسماح بها للمواطنين و/أو لفئة معينة، ولكن يجب أيضاً العمل على عدد من الآليات والسياسات والتي من خلال تطبيقها سيساعد تلك الأسواق ومن ثم الدول للاستفادة من ادخارات وثروات واستثمارات الصناديق الاستثمارية والمُستثمرين والأيدي العاملة الأجنبية في إنعاش الاقتصاد الوطني وتحقيق المكاسب الاقتصادية بما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني والمُستثمرين والأفراد، ولكن يجب أيضاً التأكد من التوطين والمحافظة على تلك الأموال والاستثمارات وإبقائها داخل الدول الحاضنة لأطول فترة ممكنة والحد من التحويلات للأيدي العاملة الأجنبية الشهرية والتي وصلت لمستويات كبيرة من خلال وضع آلية استثمارية داخلية تستوعب المدخرات، بتوفير فرص للاستثمار لها، لأن الرغبة متوفرة لدى كثير من هؤلاءالمُستثمرين.

وفي النهاية لا بد من الأهمية بمكان بالإشارة إلى أنه هنالك عدد من القطاعات الاقتصادية غير مُمثلة بشركات في السوق المالي، ما يجعل السوق المالي العُماني غير عاكس لأداء القطاعات الاقتصادية كلها.

ومن هذه القطاعات السياحة (بأنواعها) والصحة الصناعات التعدينية والبتروكيماوية والعقارات والغاز والمصافي على رغم من الدور المهم الذي تلعبه في اقتصاد السلطنة.

نقلا عن عُمان