ايها الساده ...انها الولايات المتحدة الامريكية

06/10/2013 11
سهل حجازي

تُطالعنا الوسائل الاعلامية على إختلاف توجهاتها وميولها السياسية والاقتصادية  مع اقتراب الموعد النهائي لرفع سقف الدين الامريكي يوم السابع عشر من إكتوبر 2013 وتقديرات الدين الامريكي والذي يبلغ حسب تقديرات مجلس الميزانية بالكونجرس ما يقارب 73% من الناتج المحلي الاجمالي لكبرى القوى الاقتصادية العظمى .

أود ان اوجز للقارئ الكريم الكثير من المعطيات لنظام الحكم السياسي وعناصر القوة الاقتصادية لكبرى الاقتصاديات العظمى في العالم وبتجرد بحت – ليتمكن من خلالها القارئ من إتخاذ كافة القرارات المالية والاستثمارية وخصوصاً مع التداخلات السوقية للنظام الاقتصادي المعولم خلال هذه الفترة من تضارب التحليلات وفشل المشرعين الامريكيين في الاتفاق على رفع سقف الدين الامريكي لغاية هذه اللحظة، والتي ما فتأت تتربع على عرش الاقتصاد العالمي بلا منازع  :

اولا" : نظام الحكم للولايات المتحدة الامريكية : 

جمهوري إتحادي فيدرالي يعتمد على السلطات الثلاث ( التنفيذية، والتشريعية والقضائية ) - والذي يعد من افضل الانظمة الديمقراطية في العالم .

*السلطة التنفيذية : متمثلة بالرئيس ونائبه ومعاونيه ويتم إنتخاب الرئيس لفترة رئاسية مدتها اربعة سنوات، وقد يعاد إنتخابه لفتره اربعة اعوام اخرى وهي اقصى مده له في هذا المنصب.

*السلطة التشريعية : يمثلها الكونجرس (مجلس الشيوخ : ويتم انتخابهم لمده ستة اعوام وقد يعاد انتخابهم لفترات اخرى. ومجلس النواب : يمثلون كافة الولايات المتحدة الامريكية ، ويتم إنتخابهم وفقاً للنسب التصويتية المقررة لكل ولاية ) .

*السلطة القضائية : تمثلها المحكمة العليا The U.S. Supreme Court وتقوم بالفصل في القوانين وتعتبر اداة رقابية للفصل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وتتكون من تسعة اعضاء يتم إختيارهم بواسطة رئيس الدولة وموافقة الكونجرس مدى الحياة). 

ان هذه التركيبة الفريدة لنظام الحكم السياسي يجعل من نظام الحكم مؤسساتي \و مرونه ديمقراطية كبيرة يهدف الى خدمة ابناء الولايات جميعاً بدون تميز أو تحزب وصولاً الى رفاهية الفرد والمجتمع معاً.

ثانياً : النفوذ العالمي وقدرتها على ابرام التحالفات الاستراتيجية : تعتبر الولايات المتحدة الامريكية عضواً اساسياً ومن الاعضاء الدائمين في مجلس الامم المتحدة ( لها حق الفيتو في المجلس )، ومجموعة الثماني ومجموعة العشرين ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية – ناهيك عن التحالفات والتكتلات والتجمعات العالمية الاخرى ( لا مجال الان لذكرها )وهي بذلك تُشكل نموذجاً ضاغطاً وفريداً على المستوى السياسي والاقتصادي على حدا سواء ، والذي يجعل من هذه الدولة انموذجاً يحتذى في المرونة السياسية والاقتصادية معاً .

ثالثاً : الاقتصاد : تمتلك الولايات المتحدة اقتصاداً رأسمالياً مرناً يقوم على وفرة الموارد الطبيعية والبنية التحتية والانتاجية العالية جداً.

ويتمتع الاقتصاد الامريكي بالكثير من عوامل القوة والنجاح  ليتربع على عرش أقوى واكبر القوى الاقتصادية حول العالم وعلى الرغم من المطبات الاقتصادية الامريكية  للاعوام(1929، 1943 ، 1967 ، 1973 ، و1983 ) الى الازمة المالية الخاصة بالرهون العقارية عام 2008 ، والتي اذكت الثقة بهذا الاقتصاد على الرغم من الازمات المتلاحقة والتي طورت أيضاً من المخزون  المعرفي التراكمي لهذا الاقتصاد واضاءت عناصر القوة لهذا الاقتصاد مع مرور الزمن،نستذكر منها:

الاستقرار السياسي التي تتمتع به الولايات المتحدة الامريكية جعلها قبلة الاعمال والاستثمارات العالمية الاولى بدون منازع .

