مصر أغنى من السعودية.. ولكن

10/07/2013 10
مازن السديري

حفظ الله مصر فهي هبة النيل للعرب، رضي الله عن عمرو بن العاص الذي قراء عبقرية المكان لمصر قبل أن يكتبها جمال حمدان بأربعة عشر قرناً، مستقبل مصر يحدده المصريون وحدهم ونحن كسعوديين نؤيد اختيار الغالبية المصرية التي خرجت وقررت مصيرها والتي هنئها خادم الحرمين حفظه الله وهو يكأد للمصرين حبه وحب شعبه لمصر أفضل وأقوى، ساء الحال في مصر كثيراً فقد زادت ديون مصر إلى 48 مليار دولار بعد أن كانت 35 مليار دولار ووصول البطالة والعاطلين إلى 14% وللشباب 40% - أظن أن الرقم الحقيقي أعلى- وانخفاض الاحتياطي الأجنبي إلى 14 مليار دولار لبلد ميزانه التجاري سالب، وبالتالي يحتاج للعملة الصعبة لشراء الواردات إضافة لما أصبح ينغص أكثر من الانقطاع المتكرر للكهرباء والوقود.

الحقيقة تاريخ مصر الاقتصادي غير عادل لها فلم يكن حظ مصر بمستوى مواردها كبلد غني بالموارد الطبيعية من غاز ومعادن ومسطحات زراعية شاسعة وممتلكات من الآثار يقدر أنها تعادل ثلثين آثار العالم هي مصدر جذب لجميع سياح العالم بالإضافة للمناظر الطبيعية في شرق مصر وفي شبه جزيرة سيناء أو غرب مصر، وامتلاك مصر قدرات إنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة تفوق الدول العربية جميعاً سواءً من الحركة الهيدروليكية التي ينتجها نهر النيل أو الرياح، و الموقع الجغرافي لمصر والذي جعلها مصدر اهتمام الملاحة الدولية والقرب اللوجستي بين شرق العالم وغربه ولكن للأسف كل هذه المميزات لمصر يحرقها الفساد.

الفساد والذي هو نتيجة تراكمية لعقود طويلة من الظلم في توزيع الموارد ففي الزمن الملكي وخاصة عهد محمد علي والذي يحسب له ابتعاث الشباب إلى العالم قبل اليابان وكذلك تأسيس بنية تحتية لا تزال حتى الآن شاهد على إصلاحاته ولكن يحسب عليه إدخال مصر في حروب غير ذات جدوى سوى مجد شخصي له والإقطاع العام لأراضي مصر والذي ضيع طاقات الجيل الذي تعلم في عهده وأصبح ناقماً عليه، وتوالى الفساد في سلالته حتى بلغ الأمر بيع قناة السويس أحد أهم الموارد المصرية ثم أستشرى الفساد إلى عهد ملك ضعيف وطيب انهارت المملكة في عهده (للمعلومية أغلب السلالة من محمد علي إلى الملك فؤاد والد الملك فاروق لم تكن تتكلم اللغة العربية).

لحق الزمن الملكي الذي لم يكن يعيبه سوى الفساد الإداري ولكن يحسب له ارتفاع قدرات الفرد التعليمية وظهور حرية سمحت بظهور صحافة أصبحت على مستوى عالمي وحركة ثقافية أبهرت العالم ولكن نظام الجمهورية ضيع أغلب مكتسبات الزمن الملكي فقد تم تطبيق نظام اشتراكي لا يتناسب مع بنية الاقتصاد المصري بالإضافة إلى تطبيق نظام مصادرة للممتلكات والشركات وتحولت إلى عبئ في ما بعد على ميزانية الدولة وحكم بوليسي دمر الصحافة وسبب هجرة المثقفين، هاجر عبدالرحمن بدوي إلى سويسرا ثم باريس وطه حسين والعقاد اعتزلوا الحياة العامة و لدغهم الفقر أما توفيق الحكيم في كتابه (عودة الوعي) ونجيب محفوظ في مذكراته فقد لعنوا ذلك العهد وبالتحديد فترة الحكم الناصري وحملة الانحطاط التعليمي وعودة الأمية التعليمية للأسف حتى وصلت 45% من التعداد السكاني بعد أن حملت مصر الكريمة العالم العربي على كتفيها لتعليم شباب العرب، بالإضافة إلى وصول الفساد إلى مراحل لا تطاق.

بعد الجمهورية الأولى جاءت الجمهورية الثانية والتي للأسف كان للإخوان فرصة قيادتها ولو لم يكتب الأستاذ سليمان المنديل مقالة عن الإخوان لكتبته اليوم في محاولة استيلائهم للأبد على السلطة وتدمير الحركة الديمقراطية ولا ينبغي طاعتهم في كل الأمر كما أفتى بذلك فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله و طيب الله ثراه و لو مثلوا الإسلام لما كان هذا حالهم فخير الهدي هو هدي الله، لقد زاد الإخوان العبء المصري والآن مصر في منطقة حرجة وحربها الحقيقية هي الفساد الآن.

في خفة دم مصرية يقول لي صديق مصري اقتصادي إن مصر أغنى من السعودية فاستغربت فالناتج المحلي السعودي ضعف المصري فأجاب: إن مصر لا تزال تُسرق من عهد محمد علي حتى الآن و مع ذلك ناتجها المحلي يعادل نصف ناتج أكبر منتج نفطي.

نقلا عن جريدة الرياض