السبب وراء تحقيق الاسواق العالمية قمم جديدة.. و مقارنة مع السوق السعودي

16/06/2013 20
عبد السلام الدريبي

خلال الفترة الماضية شكك كثيرون في قدرة اسواق الاسهم الامريكية و الاوربية الاستمرار في الارتفاع، ولكن ما حدث هو ان هذه الاسواق استمرت بالارتفاع، و ليس هذا فقط بل كسرت معظم المؤشرات في هذه الاسواق القمم التاريخية التي سبق ان حققتها.

السؤال الذي يطرح نفسه هو ما سبب هذه الارتفاعات رغم ان معظم الاقتصادات العالمية تمر في حالة عدم استقرار او تباطؤ، والاقتصادات التي تنمو فهي تنمو بمعدل اقل من المعدلات الطبيعية لها؟

الجواب لهذا السؤال هو ان السبب الرئيسي للارتفاعات الحالية في اسواق الاسهم العالمية هو انخفاض معدل الفائدة الناتج عن التيسير الكمي الذي يقوم به البنك المركزي الامريكي و البنوك المركزية الاخرى حول العالم. 

انخفاض معدل الفائدة ادى الى نقطتين ايجابيتين لاسواق الاسهم:

1.انخفاض العائد على السندات ( سندات الخزينة الامريكية لمدة 10-سنوات)

2.انخفاض تكلفة الاقراض

فبالتالي انخفاض معدل الفائدة أدى إلى:

1-بحث المستثمرين في السندات الى فرص افضل لاستثماراتهم.

2-امكانية الحصول على قروض بنسبة فائدة متدنية، و استثمارها في الفرص الاستثمارية ذات العائد الاعلى.

و بما أن الاستثمار في سوق الأسهم يعتبر بديل للاستثمار في السندات مع الأخذ بالاعتبار اختلاف معدل المخاطرة، فإن المستثمرين طويلي المدى الذين يبحثون عن عوائد يجدون أن الاستثمار في سوق الأسهم أكثر جاذبية بالنسبة لهم من الاستثمار في السندات.

و قد يكون أكبر مثال على ذلك في سوق الأسهم السعودي هو اتجاه صناديق الاستثمار العامة مثل المؤسسة العامة للتقاعد و المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية للاستثمار في سوق الأسهم.

بناء على الاسباب المذكورة اعلاه، حققت الاسواق العالمية ارتفاعات قوية خلال الفترة الماضية و كثير منها ارتفعت فوق القمم التي وصلت اليها تاريخيا، على سبيل المثال فإن مؤشر الـS&P-500  الأمريكي أغلق عند 1,626 نقطة و هذا الإغلاق رغم انه اقل من القمة التي وصل اليها المؤشر قبل ثلاثة اسابيع، الا انها اعلى من اغلاق المؤشر عند مقارنته بالقمة السابقة التي حققها قبل الأزمة المالية العالمية في أكتوبر 2007 و التي كانت عند 1,565 نقطة.

سأقوم في هذا المقال بتحليل السوق السعودي و مقارنته بالسوق الأمريكي (ممثلا بمؤشر S&P-500  من خلال ثلاث محاور:

1) مكرر ربح السوق 

2) عائد التوزيعات النقدية للسوق  

3) عائد الأرباح على السوق 

4) علاوة مخاطرة السوق

1.مكرر أرباح السوق:

بالنظر الى الرسم البياني التالي نجد أن مكرر الأرباح لمؤشر الـ S&P-500 هو 18.8مرة. و هو اعلى من متوسطه التاريخي و هو 15.5 مرة.

السبب في هذا الإرتفاع هو 1) أن المستثمرين يتوقعون أن تكون أرباح الشركات اعلى مما هي عليه الان او 2) أن العائد على الاستثمار في سوق الأسهم اعلى بكثير من العائد على الخيارات الاستثمارية الأخرى مما دفع أسعار الشركات الى الإرتفاع و بالتالي ارتفاع كامل مكرر ربح السوق (ساتحدث بتفصيل اكثر عن هذه الحالة في المحور رقم 3 "عائد الارباح على السوق").

وبالنظر إلى الرسم البياني التالي نجد أن مكرر الأرباح للسوق السعودي هو 13.72 مرة (الخط الأزرق) و هو أقل بكثير من متوسط المكرر للسنوات العشرة الماضية حيث كان المتوسط 17.6 مرة (الخط الاسود).

لكي يعود السوق للتداول عند متوسط مكرر الأرباح 17.6 مرة يجب أن يرتفع السوق بنسبة 30%.

و عند مقارنته بالسوق الأمريكي الذي يتداول عند 18.8 مرة، نجد أن السوق السعودي ارخص من نظيره الأمريكي بنسبة 27%.

وبما أن السوق السعودي سوق ناشيء والسوق الامريكي سوق متطور، فمن المفترض أن يتداول بمكررات اعلى من مكررات السوق الأمريكي.

2.عائد التوزيعات النقدية لكامل السوق:

يقف عائد التوزيعات النقدية لمؤشر الـ S&P-500 عند مستوى 1.97% و هو أقل بقليل من متوسط العشر سنوات السابقة الذي يقف عند 1.99%.

و السبب في ذلك هو أن العائد على السندات انخفض الى مستوى 2.1% مقارنة بمتوسط آخر عشر سنوات 3.6%.

لذلك فإن المستثمرين في السندات الحكومية يجدون أن عائد التوزيعات النقدية لسوق الأسهم هو ذو جدوى أفضل من عائد السندات، بالإضافة الى أن الاستثمار في السندات لا يحمي من مخاطر التضخم في حين أن الاستثمار في سوق الأسهم يؤدي في الغالب الى الحماية من مخاطر التضخم.

