السعودية مصابة بالداء الهولندي

18/06/2013 10
مازن السديري

السعودية بلا شك مصابة بالمرض الهولندي، وهو تعبير يطلق على الدول التي يعتمد اقتصادها على المواد الخام مثل النفط أو الغاز أو المعادن وغيرها من الثروات الطبيعية، وكان سبب التسمية يعود لاعتماد الاقتصاد الهولندي على الثروات الطبيعية خلال مطلع القرن الماضي.

السعودية والتي تعاني من حالة مشابهة حيث يصل الدخل النفطي حوالي 78% من مجموع الدخل الحكومي لعام 2012 م، ويشكل أيضاً التصدير للنفط ومشتقاته 87% من مجموع الصادرات السعودية لعام 2011، من هذه الأرقام يتضح الارتباط الوثيق والاعتماد على النفط في اقتصادنا المحلي حيث يشكل 34% من حجم الناتج المحلي و31% من الناتج المحلي بشكل غير مباشر بفضل الإنفاق الحكومي الذي ما كان ليكون بدون امتلاك السعودية لقدرات إنتاجية نفطية بكميات عالية ليكون بذلك نسبة الاعتماد على النفط بشكل مباشر وغير مباشر 65% من الناتج المحلي.

ورغم ذلك يعد أكبر مستهلك للنفط في العالم هو الفرد السعودي حيث يشكل استهلاك المملكة اليومي مليونين وسبعمائة ألف برميل لعدد سكان يصل إلى 28 مليون نسمة (19 مليون مواطن و9 ملايين مقيم) وبأسعار زهيدة حيث يباع برميل النفط لإنتاج الكهرباء بحوالي دولارين فقط بينما متوسط السعر العالمي هو 95 دولارا ويستهلك يوميا حوالي سبعمائة ألف من أجل إنتاج الطاقة الكهربائية ويقدر أن تصل في الصيف إلى حوالي مليون برميل، أما عن وقود المركبات فيبلغ متوسط 18% من السعر العالمي.

أضع لك هذه الأرقام وأترك لك عزيزي القارئ حرية حساب الخسارة الاقتصادية جراء هذا الاستهلاك المحلي وأضيف للتذكر تطور مراكز البحث العالمية في عملية استخراج النفط والتي ترونها في الولايات المتحدة وانخفاض الاستيراد النفطي الذي تعمل عليه الولايات المتحدة والوصول إلى نقطة التعادل وهذا الخطر يزداد سنوياً حتى تطور الطاقات البديلة.

ففي هذا العام شوهد نمو غير مسبوق في تطوير الطاقة المتجددة الناتجة من الرياح في ولاية إنديانا إلى عشر جاجاوات وهو ما كان يستلزم عقداً من الزمان في بداية الألفية الحالية للوصول لنفس المستوى الإنتاجي الذي تحقق هذا العام.

طبعا ظهور الطاقات البديلة أو تطور تقنية استخراج النفط في مناطق أخرى خطر لا يمكن تجاهله لكن علينا بالواقعية بجزئيها حيث إن العلم يتطور ولا يمكن أن نقف في سبيل ذلك، ثانيا الارتباط الوثيق بين الاقتصاد السعودي والنفط لا يمكن التحرر منه في أقل من عقدين أو عقود، والأرقام المذكورة في مطلع المقال توضح مدى عمق الارتباط وصعوبة توفر بديل خلال سنوات معدودة..

لكن من جهة أخرى الخطر الأقرب والمتسارع والقابل للمعالجة هو في تضاعف الاستهلاك المحلي للنفط.

وللحد من وتيرة هذا الاستهلاك يجب أن تكون هناك خطوات جماعية من جميع المؤسسات الحكومية والاجتماعية

أولاً الحكومية من ناحية تنظيمية لابد أن تتحول وزارة البترول إلى وزارة الطاقة بما نحتاجه محليا وأن تمتلك قدرة فرض استيراد الأجهزة الكفؤ على الموردين من سيارات وأجهزة كهربائية..

ومتابعة مشروع الطاقة المتجددة الذي تقوم به مدينة الملك عبدالله للطاقة حول إنتاج 41 جيجا من الطاقة الشمسية وواحد وعشرين جيجا من الطاقة النووية وعند أي المراحل هو المشروع حاليا..

وتوفير البنية التحتية التي تساعد المواطن على ترشيد الاستهلاك مثل المواصلات العامة..

(مشروع الجسر البري استغرق سنوات للموافقة عليه).. وإذا أردنا تجاوز هذا التحدي فلا بد من تجاوز هذه العقبات الحكومية والبيروقراطية ليتجاوب المجتمع.

ثانيا المؤسسات الاجتماعية وأولها المسجد وأصحاب الفضيلة الشيوخ في حث المجتمع على ترشيد الطاقة بالإضافة للمؤسسات الإعلامية والثقافية لأن هذه ثروتنا جميعا أما ننميها معا، أو نضيّعها إن لم نحسن الصنع..

نقلا عن جريدة الرياض