إستراتيجية النعامة

20/05/2013 1
سعيد بن زقر

يُسمَّى الاقتصاد بالعلم الكئيب، ويعزو الاقتصاديون ذلك لطبيعته؛ ولوجود مفاضلات فيه تحسم الخيارات، وتكيّف عمل الوسائل الاقتصادية، وآليات الحد من المعوقات المستقبلية والتحديات، التي لم تكن في الحسبان أو غير المرغوب فيها.

وجود المفاضلات الاقتصادية مهم حتى لا تنتهي الأمور لنتائج هي أسوأ من الأشكال الذي كان يُفكِّر الاقتصادي في حله.

الاقتصاد لا يعمل بالنوايا الحسنة لأن دور الاقتصادي فضلاً عن وضعه السياسات، أن يبرز وجود المعوقات، ويُسمِّي من يرفض الخيارات المقترحة باعتباره مقاوم للتغيير، ومن طبع البشر مقاومة التغيير.

كانت هذه الأطروحات تطل على شاشة تفكيري، وتقرع طبلة أذني عبارة "تسويقية" تقول: "رضاؤكم هدفنا.. انتظرنا لحظات لأن الموظف في خدمة عميل آخر، نشكر لكم صبركم.. وتنتظر أنت "المتفائل" لإكمال الخدمة".. ويطول إلى أن تمل فيما تتواصل هذه الأسطوانة المشروخة.. ثم "تسكّر الخط" والجهة المعينة تنسى أنها تُهدر وقتك ووقت الكثيرين بهذه "الحيلة" البارعة للتهرّب من أداء المسؤولية العامة.. وكل هذا الوقت يعني مالاً مهدرًا وتعويقًا للأداء.

وإذا استمر هذا النهج على كافة مستويات أداء الخدمة والتعامل مع الزبون فإنه يعتبر "كارثة حقيقية"، والقناعة تقول بأنه لا يمكن للاقتصاد السعودي تجاهل هذه الإنتاجية المهدرة، وفي الوقت نفسه توقع تحقيقه لأهدافه العامة.

ولا يمكن لمن يعمل بداخل الاقتصاد المحلي أن يهدر وقت غيره دون أن يكون قد أعاق إنتاجيته أو عرقلها.

قد لا نرى ثمنًا لهذه العرقلة من زاوية النظر التي نرى بها الأمور وفي اللحظة ذاتها، ولكننا سنكتشف حجم تأثيرها على الإنتاجية وعلى تحقيق الأهداف مهما كانت ضآلتها، فالأنهار تتكون من رذاذ المطر، والمعوّقات هي مجموع ما يُهدره الأفراد من إنتاجية أو يتسببون بإهدارها، ولهذا حين تزداد هذه المعوّقات على الخدمات التي يطلبها المواطن، فإن خدمة بسيطة كتركيب هاتف منزلي تهدر وقتًا ثمينًا يُؤثِّر في الاقتصاد المحلي سلبًا، وما يحدث في دوائر الاقتصاد يصح في القطاع الخاص فلا يمكن لصاحب سوبر ماركت أن يُخطِّط لزيادة أرباحه السنوية بنسبة 10% أو 20% وهو لم يُعالج إهدار الوقت، أو يحد من عدم الاهتمام بالإنتاجية إن فعل سيُحقِّق عكس ما أراد،ولهذا وجود المفاضلات في الاقتصاد المحلي تعني الاستيعاب العميق لهذه المعاني بترجيح أخف الضررين، وتفعيل الإنتاجية، لتضيف قيمة اقتصادية، وهو ما يتطلب رؤية الواقع كما هو ومواجهته بشجاعة لا اعتماد إستراتيجية النعامة بدفن الرأس في الرمال، حتى لا ترى الخطر الداهم، وتعد وسائلها لمجابهته.