يعتبر الايثيلين الركيزة الاساسية لصناعة البتروكيماويات في العالم اجمع، ولقد استهلك العالم في عام 2012 م حوالي 129 مليون طن ايثيلين وسوف ينمو استهلاك العالم للايثيلين بحوالي 6 ملايين طن سنوياً بحسب (IHS)، وبذلك يتوقع ان يصل الطلب العالمي على الايثيلين الى حوالي 180 مليون طن في عام 2020م اي ان الانتاج العالمي يجب ان يرتفع بحوالي 40 مليون طن بحلول 2020م، وستكون معظم هذه الزيادة (70%) من نصيب الصين ودول الخليج العربي، اما الباقي فسيكون من نصيب امريكا الشمالىة، ويتأثر انتاج الايثيلين كثيرا بمدى وجود اللقيم المناسب وهو اما النافثا المشتق من النفط الخام او سوائل الغاز الطبيعي مثل الايثان والبروبان،
ولقد دخلت امريكا حالىاً عصر الغاز الصخري مع الارتفاع الكبير في انتاج الغاز الطبيعي الصخري وسوائله، وترتب على هذا الانتاج الاعلان عن نية امريكا تصدير حوالي 65 مليون طن من الغاز المسال سنوياً لتصبح بذلك دولة رئيسية في تصدير الغاز الطبيعي الى جانب كل من قطر واسترليا ومالىزيا، ولكن من اهم مزايا هذا الغاز الصخري وجود سوائل الغاز الطبيعي في بعض الحقول بكثرة، اذ وصلت نسبة هذه السوائل في حقول مرسيليوس الصخرية الى حوالي 16% ايثان و5% بروبان من اجمالي الانتاج، ولذلك يتوقع ان يرتفع انتاج امريكا من هذه السوائل من 2،1 مليون برميل بالىوم في عام 2011م الى 3،1 مليون برميل بالىوم بحلول عام 2016م، وبذلك اصبحت الولايات المتحدة من اكبر منتجي سوائل الغاز الطبيعي بالعالم واصبحت مصدراً رئيسياً للبروبان والبيوتان، ولقد ادى هذا الوضع الى انتعاش الصناعات البتروكيماوية في امريكا ولاسيما ان هذه الصناعات تعتمد مباشرة على سوائل الغاز الطبيعي الذي يعطيها ميزة تنافسية تفوق المنافس التقليدي لقيم النافثا الذي يشهد ارتفاعاً في اسعاره ترافق ارتفاع اسعار النفط،
ولاستغلال ارتفاع انتاج سوائل الغاز الطبيعي في امريكا، اعلنت معظم الشركات البتروكيماوية الامريكية والعالمية نيتها اقامة مصانع لانتاج الايثيلين، وبحسب اخر المصادر يبدو ان الطاقة الانتاجية الاضافية تقترب من 12،5 مليون طن سنوياً من الايثيلين بحلول 2020م، ويذكر ان الطاقة العالمية الحالىة لانتاج الايثيلين 143 مليون طن سنوياً اما الطاقة الانتاجية الامريكية الحالىة فهي 28،1 مليون وهي اكبر طاقة في العالم تليها كل من الصين (13،6 مليون طن ) والمملكة (13،1مليون طن)، وبهذه التطورات المتلاحقة على الساحة الامريكية، ستصبح طاقة امريكا لانتاج الايثيلين بحدود 38 مليون طن بحلول 2020م.
ولقد تم الاعلان في الولايات المتحدة عن اقامة عشرة مصانع جديدة لانتاج الايثيلين، وتم الاعلان عن اخر ثلاثة مصانع في الفترة الممتدة من اخر ثلاثة شهور في العام المنصرم الى بدايات 2014م، حيث اعلنت شركة فرموزا التايوانية للبتروكيماويات في يناير من العام الحالي عن نيتها انشاء مصنعها الثاني لتكسير الايثان في ولاية لويزيانا وبطاقة 1،2 مليون طن سنوياً، ويعد هذا المصنع الثاني اذ ان المصنع الاول سوف يقام في ولاية تكساس وبطاقة تقدر بمليون طن ايثيلين سنوياً، ومن المقرر ان ينتهي العمل به بحلول 2017م، وهذا يدل على ان فرموزا تخطط لانتاج 2،2 مليون طن من الايثيلين بحلول 2020م، وفي شهر ديسمبر الماضي اعلنت شركة اكسيال الامريكية المتخصصة في انتاج البولي فينيال كلورايد عن نيتها اقامة مصنع لتكسير الايثان وبتكلفة 3 مليارات دولار وسيبدأ الانتاج بحلول 2018م وبطاقة تقدر بحوالي مليون طن ايثيلين سنوياً، واعلنت ايضاً بريكسيم البرازيلية عن نيتها الدخول في شراكة لانشاء مصنع لانتاج الايثيلين في غرب فرجينيا.
