لا لهدر ثرواتنا

04/06/2013 11
مازن السديري

لا أفهم وجود شركات إسمنت مغلقة أو شركات بتروكيميائية تعتمد على الغاز الطبيعي لأكثر من نصف منتجاتها،ورغم ذلك تحقق خسائر مالية.

ركيزة النمو في الاقتصاد السعودي هي توفر الطاقة الناضبة، وهي النفط والغاز برغم اختلاف التعامل الاقتصادي مع كليهما حيث قامت أهم صناعتين في السعودية بالاعتماد على الغاز الطبيعي وهماالبتروكيماويات كلقيم والإسمنت كطاقة ونتج من ذلك هوامش ربحية عالية تصل هوامشها الإجمالية في متوسطها الطبيعي إلى 50% لدى قطاع الإسمنت، ويعد الأعلى عالمياً ويبلغ مجموع توزيع هذين القطاعين أكثر من 26 مليار ريال (ما يعادل 46% من توزيعات سوق الأسهم السعودي) وذلك بفضل رخص المدخلات وعلى رأسها الطاقة لذلك إذا لم يتم استخدام الطاقة الناضبة الاستخدام الأمثل، فالخسارة الاقتصادية تفوق كثيراً الخسارة (المحاسبية المالية) باعتبار كل ما يستخرج من الطاقة الناضبة هو نقص في مخزونها ولا يمكن تعويضه إلا بأسعار وأرباح نهائية تفوق قيمة كل ما يستهلك من هذه الطاقة.

امتلاك الدولة السعودية للنفط كان أفضل من تحويله إلى قطاع خاص والذي كان كفيلاً بأن يدخل السعودية بمتاهات أمريكا اللاتينية والفوارق الطبقية الساحقة لتخلق حالة مرعبة من عدم الاستقرار وباعتبار الدولة المستثمر الأكبر محلياً عبر الإنفاق الحكومي الضخم ومضاعفة هذا الإنفاق الإيجابي على المجتمع كوسيلة لتقاسم المنفعة بين المجتمع حيث لا يتجاوز دخل الدولة نسبة 34% من الناتج المحلي، ولكن مضاعفات الإنفاق هي التي تساعد على التمدد الاقتصادي.

وضعية الغاز الطبيعي من حيث صعوبة تصديره في الماضي لأسباب تقنية جعلت تحويله لدعم الصناعة محليا عنصرا مهما لدعم النمو محليا بشكل مباشر عبر أرباح الشركات، وشكل غير مباشر عبر خلق فرص وظيفية أكثر، والأهم طرحها كشركات مساهمة مكن أفراد المجتمع فرص التملك وتقاسم أرباحها وتوزيعاتها النقدية والتي تدر على المواطنين زيادة قدراتهم الاستهلاكية والاستثمارية.

من هنا وجود شركات إسمنت مغلقة أو مصانع بتروكيميائية تعتمد على الغاز الطبيعي لأكثر من نصف منتجاتها ورغم ذلك تحقق خسائر مالية محل اعتراض بالنسبة لي باعتبار أن مدخلات هذه المصانع هي من الموارد الطبيعية والتي هي ملك للجميع ولا ينفرد أحد باستخدامها حيث يجب أن تستخدم بالشكل الأمثل والأفضل لغالبية المجتمع، وإذا لم ترغب الشركات المغلقة للتوجه لطرحها كشركات مساهمة عامة فيبدو من المنطق لي أن يباع عليها الغاز بأسعار عالمية، ونفس التعامل يجب أن يكون مع مصانع بتروكيميائية تعتمد على الغاز الطبيعي لأكثر من نصف منتجاتها برغم مضي سنوات على تشغيلها التجاري، ورغم ذلك تحقق خسائر مالية وتترك للمجتمع خسائر اقتصادية أكبر من خسائرها التي جنتها يكون في ذلك هدر حقيقي للثروات الطبيعية والتي هي ملك الجميع.

نقلا عن جريدة الرياض