أسواق الأسهم كسمعة المرأة

27/09/2013 9
عبدالله الجعيثن

من الأمثال عابرة القارات بين الأمم «رأس مال التاجر سمعته» يتردد هذا المثل بمختلف الصيغ واللغات ولكن معناه واحد.

وسوق الأسهم تجارة.. وتجارة عالمية هائلة.. احتلت أماكن متقدمة في التجارة الدولية ولا تزال تكتسح المساحات وتكسب المزيد من العمق والاتساع، وفيها - أي أسواق الأسهم - تنطوي معظم أنواع التجارة المعروفة كالعقار والصرافة والخدمات والصناعة التي يتحول منتجها لتجارة وكذلك المنتج الزراعي والتأميني وغير ذلك.. أسواق الأسهم تحتوي أهم النشاطات الاقتصادية التي تهم الأمم وتثري من المجتمعات..

ومثل أي تجارة أخرى.. يظل رأس مال سوق الأسهم الحقيقي هو (سمعتها).. ويصبح للتشبيه أن تقارن (سمعة أسواق الأسهم) (بسمعة المرأة).. فإذا كانت سمعتها شريفة مشرفة تنافس عليها أفضل الخطاب وتسابق إليها أفضل الشباب..

أما حين تحوم حول سمعتها الشبهات - حقاً كان ذلك أم اشاعات - فإنها تؤثر في مستقبلها بشكل عنيف.. المرأة والسوق معاً..

وبما ان أسواق الأسهم مظنة للتلاعب والتدليس والتغرير.. فقد وضعت الدول أنظمة صارمة وتشريعات واضحة تحمي أسواقها من كل ما يشوه سمعتها ويضر بمصداقيتها وأوقعت أشد العقوبات لمن يثبت أنه مارس تلك الممارسات المشينة وغرر بالمتداولين ولدينا في المملكة تتضمن لوائح هيئة السوق المالية أنظمة رادعة لكل من يغش أو يغرر بالمتداولين أو يدلس مع عقوبات رادعة لمن يثبت عليه ذلك، لكن في مجال التطبيق لا يزال نظام تداول غير قادر بدقة على كشف عمليات التزوير والتدليس وإعطاء انطباع غير حقيقي للمتداولين عن ارتفاع سهم بغرض التغرير بهم والبيع عليهم (تسمين البطة لذبحها)..

ونأمل أنه في (نظام تداول) المطور الجديد ما يمكنه من كشف المتلاعبين والمدلسين والذين يعطون المتداولين انطباعاً خادعاً عن ارتفاع سهم - عن طريق التدوير بين المجموعة المنتفعة - للفت الانتباه إليه والبيع على المتداولين بأعلى الأسعار ثم الهرب من السهم وقد تحقق الغرض وربح المغررون الكثير وتعلق المغرر بهم فوق مشنوقين..

نأمل من (نظام تداول) الجديد ان يكتشف عمليات التدليس بكل أنواعها فور وقوعها بحيث تلغى الصفقات التي تمت على السهم الذي جرى التدليس حوله تلغى في اليوم التالي وتعاد الأموال للمغرر بهم والأسهم لمن قاموا بالتغرير ثم يجري التحقيق وفرض الغرامات الرادعة حسب النظام.

أما مجرد فرض الغرامات على المدلسين بعد زمن طويل ودون إلغاء الصفقات فإنه لا يحمي المغرر بهم والذين خسروا الكثير بسبب ذلك وقد يقال ان النظام يتيح لهم رفع قضايا على من غرر بهم ولكن الإعلان فيه لا يتم إلاّ بعد زمن طويل وقد فقدت المعالم..

لابد من نظام ذكي يكشف التلاعب في وقته ويرعب المتلاعبين ويحمي المغرر بهم بإلغاء الصفقات التي تم فيها التلاعب في نفس اليوم أو في اليوم التالي قبل ان تنتقل الأسهم بين عدد كبير من الأشخاص وتتعقد الأمور.

إن هذا من أهم الأمور التي تحافظ على سمعة سوق الأسهم.. وسمعة السوق هي رأس ماله الحقيقي.