قراءة في سوق العمل السعودي

09/10/2013 5
مازن السديري

صدرت نتائج المسح الشامل لعدد العاطلين السعوديين والذين يقدر عددهم بحوالي 629 ألف فرد وهو ما يعادل 12% من نسبة السعوديين القادرين على العمل وما يعادل 5.7% من مجموع القوة العاملة "في حالة احتساب الأجانب"، كانت نتائج هذا المسح قد صدرت في تاريخ الخامس من أكتوبر في هذا العام، بما أن الدراسة حديثة فهناك عدة أسئلة، فهل التوظيف اعتمد على القطاع العام أي بديوان الخدمة المدنية (هل الدولة كانت خلقت فرصاً وظيفية) وكم نسبة السعوديين بشكل عام الذين يعملون في الدولة لحجم القوة العاملة السعودية بشكل عام ونفس الأسئلة أيضاً تدور حول القطاع الخاص وأضيف هل خلق الفرص في القطاع العام لدى الدولة له أثر سلبي أو إيجابي على القطاع الخاص ويسحب منه الكوادر المهنية وهل النمو في القطاع الخاص وهمي أو حقيقي.

وللإجابة عن هذه الأسئلة لابد من توضيح عدة معلومات خاطئة، أجدها تشاع للأسف بين بعض الكتاب والصحف بشكل عام وهي غير صحيحة، أولا معدل النمو الاقتصادي السعودي منذ عام 2006 و 2012 أعلى من النمو السكاني، فمعدل النمو الناتج المحلي الاسمي يساوي 11.6% والحقيقي يعادل 6.5% بينما النمو السكاني يعادل 3.2% بما يشمل الأجانب، وللنظر لنمو السكان بشكل أكثر تفصيلاً فإن نمو السعوديين 2.3% والأجانب 5.3% و كلتا النسبتين بالنسبة لنمو السعوديين والأجانب أقل من النمو الاقتصادي سواء الاسمي أوالحقيقي وهذا مؤشر جداً إيجابي وصحي (حسب إحصائيات وزارة الاقتصاد).

ثانياً أن نسبة السعوديين الذين يعملون في الدولة ويتبعون لديوان الخدمة المدنية هم 20% فقط من مجموع القوة العاملة السعودية و إذا تم احتساب هذه النسبة بدون احتساب العاطلين تكون %23 وللأسف الاعتقاد الشائع هو أن الدولة تشغل حوالي 90%، من مجموع القوة العاملة السعودية، وهذا اعتقاد غير صحيح، ولكن الصحيح أن نسبة السعوديين الذين يعملون في الدولة هي 93% من مجموع موظفي ديوان الخدمة المدنية (حسب أرقام ديوان الخدمة المدنية و زارة الاقتصاد).

وبالنظر في نمو الفرص الوظيفية بالنسبة للقطاعين العام والخاص فإن القطاع العام شهد طفرة وظيفية بخلق قرابة 300 ألف وظيفة خلال عام 2012 والسبب في ذلك يعود بشكل مباشر لإعادة الهيكلة في دوائر الدولة و زيادة عدد المثبتين وظهور أجهزة جديدة في الدولة مثل وزارة الإسكان وهيئة مكافحة الفساد وكذلك استحداث وظائف جديدة في الوزارات بعد سنوات طويلة من الترشيد وكان الخوف أن يكون ظهور الفرص الحكومية على حساب نمو فرص وظيفية في القطاع الخاص وهذا ممكن الحصول إذا كانت الفرص الوظيفية للدولة تنافس الفرص الوظيفية للقطاع الخاص مثل التدريس، كان و لايزال الخريجون من التخصصات الأدبية يفضلون العمل لدى الدولة بدلاً عن القطاع الخاص ولكن كما ذكرنا كانت فرص العمل الحكومية نتائج إعادة الهيكلة وظهور أجهزة جديدة، فلم تأثر على النمو الوظيفي بالنسبة للقطاع الخاص.

المعيار الأساسي للنمو الوظيفي هوالقطاع الخاص والذي يعكس النمو العام، وعند النظر للقطاع الخاص فإن معدل النمو المركب للفرص الوظيفية للسعوديين بشكل عام منذ العام 2009 و حتى الآن بلغ 18.5% ونسبة النمو للذكور خلال نفس الفترة 13% أما للإناث فإن النسبة مفاجأة حيث بلغت 64% وهذا ما يعكس أن النمو بالنسبة للفرص الوظيفية للمرأة السعودية نتاج إصلاح تشريعي أكثر من أن يكون نتاج نمو اقتصادي وهذا لا يلغي أن النمو الاقتصادي موجود حيث نما موظفو القطاع الخاص بشكل عام ( يشمل السعوديين وغير السعوديين) بمعدل 7.2% بينما نمو الأجانب كان قليلا نسبيا حيث كان 5.8% للذكور و 7.2 % للإناث.

أما عن متوسط الرواتب للسعوديين فقد نما بمعدل 19% كنسبة مركبة في القطاع الخاص، وهذا ما يشير إلى أن السعودة في القطاع الخاص كانت حقيقية حيث إن معدل الرواتب للسعوديين ارتفع من 2800 ريال في عام 2009 إلى 4800 ريال في عام 2012، قد يكون متوسط الرواتب لا يزال منخفضاً نسبيا و لكنه يتحسن وهذه إشارة إلى أن النمو لم يكن وهمياً كما يصور البعض وأن نمو الوظائف في القطاع الحكومي كان إيجابياً وتفاعل بنمو موازٍ في القطاع الخاص أما الأجانب فلا يزال متوسط رواتبهم أقل ألف ريال وهذا ما يؤشر بأن أغلبهم من عمال الخدمات وهم يشكلون النسبة العالية لذلك نسبة السعوديين في القطاع الخاص لا تصل 14% لكنها في تعمق وازدياد إيجابي (حسب إحصائيات وزارة العمل).

أخيراً يبين أن واقع سوق العمل تطور حيث كان 70% من العاطلين الذكور من غير الحاملين للشهادات الجامعية ولقد انخفضت هذه النسبة إلى 54% أما الجامعيون هم 15% من العاطلين وهذا ما يطرح استفاهماً وأغلبهم 46% بين 20-24 سنة أي صغار وبدون شهادات برغم الطفرة التعليمية صغر من ناحية أخرى صغر سنهم مشجع لعودتهم لصفوف الدراسة، عموماً التطور الإيجابي الأخير يطرح آفاقاً أخرى حول تحسن متوسط رواتب القطاع الخاص مستقبلاً والتطور النوعي المطلوب في سوق العمل.

نقلا عن جريدة الرياض