بالنظر الى السوق السعودي نجد أن عائد التوزيعات النقدية لكامل السوق هو 3.80% (الخط الأزرق) مقارنة مع متوسط العشر سنوات الماضية و هو 2.82% (الخط الأسود).

فعائد التوزيعات النقدية للسوق السعودي تقريبا ضعف عائد التوزيعات النقدية لمؤشر الـ S&P-500 و ضعف عائد السندات!! هذا مؤشر بأن السوق مقيم بأقل من قيمته العادلة.

فلكي يصبح عائد توزيعات السوق السعودي مساوي لعائد توزيعات السوق الأمريكي او عائد السندات يجب أن تتضاعف القيمة السوقية لكامل السوق.

3.عائد الأرباح على السوق، و مقارنته بالخيارات الأخرى

عائد الأرباح على السوق هو عبارة عن معكوس مكرر الأرباح. بالنظر لعائد الأرباح لمؤشر الـ S&P-500 نجد أنه 5.32% حسب اغلاق (14/6/2013) مقارنة مع 5% كمتوسط للعشر سنوات الماضية. و عند مقارنته بعائد السندات نجد أنه تاريخيا مؤشر الـ S&P-500 يتداول عند مستويات 1.5 ضعف عائد السندات، فعلى سبيل المثال اذا كان العائد على السندات 4% فان مؤشر الـ S&P-500 يتداول عند مستويات تجعل عائد الارباح 6% (x  4% 1.5).

بناء على ذلك فإن عائد الأرباح لمؤشر الـ S&P-500 (5.32%) هو 2.5 ضعف عائد السندات (32.1%) و هو معدل مرتفع.

عند تحليل السوق السعودي نجد أن عائد الأرباح للسوق السعودي (الخط الأزرق) هو 7.29% حسب اغلاق (15/6/2013) مقارنة مع 5.69% كمتوسط للعشرة سنوات الماضية (الخط الاسود).

هذا يدل على أن السوق مقيم باقل من قيمته العادلة، و عليه ان يرتفع بنسبة 28% لكي يعود عائد ارباح كامل السوق لمستوى متوسط العشرة سنوات الماضية و هو 5.69% (و هو ما يساوي  9347 نقطة في مؤشر تاسي).

او أن يرتفع بنسبة 37% لكي يكون مساويا لعائد السوق الأمريكي (و هو ما يساوي  9,995 نقطة في مؤشر تاسي).

لكن هذا لا يعني بالضرورة بأن السوق لا بد ان يرتفع، ولكن قد تكون هذه المستويات الحالية للسوق السعودي وهذا العائد هو الذي يقبل فيه المستثمرين السعوديين.

ولكن عند دخول المستثمر الاجنبي قد تتغير المعادلة.

 

و عند مقارنته بعائد السندات، نجد أنه 3.42 أضعاف العائد على السندات. أي أن عائد ارباح للاستثمار بالسوق السعودي في مدة سنتين و أحد عشر شهرا فقط يساوي عائد الاستثمار في السندات لمدة 10 سنوات، مما يجعل السوق جذاب للمستثمر طويل المدى.

4.علاوة مخاطرة السوق:

سأتحدث عن هذه النقطة بشكل سريع و سأقوم بنشر مقال مفصل خلال الأيام القليلة القادمة.

(علاوة المخاطرة: هو العائد الذي يحصل عليه المستثمر في الأسهم مقابل المخاطر التي يتحملها باستثماره في الأسهم بدلا من الاستثمار في السندات،حسابيا هي العائدعلى سوق الأسهم مطروح منه عائد السندات،فعلى سبيل المثال اذا كان العائد على السوق 6% و معدل الفائدة 2% فإن علاوة المخاطرة هي 4%،أي ضعفي معدل الفائدة)

بالنظر الى علاوة مخاطرة السوق الأمريكي نجد أنه عند مستوى 3.19% و هذا مستوى عالي تاريخيا، مما يدل أن على السوق أن يرتفع لمستويات أعلى من المستويات الحالية لينخفض معدل علاوة مخاطرة الى مستوياته الطبيعية.

هذا يقودونا الى ما قمت بذكره في بداية المقال و هو أن العائد على سوق الاسهم يجعله جاذبا للاستثمار مقارنة بالبدائل الاخرى.

بناء على هذه المقارنة، أمام المستثمرين اتخاذ أحد الموقفين:

1.الاستثمار في الخيارات المتاحة حاليا (و هو ما أسميه التعايش مع الواقع)، و بالتالي إما الاستثمار في السندات ذات العائد القليل او الاستثمار في الأسهم ذات العائد المجدي نسبيا (خصوصا الأسهم ذات عوائد التوزيعات المرتفعة) او البحث عن خيارات استثمارية اخرى.

2.عدم الاستثمار و رفض الخيارات المتاحة حاليا (و هو ما أسميه رفض الواقع)، وبالتالي تجميد أموالهم و الانتظار حتى تأتيهم فرص استثمارية أفضل مثل أن تتحسن العوائد على السندات او ينخفض سوق الاسهم وبالتالي ترتفع عوائده و تصبح عوائده أعلى من مستواها الحالي. 

*هذا المقال ليس توصية للشراء او البيع، و إنما هو تحليل و مقارنة للأسواق المالية.

**جميع المعلومات مبنية على قاعدة البيانات الخاصة بي، و هي معرضة للخطأ و الصواب.