صناعة الاسمنت في المملكة .. كيف بدأت وإلى أين تتجه ؟

22/04/2013 10
حجاج حسن

كثر الحديث عن صناعة الاسمنت بالمملكة في الآونة الاخيرة، ما بين مستهلك لا يجد السلعة وبين مصانع تعجز عن تحقيق توسعاتها لتوفر الطلب عليها، وما بين هذا وذاك توالت الإجراءات والقرارات، ولكن دعونا نرى كيف بدأت صناعة الاسمنت في المملكة وإلى أين تتجه الان ؟!

بدأت صناعة الاسمنت في المملكة عام 1955 بإنشاء أول مصنع بمدينة جدة (اسمنت العربية)، وتوالى بعدها انشاء المصانع في ظل الطفرة النفطية التي شهدتها المملكة والتي بدأ معها النمو الكبير مدعوماً بالإنفاق الضخم والمتواصل على مشاريع البنية التحتية.

وتمكنت المملكة مطلع الثمانينيات ان تحقق الاكتفاء الذاتي من الاسمنت بل وانتقلت في السنوات القليلة التالية الي تصديره، واصبحت اكبر منتج للاسمنت في منطقة الخليج وثالث منطقة الشرق الاوسط بعد ايران ومصر،إلا أنها تتجه الأن لاستيراد الاسمنت، وهو التساؤل الذي طرحناه منذ عدة أشهر !!

وعن الاسباب التي تجعل المملكة تتجه للاستيراد فتبدو واضحة للجميع، فصناعة الاسمنت من المعروف انها تعتمد بشكل رئيسي على قطاعي التشييد والبناء (بنوعيه السكاني والتجاري) والبنية التحتية، وكلاهما بلا استثناء شهد نمواً ملفتاً في الفترات الاخيرة، فالأولى دفع النمو السكاني مواطنين كانوا او وافدين، والثاني مدفوعاً بالنهضة العمرانية التي تشهدها المملكة و ترعاها حكومة البلاد، وهو ما جعل الطلب على المنتج يرتفع من 12 مليون طن مطلع التسعينيات ليتجاوز الـ 50 مليون طن بنهاية 2012.  

وفي 2013 من المتوقع ان يتجاوز الطلب على الاسمنت الـ 60 مليون طن في ظل انتعاش قطاع البناء والتشييد
من ناحية، ومشاريع البنية التحتية الكبيرة والمستمرة من الناحية الآخرى.

في الوقت نفسه تبلغ طاقة الشركات الـ 14 الحالية بنهاية 2012 نحو 53 مليون طن بالإضافة إلى 6 ملايين مزمع إضافتها من خلال توسعات بعض الشركات" إذا تمكنت من الحصول على الوقود اللازم من ارامكو.

كل هذا جعل امام المملكة خيارين لا ثالث لهما، إما اضافة طاقات جديدة من خلال انشاء مصانع وإما الاستيراد، وهو ما تم بالفعل.. اما الخيار الثاني الخاص بالاستيراد فهو حل مؤقت لأننا نعلم انه مكلف، وستدعمه المملكة بثلاث مليارات ريال، لا سيما وان أسعار الاسمنت السعودي هي الارخص بين أسعار المنطقة ناهيك عن التكاليف المصاحبة للاستيراد.

أما عن إنشاء مصانع جديدة، فعلينا أولاً إعادة النظر في المصانع القائمة حالياً ومدى توافر حاجتها من الوقود حتى لا تتكرر مشكلة نقص الوقود عانت منها بعض الشركات، فالتوسعات المفترضة قد تضيف اكثر من 6 ملايين  طن من الاسمنت.

وفي حين انشاء مصانع جديدة فعلينا ان نراعي أمرين هامين، أما الأمر الأول فهو مراعاة التوزيع الجغرافي للمصانع الجديدة على ان تشمل المناطق غير المغطاة بمصانع أسمنت حتى لا تتكرر المشكلة القائمة في عدم عدالة توزيع المصانع بين مناطق المملكة.  

الأمر الثاني والأهم وهو ان النموذج الامثل لطرح شركات الاسمنت الجديدة هي أن يكون 30 % للمؤسسين و70 % تطرح للاكتتاب العام ليستفيد اكبر قدر ممكن من المواطنين لكي لا يستأثر بها مجموعة دون غيرهم كما حدث من قبل، خاصة وان صناعة الاسمنت تتميز بسهولة الاستثمار فيها، ناهيك عن الدعم الذي تقدمه المملكة لتلك الصناعة مما جعلها تتميز عن غيرها بالمنطقة.