يشكل إجمالي الناتج المحلي للولايات المتحدة 14.87 تريليون دولار والذي يعادل 24 % من الناتج المحلي العالمي والذي يعد أكبر ناتج محلي إجمالي على مستوى العالم .

يشكل الدولار عملة الاحتياط الاولى بالعالم، والتي لا زالت حتى وقتنا الحاضر تُعبر عن مستوى الثقة في هذا الاقتصاد للتبادل التجاري ومعظم العمليات التجارية العالمية الهامة ( عملة التسعير لكافة السلع والمعادن الثمينة تتم بالدولار الامريكي).

اضف الى ذلك فأن الولايات المتحدة لا تغطي عملتها بما يعادلها ذهباً (تستطيع ان تطبع كميات ضخمة من الدولارات )،  علماً بأن سعر الذهب (أونصة الذهب ) تحدد حسب سعر البورصة وتُقيم بالدولار.

حجم الاستثمارات العالمية الداخلة والتي تُضخ في شرايين الاقتصاد الامريكي في كل دقيقة والتي تتخذ من الولايات المتحدة الملاذ الامن لزيادة عوائدها واستثماراتها .

الاهتمام برأس المال البشري- والتركيز على التعليم والاهتمام بالقوى الشابة المتعلمة والموهوبه عن طريق صرف الهبات والمنح وتوفير الكثير من سبل الدعم والتشجيع والاهتمام بأليات البحث والتطوير : فقد احتلت الجامعات الامريكية ومراكزها البحثية على افضل مراكز التعليم والبحث العلمي على مستوى العالم – على سبيل المثال: هارفارد وستانفورد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وغيرها الكثير - والتي اصبحت منار لاثراء الحضارة والمعرفة الانسانية .

التصنيف المتقدم للولايات المتحدة على مستوى العالم في إنفاذ عقود الاعمال المبرمة ،ومتوسط التكلفة كنسبة لكل لكل قضية مرفوعة باقل من 14,4 %، بالاضافة الى الوقت اللازم للنزاع داخل المحاكم الامريكية والذي لا يزيد عن 300 يوم فقط والذي يعد من افضل الارقام العالمية في عالم الاعمال.

القدرة على الابداع والابتكار لدى الفرد والشركات الامريكية معاً : لقد بلغت براءات الاختراع الامريكية مئات الالوف من الاختراعات الموثقة والتي تعد من اعلى النسب العالمية ، بالاضافة الى قدرة الشركات الامريكية  على الابتكار ( جنرال الكتريك، فورد، بوينج، بيبسي كولا، ابل .....الخ )، والذي جعل من علاماتها التجارية الاغلى سعراً عالمياً.

الاسواق الائتمانية الامريكية – والمتمثلة بالسندات الامريكية Government bonds( ومخاطرها الصفرية ) والتي استطاعت جذب اكبر الصناديق السيادية الخليجية ( السعودية والقطرية والاماراتية ) ، ناهيك عن الكثير من الصناديق السيادية الكبرى حول العالم وعلى راسها الصين – والتي تعتبر من اكبر المستثمرين والمدخرين في هذه السندات بمئات المليارات الدولارية. 

طفرة الطاقة المتوقعة للنفط الصخري الامريكي ومخزونه الضخم والذي سيؤمن للولايات المتحدة الكثير من فرص العمل وما هو متوقع لانخفاض فاتورة الطاقة عام 2035 بحدود 7% ، بالاضافة الى التقارير الواردة لوكالة الطاقة الامريكية الى ان الولايات المتحدة ستحقق المراكز الاولى عالمياً للغاز المسال عام 2016. 

تنافسية قطاع الصناعات التحويلية الامريكي والذي احدث نقلة نوعية خلال السنوات الاخيرة من خلال التوسعات الضخمة والاستثمارات المتعددة .

واخيراً فأنني اعتقد جازماً بأن المشرعين الامريكيون سيتوصلون الى قناعة معينة قبل الموعد النهائي لرفع سقف الدين ، وقد بدا ذلك واضحاً من خلال ارتفاع الاسواق الامريكية خلال تداولات يوم الجمعة حيث اغلق مؤشر الداو جونز مرتفعاً بـ 76 نقطة عند 15072 ، وصعد مؤشر الناسداك بـ 33 نقطة عند 3807 – بالاضافة الى التصريحات المُسربة لصحيفة "نيويورك تايمز" لرئيس مجلس النواب الامريكي " جون بينر" بانه لن يسمح بتخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها حيث قام بدعوة الرئيس الامريكي " وزعيم الاغلبية بمجلس الشيوخ "هاري ريد" للتفاوض للوصول الى إتفاق قبل الموعد المحدد.