الصناعة المحلية والحمائية

26/08/2013 0
سعيد بن زقر

تنمية الصناعة الوطنية من أهم أهداف خطط التنمية الاقتصادية في المملكة في مراحلها المختلفة، ويشكل الدعم الرسمي آلية مهمة في استمرارية نجاحها والنهوض بها، واعتبر القطاع الصناعي وتنميته من أولويات خطط التنمية المختلفة، والهدف الرئيس من ذلك تنويع صادرات المملكة والتقليل من مخاطر الاعتماد على منتج واحد وهو النفط. لقد أفاد الدعم الرسمي في مراحله الممتدة التصنيع المحلي، ويحمد له نقل منشآت صناعية صغيرة من الهامشي لتصبح نماذج للنجاح، والإسهام بقدر لا بأس به في الناتج المحلي الإجمالي لاقتصاد المملكة، ويمكن الإشارة للصناعات البتروكيماوية كدليل على ذلك. ولذلك لم تنعكس إيجابيات الدعم الرسمي على الصناعة المحلية فقط بل أسهمت في تنمية الكوادر الوطنية وأكسبتها المهارات عبر الاحتكاك بخبرات عالمية مكّنت كثيرًا من الكوادر الوطنية من التنافس المهني وأحيانا التفوق.

وبناء على ذلك أرى أن الإعفاء الجمركي والضريبي أدى دوره الإيجابي في السابق، ويستدعي الوقت الراهن التفكير بأسلوب مختلف لتوظيف دعم القطاع العام للتصنيع بآليات متجددة تدعم تنوع الصناعات، وتؤدي لحماية مستقبلها التنافسي، وإن أمكن القفز بالقطاع الصناعي عموما نحو آفاق جديدة. والأسلوب المختلف يتحقق من خلال شراكة حقيقية بين القطاعين الصناعيين «العام والخاص» وفق خطة بمدى زمني متوسط وبعيد، ورغم أن هذه الخطوة من اهتمامات خطط التنمية والقطاع العام، ومن أولويات هيئات التخطيط الاقتصادي المختلفة، إلا أن الشراكة بهذا التوجه ستضيف قيمة للتصنيع والاقتصاد الوطني، حيث يمكن للقطاع العام أن يسهم بنسب معقولة في استثمار مختلط بينه والقطاع الخاص، وينشئ شراكات صناعية، وتدار بأسلوب القطاع الخاص على أن تكون من أهدافها تلبية الطلب المحلي من منتجات بعض الصناعات، وسد النقص في الميول الاستهلاكية للمواطنين، وينتهي الاستثمار بعد أن يتأكد القطاع العام من اعتماد المصنع على نفسه، حيث يمكنه أن يتخلص من شراكته ببيع أسهمه للجمهور أو تحويلها لصالح مؤسسة التأمينات الاجتماعية على أن تضخ الأخيرة هذه الموارد مرة أخرى في المجال الصناعي.

إن الشراكة تستدعيها مقدرة القطاع العام على توفير التمويل وامتلاكه لآليات سبر غور الميل الاستهلاكي للمواطنين، كما أن أي شراكة بين القطاعين العام والخاص تحقق هدفا اقتصاديا يهم القطاع الحكومي ويعود بالنفع على القطاع الصناعي ولا شك في أن بعض المصانع المحلية خطت خطوات لا بأس بها في توطين الوظائف؛ حيث رفع بعضها نسبة توظيف الشباب السعودي إلى 50 % وهي لا تحتاج لتحفيز لأن توجهاتها تمت بمبادرات ذاتية وتلبية لخطط نابعة من قناعات إداراتها، ولأنها تهتم بجدوى توظيف المواطن السعودي في القطاع الخاص الصناعي، مع ذلك، المصانع التي قامت بهذه الخطوة يُحمد لها سعيها، ولكنها تعتبر استثناء على القاعدة، ولهذا تفعيل مقترح الشراكة سيشجع نسبة أكبر من القطاع الخاص الصناعي للإقبال على توظيف المزيد من الشباب، وإكسابهم المهارات المهنية اللازمة. وهذا يصيب عصفورين بحجر واحد، الأول: رفع نسب التوطين عبر إنفاق عام بعملة محلية مملوكة للحكومة، وهي غير مقيّدة بعملة هي مصدرها عدا الخشية من التضخم، والثاني: التأكد من نقل المعرفة والإمكانات والتقنية الصناعية للسعودي على عكس الجاري حاليا، فرغم وجود تنمية حقيقية ونمو في قطاع التصنيع، إلا أن (سر) الحرفة مع (الخواجة)، حيث في الغالب توكل للمواطن الوظائف المساندة.