هل حان الوقت لدعم الشركات المتعثرة في السوق السعودي

17/06/2013 9
سعيد معيض

تعتبر أسواق المال في العالم أحد الأدوات المهمة للاستثمار في كثير من الدول , وتعد قوة الشركات بهذه الأسواق ومدى ربحيتها عامل جذب مهم للمستثمرين , ولهذا يتهافت المستثمرون كبارا وصغارا على السوق لشراء الأسهم , وفي المملكة يعتبر سوق المال من أكبر أسواق المنطقة العربية من حيث السيولة المدارة وعدد الصفقات اليومية , وخلال تاريخ تداول الأسهم مرت هذه السوق بعدد من القرارات التطويرية منذ إنشائها حتى الآن من أجل زيادة كفاءة السوق وحماية المستثمرين , ولا زالت هيئة السوق المالية تعمل بشكل مستمر من أجل تطوير السوق وزيادة نضجه عبر إدخال عدد من المواد لنظام السوق لسد بعض الثغرات في الأنظمة السارية,وآخر هذه المواد ما نشرته الهيئة مؤخرا لاستطلاع رأي المساهمين فيه , ومن ضمن المواد ما اشتملت عليه هذه المواد من طرق لمعاملة الشركات الخاسرة في السوق وتصنيفها إلى شركات خسائرها بين 50%  إلى 75% وشركات خسائرها أكثر من 75% إلى 100% , وشركات خسائرها أكثر من 100% .

وإذا استثنينا شركات قطاع التأمين الخاسرة من مجموع الشركات الخاسرة في السوق لكونه قطاع حديث وشركاته لا تزال في بداياتها فإن عدد الشركات الخاسرة من القطاعات الأخرى محدودة بالنسبة إلى إجمالي عدد الشركات المدرجة في السوق .

وقبل اعتماد هذه المواد ونفاذها بعد دراستها واستطلاع أراء المتداولين الذين استطلعت أرائهم  نتساءل , هل يمكن للدولة أن تتدخل لصالح ملاك هذه الشركات من المواطنين بحيث لا يوجد شركة خاسرة في السوق عند سريان القرار , ومن ثم تمنح هذه الشركات فرصة جديدة لإثبات وجودها في السوق  , وفي حال تحول أي شركة مستقبلا إلى الخسارة يتم تطبيق النظام بحقها.

إن تدخل الدول المقتدرة ماليا في أسواقها المالية أمر مشهور ومعروف , وللتدليل على ذلك فقط فقد تدخلت دول أوربية وأمريكا في إنقاذ بنوك وشركات من الخسائر والإفلاس بطرق مختلفة , كما دعمت دول خليجية شركات خاسرة فعززت أصولها وتحولت إلى شركات رابحة ومن ذلك على سبيل المثال دعم قطر لشركة المواشي عندما قدمت لها دعم مباشر بمبلغ 41 مليون ريال لتغطية خسائرها فانعكس ذلك على وضع الشركة وتجاوزت مشاكلها المالية .

ومن المعلوم أن الشركة المساهمة العامة يمتلكها مجموعة كبيرة من المساهمين , وكلما ابتعدت الشركة عن الربحية قل فيها كبار المستثمرين وبالتالي أصبح ملاكها في الأغلب من صغار المستثمرين المتنقلين من شركة إلى أخرى بغية تحقيق ربح سريع بين سعر الشراء والبيع , ولا أدل على ذلك من أن عدد ملاك شركة بيشة يزيد عن 10 آلاف مساهم رغم أنها أصغر شركة في السوق من حيث عدد الأسهم ( 5 مليون سهم )

وبما أن أغلب المواطنين لديهم محافظ استثمارية ولديهم أسهم قليلة أو كثيرة في شركات متنوعة , وبحساب عدد ملاك الشركات الخاسرة بشكل مجمع فإن العدد ربما يكون بالملايين أو مئات الآلاف على أقل تقدير, ودعم هذه الشركات هو في الحقيقة دعم لفئة واسعة من الشعب اغلبهم من صغار المستثمرين حتى وإن كان عدد  أسهمهم قليلا فإن هذا العدد القليل لديهم يعثل الكثير بالنسبة لهم بالنظر إلى مستوى دخلهم , ومثل هذا الدعم ليس غريبا على الحكومة التي تدعم المواطن في مختلف المجالات , وتقف باستمرار إلى جانبه في جميع الظروف لا سيما أبناء الطبقة المتوسطة والفقيرة.

ومن الفوائد الأخرى لمثل هذا الدعم ما يتجاوز هذه الشركات إلى ما هو أكبر حيث تعزز الثقة في السوق المالية إجمالا, وحماية صغار المتداولين وهم أغلبية ملاك هذه الشركات , وترك انطباع جيد عن الوضع الاقتصادي للدولة أمام المستثمر المحلي والأجنبي , وإتاحة الفرصة مجددا أمام هذه الشركات للعمل والإنتاج والربحية خاصة وان بعض الشركات ليس لديها أصول أو مال عامل وبالتالي فمهما كانت الإدارة جيدة فلن تتمكن من فعل شيء لها ,كما أن البنوك ومراكز التمويل ترفض إقراض هذه الشركات .

إن المملكة تعد من الدول المالية القوية ولله الحمد , وفي السنوات الأخيرة تنعم المملكة بفوائض مالية يمكن أن يوجه جزء بسيط منها إلى هذه الشركات بحيث يخصص على سبيل المثال مليار واحد أو نحوه ويوزع على هذه الشركات , أما طريقة الدعم فهناك عدة طرق كالدعم المباشر بأن تعطى كل شركة مبلغ مالي كهبة من الدولة يغطي خسائرها , ويعتبر للشركة كربح استثنائي يرفع حقوق المساهمين وتستفيد منه الشركات في تسديد التزاماتها وإعادة تحريك عجلة نشاطاتها , ويمكن كذلك أن يكون هذا الدعم مقابل إصدار أسهم جديدة يتملكها صندوق الاستثمارات العامة للدولة  بما يضمن تغطية خسائرها وإعادة نشاطها من جديد بحيث لا يبيع الصندوق هذه الأسهم قبل فترة زمنية لا تقل عن 3 سنوات , كما يمنع كذلك كبار المستثمرين في هذه الشركات إن وجدوا من البيع قبل 3 سنوات كذلك , وبهذا تعطى شركات السوق فرص جديدة للعطاء , وفي حال تآكلت أصول أي شركة بعد هذا الدعم يطبق عليها النظام الجديد .