أرامكو السعودية .. سابقا

14/11/2013 2
محمد الجلواح

كانت أعمال وأنشطة شركة أرامكو حتى منتصف الثمانينيات الميلادية المنصرمة، تُدار بأيدٍ سعودية بحتة (سوى بعض الأعمال القيادية العليا)، ابتداء من أعمال الصيانة صغيرها، وكبيرها ومختلف أنواعها، مرورا بأعمال التشجير، والزراعة، والنظافة (بما فيها حتى نظافة دورات المياه ) أعزكم الله، وكذلك الأعمال المكتبية، وتشغيل وصيانة حقول ومعامل الزيت والغاز، والخدمات الصحية، والترفيهية، والإعلامية وغيرها.

كانت كلها تقوم بشكل أساس على أيدٍ سعودية من مختلف مناطق ومدن المملكة، وبخاصة من الأحساء والقطيف، والرياض، حيث كانت سبب رزق وفير لهم، وذلك منذ انطلاق أرامكو قبل نحو 80 عاما، وفي المقابل كانت الأيدي(غير السعودية) محدودة العدد بسبب التخصص والعمل والدائرة، فنجد من السعوديين العاملين الطباخ، والخباز، والسباك، والكهربائي والصباغ والحداد، والنجار، والبناء، والمهندس، والمعلم، ووو، بل وجدناهم حتى في مصنع الثلج الخاص بالشركة.

ويتحدث أحد متقاعديها: إن الموظف كان يتعامل مع عمله وإدارته بروح التـّمَلـّك أي يشعر أن هذا العمل هو له وحده، وكان إذا قابل مشكلة فنية أو إدارية .. يحاول بكل ما يستطيع أن يتعامل معها في حلها وكأنها مشكلته الشخصية، قبل أن يلجأ إلى المسؤول، حتى أن أحدهم والحديث ما زال للأخ المتقاعد استغرق في إصلاح قطعة لاحدى آلات ضخ الغاز أكثر من 3 أيام، وهو يحاول أن يصلحها بيده دون أن يفكر في تغييرها، لأنه يعتبرها ملكه، وهو لا يريد أن يحمل الشركة عبء ثمن قطعة جديدة (فلربما تصلح)، ويوفر على شركته ذلك، رغم توفر قطعة جديدة في مستودع الشركة.

بهذه الروح العملية والوطنية، والشعور بمسؤولية وأمانة العمل .. كان المواطن (السعودي)، وغيره كثير في حقبته .. يتعامل، ويعمل، ويتعلم في ( أرامكو).

وبصراحة فإن الأمر اختلف الآن اختلافا كبيرا، فما أن تحدث مشكلة صغيرة حتى يتم إصلاحها.. ولكن.. بوقت أطول، وتكلفة أعلى، وجودة أقل، وبأيدٍ غير سعودية في الغالب.

وبكلمات تقريرية مباشرة فإن الشركة حينما (كانت) تساهم في بناء الإنسان السعودي .. أخرجت لنا جيلا حضاريا (أرامكويا) مميزا  في السلوك والعمل واللغة والشكل والجوهر.

وحينما تقلص اهتمامها به (بحسب ما يراه الكثير من المتابعين لحالة الشركة)، واتجهت في ذلك إلى البدائل الأخرى من أيد غير سعودية بشريا، وبدائل آلية، كانت النتائج ما نراه اليوم.

 صحيح أن الشركة تقدم برامج توعوية وفكرية وترفيهية في عدد من مناطق المملكة بين حين وحين، وآخر ذلك برنامجها الحالي (إثراء المعرفة) بمدينة الظهران لكنها اليوم، لم تعد تلك الشركة الوطنية السعودية التي كانت حاضرة في كل الميادين والمدن وفي كل المؤسسات العامة والخاصة, بل اكتسى ثوبها البهي الكثير من الغبار(البيروقراطي)، و(التنظيري).

هذا ما يراه البعض في المجالس الخاصة، فإن كانوا على صواب .. كانوا، وكانت الشركة ، وإلا ّ.. فقد يدخل ذلك في إطار المثل المعروف (لا دخان من غير نار).

نقلا عن جريدة اليوم