طلب العرب على الكهرباء: آفاق الزيادة وتداعياتها

23/03/2014 0
وليد خدوري

تفيد معطيات وكالة الطاقة الدولية بأن قطاع الكهرباء سيمثل أكثر من نصف الزيادة العالمية للطاقة حتى عام 2035. وتشير في تقريرها السنوي لعام 2013 حول «استشراف مستقبل الطاقة العالمي»، إلى ان الدول النامية والناشئة ستستحوذ على معظم الزيادة المتوقعة.

وستكون حصة الصين من هذه الزيادة نحو 30 في المئة، والهند 13 في المئة، وجنوب شرقي آسيا نحو 8 في المئة، والشرق الأوسط نحو 6 في المئة.

وتتوقع الوكالة أن تضيف طاقة المحطات الكهربائية المزمع تشييدها طاقة كهربائية جديدة بنحو 9.76 تيراوات في 2035، مع الأخذ في الاعتبار أن إنتاج نحو 1.94 تيراوات من الطاقة سيتوقف في محطات متقادمة خلال هذه الفترة.

ويتوقع استثمار نحو 17 تريليون دولار لتوليد الطاقة الكهربائية الجديدة عالمياً خلال 2013 - 2025، علماً بأن تشييد محطات سيكلف نحو 58 في المئة من المجمل، أما بقية التكاليف فستغطي نفقات محطات التوصيل وشبكات التوزيع.

أما بالنسبة إلى الشرق الأوسط، فتتوقع الوكالة إنتاج طاقة كهربائية جديدة بنحو 281 جيغاوات خلال 2013 - 2035، علماً بأن إنتاج نحو 69 جيغاوات سيتوقف في محطات متقادمة.

وتتوقع الوكالة استخدام الغاز الطبيعي لتوليد 153 جيغاوات من الطاقة الكهربائية الجديدة في الشرق الأوسط، بينما سيُحرق نفط في المحطات مباشرة لتوليد 31 جيغاوات، وسيولَّد 26 جيغاوات من طاقة الرياح، و46 جيغاوات من الطاقة الشمسية، و7 جيغاوات من الطاقة النووية. وتشيد الإمارات حالياً اثنين من أربعة مفاعلات لهذا الغرض. وتدرس السعودية توليد الكهرباء من الطاقة النووية.

يحذر هشام الخطيب، الخبير العربي في قطاع الكهرباء، من الزيادة العالية والسريعة للطلب على الكهرباء في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

فهذه المعدلات تزداد نحو 6 - 8 في المئة سنوياً في وقت يرتفع فيه معدل الطلب العالمي على الكهرباء سنوياً نحو 2.3 في المئة. وتتوقع «الشركة العربية للاستثمارات البترولية العربية» (أبيكورب) ان يزداد معدل الطلب السنوي على الكهرباء في دول المنطقة بنحو 8.4 في المئة خلال الفترة 2014 - 2018.

ويتساءل الخطيب عن أسباب هذه الزيادة السنوية في دول المنطقة التي تفوق المعدلات العالمية بكثير. ويذكر أن من المتعارف عليه أن يؤدي النمو الاقتصادي وزيادة عدد السكان إلى ارتفاع الطلب على الكهرباء. أما في الدول العربية، فنجد أن معدل النمو الاقتصادي السنوي يتراوح ما بين 3 - 4 في المئة سنويا، وهو لا يختلف كثيراً عن زيادة النمو الاقتصادي السنوي العالمي.

ويشير الخطيب إلى أن معدل زيادة عدد السكان السنوي عربياً أعلى من المعدل العالمي. ويضيف أن الاقتصاد وديموغرافية السكان لا يقدمان إجابات مقنعة لزيادة نسبة استهلاك الكهرباء عربياً، فمعظم الزيادة في استهلاك الكهرباء هي في المنازل والعمارات السكنية، ما يعني أن دور المصانع في الطلب أقل نسبياً من الاستهلاك المنزلي أو أن زيادة الاستهلاك الكهربائي عربياً تعود إلى زيادة الرفاهية المعيشية للسكان وارتفاع مستواهم الاجتماعي، وليس بالضرورة النمو الصناعي للبلاد.

ما هي الأسباب وراء الارتفاع العالي للطلب على الكهرباء إقليمياً في غياب نهضة صناعية؟ تعزى الأسباب إلى عوامل، أهمها الدعم الحكومي لمستهلكي الكهرباء في كل أقطار المنطقة وان بدرجات متفاوتة، فثمة دول توفر الكهرباء لمواطنيها مجاناً تقريباً. وسياسة الدعم هذه يصاحبها غياب للبرامج التثقيفية لترشيد الاستهلاك، وهذا أمر غير مستغرب إذ يصعب إقناع المواطن بالحفاظ على الطاقة في وقت يحصل فيه عليها بأسعار منخفضة نسبياً. فالدعم يؤدي إلى الإسراف في استهلاك الطاقة. ويعتبر مسؤولون وخبراء عرب أن الدعم من الأخطار الرئيسة التي تواجه قطاع الكهرباء.

وتؤدي الزيادة المرتفعة سنوياً لاستهلاك الكهرباء إلى استثمارات باهظة الثمن، واستهلاك كميات كبيرة من الوقود إذ تضطر بعض الدول العربية ذات الاحتياطات النفطية المحدودة إلى استيراد المنتجات النفطية وزيادة العبء على الميزان التجاري للبلاد، وكذلك إلى زيادة الانبعاثات المضرة للبيئة وصحة المواطنين.

وأدت الحروب الإقليمية والداخلية إلى تفاقم أوضاع القطاع الكهربائي في أكثر من دولة عربية. وتعددت الأسباب وراء انقطاع الكهرباء في الدول العربية إذ أهملت مؤسسات الكهرباء تشييد محطات جديدة لتلبية الطلب المتزايد. ونُسفت محطات كثيرة أو خُرِّبت في النزاعات العسكرية. ولم تتوافر الاستثمارات الكافية لإصلاح ما هو موجود أو لتشييد محطات وشبكات جديدة.

واستشرى الفساد في قطاع الكهرباء، حاله حال بقية القطاعات الاقتصادية، وفي أكثر من دولة عربية. واعتمدت بعض الدول على استيراد الغاز الطبيعي من دول عربية مجاورة، إلا أن هذه الدول قطعت الإمدادات فجأة. وهناك سوء الإدارة، إذ نجد أن بعض الدول النفطية الكبيرة تواجه انقطاعات كبيرة خلال فصل الصيف سنة تلو السنة، من دون التخطيط أو التهيؤ لذروة الاستعمال في الصيف.

وهناك الفوضى العارمة في بعض الدول حيث لا تستطيع مؤسسات الكهرباء جني الاشتراكات الشهرية. وبالإضافة إلى هذه العوامل السلبية، هناك جمود واضح في تحديث قطاع الكهرباء، أكان ذلك من خلال مشاركة القطاع الخاص الحكومات في الاستثمار في توليد الكهرباء والتوزيع وتطوير الشبكات وجني الفواتير الشهرية.

واضح في ضوء المعلومات أعلاه وفي ضوء تراكم المشاكل السياسية العربية، والتوقعات بالازدياد المطرد في استهلاك الكهرباء، أننا مقبلون على فترات حرجة مستقبلاً، إذ ستتفاقم مشكلة الكهرباء.

نقلا عن جريدة الحياة