أراضي الإسكان اختلاف بين رؤية وزارتين

04/04/2013 3
محمد العنقري

قالت وزارة الشئون البلدية والقروية إنها سلمت وزارة الإسكان أراضي مساحتها 169 مليون م في 238 موقع بكافة مناطق المملكة وأكدت الوزارة أن هذه المساحات كافية لبناء مائتي ألف من الفلل أو ستمائة ألف شقة. 

يأتي هذا التصريح بعد أن قال معالي وزير الإسكان بمنتدى جدة الاقتصادي وبأكثر من مناسبة إن ما يواجه وزارته من تحد لتنفيذ مشروع بناء 500 ألف وحدة سكنية هو تأمين الأراضي لها وأن ما تم استلامه يوفر المساحات لبناء 200 ألف وحدة أي ما يفوق ثلث المقرر إنشاؤه بقليل. 

وحسب ما قدمته وزارة الإسكان من نماذج للوحدات المزمع إنشاؤها فإن الشقق تشكل جزءاً منها وليست مقتصرة على وحدات سكنية منفصلة أي الفلل وهنا لا بد من الوقوف عند هذه التصريحات من الوزارتين فوزارة الشئون البلدية سلمت ما استطاعت توفيره من أراضي مناسبة للسكن وبنفس الوقت فقد أوضحت كم من الممكن أن تستوعب من وحدات وإذا كان المقصود بناء شقق فإن المساحات المسلمة تزيد عن احتياج الإسكان بمائة ألف شقة أي أن الأخيرة لم يعد عذر توفير الأراضي لها قائما وبكل الأحوال هي لن تبني كل الوحدات كفلل حتى تكون تلك الأراضي غير كافية وفي الغالب ستكون مزيجا بين الفلل والشقق وبهذه الحالة إذا ستتمكن وزارة الإسكان من بناء أكثر من المائتي ألف وحدة التي صرحت أن ما استلمته من أراض إلى الآن لا يكفي إلا لبناء هذه الأرقام. 

وهنا يظهر التباين بين تصريحات الوزارتين وعدم وجود تقدير واضح للمساحات المطلوب توفيرها لاستكمال بناء ما هو مقرر من وحدات سكنية حددت عند نصف مليون وحدة سكنية دون أن يحدد نوعها أي أن الإسكان مخيرة أن تبني ما تراه مناسبا شققا أو فللا وهذا يعطيها المرونة بتنفيذها بموجب ما يتوفر لها من أراض حكومية فلماذا لم تعلن وزارة الإسكان عن عدد كل نوع من الوحدات التي تنوي بناءها ولماذا تنوع في عملية البناء إذا كانت تستهدف شرائح معينة من المجتمع ألمحت أنها ستكون غالبا من غير القادرين على الاستفادة من برامج التمويل الأخرى أي ذوي دخل محدود وحالات خاصة. 

إن مثل هذه الضبابية برؤية وزارة الإسكان لما تنوي القيام به اتجاه هذا المشروع الجبار يفرض تساؤلات عديدة أولها هل حددت مساحات الأراضي التي تحتاجها بدقة لكل المشروع وبكل منطقة أو مدينة فكيف تستطيع الأمانات توفير الأراضي الكافية إذا كانت وزارة الإسكان لديها رؤية مختلفة بالحجم الذي تحتاجه بكل موقع تبعا لنوعية السكن الذي تنوي إنشاءه. 

ولماذا تنوي الإسكان بناء وحداتها بأنواع عديدة ولماذا لم توحد نوعية المسكن إما بفلل أو شقق فاعتماد بناء النوعين لا يحقق عدالة للمستفيدين منها فما اعتمد من مبالغ للمشروع والمقدر عند 250 مليار ريال حدد تكلفة الوحدة عند خمسمائة ألف ريال تبعا للعدد المطلوب بناؤه وبهذه الحالة لابد من أن تكون الوحدات من نوع واحد محسوب تكلفته فتنويع الوحدات بين فلل وشقق يسقط تساوي التكلفة بينها. 

ثم إن تقدير وزارة الشئون البلدية والقروية لما تستوعبه الأراضي المسلمة منها للإسكان أيضا يوضح مدى الاختلاف وعدم التنسيق بين الوزارتين حول كفاية الأراضي لما هو مطلوب للمشروع مما يعني أن لكل جهة وجهة نظر حول تقدير المساحات المطلوبة له ومن شأن ذلك تأخير استكماله لسنوات غير معلومة بموجب هذه الرؤى والتباينات بوجهتي النظر فتوفير الأراضي ليس بالأمر البسيط لأنه مرتبط أيضا بالنطاق العمراني لكل مدينة وتوفير الخدمات إذا كان على الأطراف والعديد من الإجراءات المطلوبة كالبنى التحتية لتأهيل هذه المواقع لتصبح مناسبة للسكن. 

يتضح من كل ما ذكر أن وزارة الإسكان لديها تصورها الخاص للمشروع وأنها لم تحدد خياراتها بالشكل الواضح وأن المرونة التي حظيت بها لم تنعكس على سرعة التنفيذ المطلوبة إذ كان يفترض أن توضح ما الذي تستهدفه ولماذا تنوي بناء النوعين من الوحدات ولماذا لم تحدد إلا نوعا واحدا ليسهل التخطيط له وتوفير ما يحتاجه من أراض وبنى تحتية لتكون التكلفة محددة والعدالة للمستفيدين قائمة بأن يحصلوا جميعهم على ذات النوع من الوحدات. 

وزارة الإسكان أوضحت عدد الوحدات المقررة لكل منطقة لكنها مطالبة بتوضيح أكثر لما تنوي بناءه من فلل أو شقق وبكل منطقة وكذلك سبب هذا التنوع ولماذا لم تحدد نوعا واحدا فقط؟ فالتنوع مرهق ويطيل أمد المشروع ولا يعكس الهدف منه وما هي المدة الزمنية أيضاً لإنهاء المشروع كاملا وماهي المساحات للأراضي التي تحتاجها بكل موقع وكذلك التكاليف لكل نوع من الوحدات ومن هي الفئات المستهدفة وآلية توزيعها عليهم فبقاء الصورة بهذه الضبابية لن يخدم سوق الإسكان وما يحتاجه من ديناميكية وسيقلل من انعكاسات المشروع الإيجابية على واقعه.