وباختصار، لقد تم الاعلان عن النية بإقامة عشرة مصانع جديدة لتكسير الايثان في الولايات المتحدة وبطاقة تقارب 11 مليون طن ايثيلين سنوياً، وفي نفس الوقت تخطط كثير من الشركات للقيام بتوسعات، حيث تم الانتهاء من بعضها وتصل طاقة التوسعات الى حوالي 1،5 مليون طن ايثيلين سنوياً، اما بالنسبة للمصانع الجديدة فيوجد ستة مصانع بدأت عمليات البناء والتشييد وهي لكل من شيفرون فيليبس واكسون وساسول وفرموزا للبلاستيك وداو كميكال واكسيدنيتال، وكل هذه المصانع سوف تقام في خليج المكسيك ما عدا ساسول سوف تقيم مصنعها في ولاية لويزيانا.
ولا شك ان كل هذه المصانع الجديدة والتوسعات في انتاج الايثيلين ومشتقاته مثل بلاستيك البولي ايثيلين سيؤدي الى نهضة مرتقبة للبتروكيماويات الامريكية، ولذلك فإن احد التقارير العالمية توقع ارتفاع عائدات صناعة البتروكيماويات الامريكية بحوالي 60 مليار دولار سنوياً بحلول 2020م؛ بسبب الاستغناء عن لقيم النافثا وبسبب الوفرة في انتاج الغاز الصخري وسوائل الغاز الطبيعي من تلك الصخور، وتتوقع كثير من الشركات الاستشارية ان يساهم انتاج الغاز الصخري والزيت الصخري والتوسعات في الصناعة البتروكيماوية في امريكا بتوفير حوالي 120 الف فرصة عمل.
ويمكن القول إن المخططات المعلنة الى الان لصناعة البتروكيماويات في امريكا هو اضافة حوالي 12،5 مليون طن ايثيلين في عام 2020م، وربما اكثر مع توالي الاعلانات من الشركات الامريكية والشركات العالمية غير الامريكية مثل شل وبريكسيم وفرموزا وساسول وتوتال وباسف وغيرهم، وبدون ادنى شك فان الطاقة الانتاجية الكبيرة والمرتقبة قد اصابت صناعة البتروكيماويات العالمية بحيرة وترقب وتوجس، فمن الصعوبة توقع انعكاس هذا النمو الكبير بإنتاج البولي ايثيلين الامريكي على الاسواق العالمية مع نمو الطلب العالمي، ولذلك فقد اوقفت شركة نوفا الكندية مخططها لاقامة توسعة لانتاجها من بلاستيك البولي ايثيلين حتى تتضح الرؤية، ولا شك ان معظم الشركات البتروكيماوية ستترقب تأثير هذه الاضافة ومن الصعوبة ان يتجرأ احد في اوروبا او الىابان او كوريا الجنوبية على الاعلان عن اية نية لاقامة مصانع لانتاج الايثيلين، بل على العكس سنشهد هجرة من اسيا واوربا الى امريكا.
في الختام، يبدو ان توالي الاحداث في امريكا قد اجبر الجميع على الانتظار والترقب لما بعد العاصفة عندما يصبح هذا الانتاج في الاسواق وذلك حوالي 2020م، ومن المؤكد ان الاسواق ستتقاعل بطريقة معينة مع هذه الامدادات الجديدة ولا بد ان تتأثر الاسعار مع الزيادة الكبيرة في العرض، الاكيد ان بعض المنتجين سيتأثر اكثر من البعض الاخر وسوف نشهد اغلاقات كثيرة لمصانع عالمية وبدون ادنى شك سيكون الاوروبيون والىابانيون اول المتضررين، ولكن يبقى السؤال الاهم، هل فعلاً تستطيع ان تنتج امريكا كل هذه الكميات من الايثيلين من لقيم الايثان المنتج من الغاز الصخري؟ وكم هي المدة التي يمكنها الاستمرار بمستوى هذا الانتاج؟.
نقلا عن جريدة اليوم
هناك ملاحظة، امريكا في اعتقادي لاتصدر مواد خام فهي تعرف قيمتها الناتجة عن الصناعات التحويلية.
امريكا تصدر غاز البروبان ووافقت على تصدير الغاز الطبيعى المسال. وهذه التطورات جاءت بسبب النهضة الكبيرة بانتاج الغاز الصخرى.