جامعة الملك سعود تحتاج ذاك الرجل

29/01/2014 16
مازن السديري

لمجرد العداوات الشخصية ومحاربة النجاح للأسف لم تفهم فكرة مشروع سيارة "غزال 1" في ثقافة شرهة للتهميش والاحتقار، وهم لا ينظرون إلى العالم وهو يكن أيضاً احتقاراً لنا بأننا بلد فقير بدون هذا النفط، وأن ناتج اقتصادنا قد يكون أقل من إنتاج حارة في تايوان، كيف لا ونحن نحارب أي محاولة للتطور حتى إن صاحبها خطأ قابل للمعالجة لو كان هناك بيئة إيجابية للفهم والاستيعاب.

في وسط أقلام وصراخ أصوات متوترة ضد الدكتور عبدالله العثمان لم تناقش قضية سيارة "غزال 1" بعقلانية وحيادية حتى استضاف الأستاذ علي العلياني في "برنامج يا هلا" الدكتور أحمد العامري وكيل الدراسات والبحث في جامعة الملك سعود والكاتب الأستاذ أمجد المنيف وجميعهم الحقيقة أثروا الموضوع.

الدكتور العامري أكد تصوري بأن الجامعة قامت بالتصميم الخارجي والداخلي باستثناء المحرك والشاصيه وتمثيل التجارب النظرية "المماثلة الإحصائية simulation" وتدريب الطلبة، ونالت الجامعة براءة الاختراع.. غزال يا إخوان لم تكن كذبة؛ ولكن محاولة شبه ناجحة اعترتها أخطاء ولم يعترها فساد، وقد ذكر بأن المشروع مُوّل عبر الذراع الاستثماري للجامعة ورأس مالها 100 مليون وليس المليارات التي نسمع عنها، وإن كانت الجامعة تتحمل خطأ عدم التوضيح.

الفكرة من توطين صناعة السيارات عبر مشروع غزال كان يوجد فيه بعدان؛ الأول هو على المدى القريب عبر ترشيد الاستيراد لتحسين الميزان التجاري السعودي "ما نصدره ناقص ما نستورده" للحفاظ على كفاءة ميزان تجاري مستقبلا أكثر كفاءة مع تذبذب أسعار النفط، والدليل أن تصميم السيارة كان يعتمد بحوالي 68% على منتجات سابك المنتجة محليا وقابلة للزيادة مع تطوير سابك للبلاستيكيات الذكية كبديل للمعادن التي تستوردها المملكة.. والبعد الثاني إمكانية الترشيد المستقبلي للاستهلاك النفطي والانبعاث الكربوني.. قد يتساءل البعض بأن المحرك لم يكن مصمماً في الجامعة.. أقول له هذا ليس عيبا في الصناعة، والدليل بأن طائرات "بوينغ" تصمم وتصنع محركاتها من قبل "روز رويز" و"جنرال إلكتريك" ولكن حسب المواصفات المطلوبة لتوفير الخبرة والمجهود وممكن توطينها مستقبلاً ، ولا أنسى تقليص التضخم عبر طرح غزال بأسعار منخفضة قياساً بمتوسط أسعار السيارات.

من الناحية الأخرى أعني الأستاذ أمجد المنيف كان محقا عندما طالب الجامعة بثقافة التواصل والدقة في القضايا العامة، سنوات مرّت على المشروع لم توضحه الجامعة إلا بعد قضية "ترخيص السيارة" مؤخراً، وأوضح المنيف بأن تصاريح الجامعة مرّت عبر وكالة "واس"، وأنا أضيف أنه لا عيب بأن تتم صناعة نموذج "غزال 1" في الخارج طالما التصاميم نُفذت في الجامعة.. وقد طرحت دراسة اقتصادية من "شركة جاكوار" لأن تكتفي بالتصاميم ويتم التصنيع لدى مصانع لا تمتلكها، ولكن العيب عدم التوضيح والدقة والاندفاع بالتصريحات عن موعد طرحها بالأسواق.

أخيراً هذه الأخطاء التي صاحبت مشروع غزال بسيطة وقابلة للمعالجة، وفكرة السيارة كانت لأهداف اقتصادية تمس المواطن من حيث طرح منتجات بتكاليف ميسرة، وكانت مهمة للاقتصاد الكلي من حيث ترشيد الاستيراد لتوفير العملات الأجنبية في حالة اهتزاز أسعار البترول، إضافة لخلق فرص وظيفية في المجتمع، هل مات مشروع "غزال".. لا ليس بعد.. ولكنه يحتضر؛ خصوصاً وأنا أشعر بأن إدارة الجامعة مرتبكة وخجولة ولا تعرف تبرر ما هي تفعل، والكثير منه لا غبار عليه، ومشروع غزال نفسه بأخطائه فإن إيجابياته للجامعة أكثر من سلبياته، الحقيقة أشعر بأن من جاؤوا بعد العثمان موظفين حكوميين لا يملكون طموحه وأي "مزمار" يخيفهم.

غزال والجامعة بحاجة لرجل من خارج الجامعة والمجتمع الأكاديمي بالتحديد من بيئة الاستثمار البحثي، يعرف لغة التواصل ودقتها ولا يعرف الحجج "هذه مشكلة الوزارة كذا وهذه صلاحيات تلك الجهة".. ولا يخشى "المزامير" بل يحطّمها بثقته ويعرف جلب شريك أجنبي للخبرة وامتلاك شبكة تسويق عالمية ويعرف إقناع صناديق الدولة بجودة الاستثمار ليعيد فرحة خادم الحرمين بذاك الغزال.. فهكذا يفعل الأقوياء.

نقلا عن جريدة الرياض