تجار العقار يضحكون

13/11/2013 10
مازن السديري

 تجار العقار ينظرون إلى الاقتصاديين وهم يضحكون مستمتعين بالحلول التي يطرحونها والتي لن تغير أسعار العقارات بل بالعكس قد تساعد على زيادتها من رسوم على الأراضي البيضاء أو المطالبة برفع الرواتب أو زيادة الشريحة التي يمكن إقراضها من المواطنين، فجميع هذه الأفكار سوف تزيد حجم الطلب على الأراضي وهذا هو مربط الفرس للحفاظ على تزايد الأسعار وهو الهدف الذي يسعى لتحقيقه أي تاجر عقاري حتى الوحدات السكنية والتي تعمل الدولة على إنشائها فهدفها هو مساعدة الطبقة الفقيرة التي ليس لها أي وزن أصلا في السوق العقاري.

حافظت أسعار العقارات على مستواها الذي يراه البعض مبالغا برغم أن 23% من المواطنين السعوديين هم في سوق العمل وبالتالي فرص الإقراض العقاري محدودة لأغلب المواطنين مع العلم بأن ليس جميع القوى العاملة السعودية تعتبر مخاطر إقراضها منخفضة، تخيل لو كان حجم القوى العاملة السعودية يماثل المتوسط العالمي بحدود 50% وفي أنظمة نقدية أكثر سماحية لقبول المخاطر فكيف سوف يزداد حجم الطلب والأسعار.

يرى الكثيرون بأن ارتفاع الأسعار مؤخرا هو شكل من أشكال المضاربة، سؤال لماذا اعتبرت كذلك؟ أوضح بأن لا يفهم من كلامي بأني متأكد بأنها لم تكن مضاربية ولكن لا يوجد تقييم واضح يثبت ذلك وبالتحديد بين المدن الكبرى (الرياض، جدة، مكة، الخبر، الدمام، والأحساء) وأيضا داخل حاراتها، العقار مؤشر اقتصادي كبير لمعرفة أي نمو اقتصادي في أي بلد ولا يوجد أي اقتصادي في العالم يختلف بأن أي بلد ترتفع فيه الاستثمارات أو الإنفاقات الحكومية ترتفع أسعار عقاره بشكل متصاعد.

النشاط العقاري ليس كيانا منفصلاً عن (الجسد) الاقتصادي العام فكلما زاد النشاط الاقتصادي يتضاعف الطلب على المكاتب وكلما ارتفعت القدرة الشرائية زاد الطلب على الأسواق ونزح الكثير نحو المناطق المزدهرة وبالتالي زاد الطلب على المساكن، والمكاتب والأسواق والمساكن وهي جميعها أنشطة عقارية وما نعانيه في العقار هي مشكلة هيكلية يكفي أن أقول لك بأن 50% من السكان هم بين الرياض ومنطقة مكة المكرمة، هذا بالتأكيد توزيع ديمغرافي غير صحي ويضغط على أسعار العقارات بينما في جمهورية فرنسا مثلا - التي يعاب في تخطيطها بالمركزية - ومع ذلك عدد سكان منطقة (إيل دي فرانس) والتي تشمل العاصمة الفرنسية باريس لا يشكل إلا 3.3% فقط من سكان الجمهورية ولو أضفنا كثافة المناطق الأربع التي تليها وهو (مارسيليا، تولوز، نيس، ليون) فإن النسبة لن تصل 7% من كثافة السكان.

أضيف ان النشاط الاستثماري الخاص متركز في المناطق المكتظة والدليل 79% من نفايات منطقة الرياض هي نفايات عمرانية برغم من تعدادها السكاني الكبير والذي يشكل 25% من سكان المملكة.

كما أن المشكلة هيكلية فإن الحل لابد أن يكون هيكليا ولابد من طرح استراتيجية إعادة توزيع ديمغرافي ليكون هو العلاج، مع احترامي لفكرة رسوم على الأراضي البيضاء فهي ستضر المستثمر الصغير وليس التاجر الأساسي والذي يسعده مثل هذا القرار ويكون نتيجته خروج الموظفين المدخرين لأسرهم بقطع أراض صغيرة لن يستطيعوا مواجهة الرسوم بها وزياد حصة التاجر الكبير لأنه هو القادر على مواجهة الرسوم وهو من يعرف جيدا قيمة هذه الأصول والمحافظة على أسعارها.



نقلا عن جريدة الرياض