لن تفيد ضريبة الأراضي البيضاء.. وهذا هو الحل

18/12/2013 41
مازن السديري

يتساءل الكثير من الإخوة عن فكرة فرض ضريبة على الأراضي البيضاء والتي يراها الكثير إحدى الوسائل التي سوف تساعد على انخفاض أسعار الأراضي وزيادة توفرها.. وأنا حقيقة أختلف مع الإخوة أصحاب وجهة النظر هذه ولست أيضا أرى أن مشروع الوحدات السكنية المقدمة من الدولة وأيضا فكرة (أرض وقرض) سوف تكون الحل.. وأتساءل في مقالي هذا عن الحلول المقدمة من وزارة الإسكان، وأرى أن هناك حلولا يمكن تقديمها على المدى البعيد والقريب.

قبل الدخول في نقاش النقاط المطروحة في المقدمة هناك معلومات أحب ذكرها وهي:

أولاً: أن 50% من المواطنين السعوديين والأجانب يتمركزون بين منطقتي الرياض ومكة المكرمة، وإذا أضفنا المنطقة الشرقية فإن النسبة ترتفع إلى 65% (حسب بيانات هيئة الإحصات العامة).

ثانياً: تعيش المملكة طفرة اقتصادية بسبب كمية وأسعار البترول التي ساهمت في زيادة مستوى الميزان التجاري والتي انعكست على زيادة الإنفاق الحكومي وبالتحديد مشاريع البنية التحتية، وكان الكثير منها في المناطق الرئيسية حيث يكون المواطنون.

ثالثاً: نما الناتج المحلي بمعدل مركب وصل إلى 11.6% منذ العام 2006 إلى العام 2012 (حسب بيانات وزارة الاقتصاد).

رابعاً: صاحب الطفرة الوظيفية زيادة القوة العاملة السعودية بحوالي مليون شخص خلال الست السنوات الأخيرة.

وأخيراً: أن التزايد السكاني السعودي سنويا يقدر بحدود 400 ألف مواطن.

من هذه المعطيات المذكورة يبين النمو السكاني والاقتصادي، وبالتالي تنامي زيادة الطلب في المناطق الرئيسية، والتي يتمركز فيها أغلب المواطنين، والتي خلقت قاعدة طلب عقارية قوية ومتنوعة من سكنية وتجارية ومكتبية لذلك وجود رسوم على الأراضي البيضاء في تقديري سوف يخلق إعادة هيكلة، ولكن دون تصحيح للأسعار، بمعنى سوف يخرج أصحاب الأراضي المدخرين من الموظفين وغير التجار المحترفين من السوق ويزداد نصيب المستثمرين المحترفين الذين يعرفون القيم العادلة للأراض ويعرفون المحافظة عليها.. ولو ننظر إلى مدن أخرى مثل لندن أو باريس فإن زيادة الضرائب السكنية لم تمنع أبدا زيادة الأسعار، بل بالعكس زادتها، حيث يرحلون تكلفة الضريبة إلى سعر العقار وذلك بفضل قاعدة طلب قوية في هذه المدن، وأيضا تلجأ هذه الدول مثل فرنسا لزيادة الضرائب العقارية في المدن الرئيسية لزيادة خزينة الدولة في مواجهة عجز الميزانية لأنها تعلم بأن انعكاسات ذلك سوف تمتصها السوق من شركات وأثرياء حول العالم يكون جراء ذلك زيادة نزوح الطبقة الوسطى إلى الضواحي الرخيصة أو الانتقال إلى مدينة أخرى.

أيضا فكرة (أرض وقرض)؛ فالسؤال هو: أين الأرض؟ حتى أغلب المشاريع السكنية التي تنوي القيام بها وزارة الإسكان كانت خارج المدن الرئيسية، والسبب شح الأراضي فيها.. وأما (القرض) فإن قدرة الدولة على الإقراض محدودة وغير قادرة على مواجهة الطلب المتنامي.. وتزيد الأعباء إذا نظرنا بشكل استراتيجي؛ مع العلم أن أكبر نسبة للقروض الحكومية هى لصندوق التنمية العقاري والذي يصل إلى 38% من مجموع القروض المقدمة في نهاية عام 2011.

السؤال الجوهري والهدف الأساسي هو تنظيم سوق العرض والطلب عبر حلول طويلة الأمد وحلول أخرى قصيرة الأمد بعد أن تقوم وزارة الإسكان بطلب تأسيس مجلس أعلى للقضية لربط جميع أجهزة الدولة وتوحيد السياسات، وألا نكرر أخطاء وزارة العمل في السابق حيث لم تكن مرتبطة مع بقية الأجهزة، والحلول الطويلة هي صنع إستراتيجية تساعد على إعادة التوزيع الديموغرافي للمواطنين عبر زيادة فرص العمل في المناطق الأخرى، وتحفيز من شاء الانتقال، وتقليص الرسوم على الشركات التي تزيد فرص عملها هناك.. وأضيف تنشيط الاستثمار في الموارد الطبيعية وغيرها في تلك المناطق.. وهذه تتطلب سنوات سوف يرافقها تحسن منطقي وتدريجي، ولكن الحلول القصيرة هي بعض التعديلات التشريعية من تقليص نسبة المرافق المطلوبة من المطورين التنازل عنها حيث تصل إلى نسبة 45% من مجموع المخطط مما يضغط على المطور ويلجأ لزيادة أسعار ما تبقى له من الأراضي بمعدل 80% لتعويض ما خسره كمرافق ليتحمل المواطنون هذه الزيادة بدون حساب التكاليف الأخرى التي تفرضها أيضا الأمانة على المطور مثل الإزفلت والحدائق والمياه وأخيرا الخطوات البيروقراطية الطويلة والمملة.

أتمنى أن تسعى وزارة الإسكان لتأسيس المجلس الأعلى للإسكان لكي تجعل جميع الأجهزة تساهم في بناء نظام يساعد على زيادة العرض عبر تنظيم التشريعات، وإعادة تنظيم الطلب في مناطق المملكة عبر استراتيجية موحدة.

نقلا عن جريدة الرياض