هل اقترب الخليج من الوحدة الاقتصادية؟

31/10/2013 5
عامر ذياب التميمي

منذ قيام مجلس التعاون الخليجي في أبو ظبي يوم 25 أيار (مايو) 1981، وُقِّع العديد من الاتفاقات الاقتصادية، وكان من أهمها اتفاق الوحدة الاقتصادية الموقع في 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 1981.

وأكد الاتفاق أهمية تسهيل التبادل التجاري بين دول الخليج، خصوصاً بالنسبة إلى السلع المصنعة أو المنتجة في هذه البلدان، وتحديد حد أدنى للرسوم الجمركية والعمل لحماية المنتجات الخليجية من المنافسة التي تأتي من السلع والمنتجات المستوردة من بلدان من خارج المنطقة.

وأكد الاتفاق حرية مواطني الخليج في التنقل والعمل والإقامة في أي من البلدان الخليجية وحقوقهم في التملك وممارسة النشاطات الاقتصادية المتنوعة، مشدداً على ضرورة تطوير السياسات والبرامج الاقتصادية بما يساهم في التكامل الاقتصادي داخل منظومة المجلس.

وطالب الاتفاق حكومات البلدان الأعضاء بتوحيد الأنظمة والقوانين المتعلقة بالنشاطات الاقتصادية والشركات والمؤسسات العاملة في مختلف القطاعات، مشدداً على ضرورة توزيع النشاطات والأعمال في بلدان الخليج بموجب معايير الميزات النسبية والجدوى الاقتصادية.

ويُذكر أن الاتفاق انطوى على مواد ونصوص تتعلق بالتنقل والاتصالات وتشير إلى أهمية توحيد الأنظمة في شأنها، ناهيك عن تأكيد تسهيل الأعمال المصرفية والمالية التي تقوم بها المؤسسات المالية والمصارف بصرف النظر عن انتمائها إلى أي من بلدان الخليج.

وبعد هذا الاتفاق، وُقِّع العديد من الاتفاقات الاقتصادية المهمة والأساسية ومنها اتفاقات الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة والوحدة النقدية.

ولا شك في أن الاتفاقات اللاحقة تستلهم ما ورد في اتفاق الوحدة الاقتصادية وتحدد شروط العمل في مختلف المجالات بما يؤدي إلى تحقيق أهداف الوحدة الاقتصادية.

وأُنجِز كثير من العمل للوصول إلى الأهداف، إلا أن هناك شوطاً طويلاً يجب قطعه من خلال الجهد الدائب والعزيمة والإرادة حتى يمكن الزعم بأن الدول الست أصبحت على درب الوحدة الاقتصادية.

وحض اتفاق الاتحاد الجمركي على تحديد نقطة دخول موحدة في بلدان الخليج كلها لأي سلعة أو منتج قادم من خارج هذه البلدان وعلى فرض رسوم جمركية على هذه السلعة أو المنتج عند تلك النقطة تسهيلاً للانتقال إلى أي من دول المنطقة.

وحدد الاتفاق فرض رسوم جمركية موحدة على السلع والبضائع والمنتجات المستوردة من الخارج بنسبة خمسة في المئة من قيمة المستورد.

ويفترض أن هذا الاتفاق، بموجب قرارات قادة دول الخليج، أصبح قيد التنفيذ اعتباراً من كانون الثاني (يناير) 2003.

لكن حتى الاتفاق المتعلق بالاتحاد الجمركي لا يزال بعيداً من التطبيق المتوافق مع المبادئ التي وردت فيه، ولذلك أكدت الأمانة العامة لمجلس التعاون أن المشاكل والعقبات التي تحول دون التطبيق السلس ستُعالَج حتى 2015، عندما يُفترَض أن يصبح الاتفاق نافذاً في شكل كامل.

وهناك اتفاق لا يقل أهمية هو اتفاق الوحدة النقدية الذي كان مقرراً بدء العمل به في 1 كانون الثاني 2010، بيد أن الخلافات في شأنه عطلت التنفيذ.

فالإمارات وعُمان أكدتا رغبتهما في الانسحاب من الاتفاق، وبذلك أصبح مقتصراً على أربع دول هي السعودية والبحرين وقطر والكويت.

واتُّخِذت إجراءات لتنفيذ اتفاق على إقامة مصرف مركزي موحد يكون مقره في الرياض، وتشكلت لجان وفرق عمل لمتابعة الأعمال التي ستؤدي إلى تحقيق الوحدة النقدية وإصدار العملة الخليجية الموحدة.

وأوضح الاتفاق أهمية التوافق على سياسات مالية تتسق مع أهداف الاستقرار النقدي وتساهم في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية لبلدان المنطقة.

ولا يختلف الاتفاق في بنوده عن اتفاق الوحدة النقدية الأوروبية، خصوصاً في ما يتعلق بالأعمال المصرفية وتسهيل عمليات التسويات المالية بين المؤسسات والأفراد بموجب نظام مصرفي موحد.

ولا تزال عملية الوحدة النقدية بعيدة من التحقيق رغم الأعمال والإجراءات المتخذة حتى الآن.

كذلك دفعت مشاكل الديون السيادية التي ظهرت خلال السنتين الأخيرتين في منطقة اليورو الخليجيين إلى التأني ومحاولة الاستفادة من التجربة الأوروبية قبل الإقلاع بالوحدة النقدية الخاصة بهم.

تمثّل دول الخليج قوة اقتصادية مهمة إذ يُقدَّر الناتج المحلي الإجمالي للبلدان الستة بـ 1.4 تريليون دولار فيما لا يزيد عدد السكان عن 42 مليون شخص، ومنهم نسبة كبيرة من الوافدين.

وهناك أيضاً قدرة شرائية مهمة، ما يعزز إمكانات الاستيراد والتعامل التجاري مع مختلف البلدان.

وتمثّل بلدان الخليج أهم البلدان المنتجة والمصدرة للنفط والغاز، فهي تنتج ما يزيد عن 25 مليون برميل يومياً وما يزيد عن 45 بليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، ويمثل إنتاج بلدان المنطقة 30 في المئة من الإنتاج العالمي من النفط و15 في المئة من إنتاج الغاز.

وتضم دول الخليج 750 بليون برميل من النفط تمثل 54 في المئة من احتياط العالم و75 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي تمثل 40 في المئة من احتياط العالم.

وتستلزم هذه الإمكانات الاقتصادية الطبيعية توافر الإرادة السياسية والإدارة الاقتصادية الملائمة وتسخير القدرات الحيوية من خلال منظومة اقتصادية موحدة بما يؤهلها للتعامل على أسس موضوعية ومواتية لمصالح بلدان المنطقة وشعوبها.

ويبرِز ذلك أهمية تذليل كل العقبات التي تحول دون تنفيذ ما جرى التوافق في شأنه من أجل تحقيق الوحدة الاقتصادية.

نقلا عن جريدة الحياة