كن شاهدا على الرؤية المستقبلية للإسكان

12/03/2013 3
د. فواز العلمي

قضية الإسكان بمفهومها الشامل لا تنحصر فقط في وزارة واحدة تبني الوحدات السكنية، بل تشمل وزارات أخرى مسؤولة عن توفير الأراضي والتخطيط العمراني وصناعة وتجارة مواد البناء وتشييد البنية التحتية.

ضمن فعاليات منتدى جدة الاقتصادي 2013، الذي يحمل رسالة "شارك وكُنْ شاهداً على الرؤية المستقبلية للإسكان"، والذي سيعقد خلال الأسبوع المقبل في فندق "هيلتون" بجدة، تبدأ في الساعة الرابعة والنصف من بعد عصر الأحد المقبل 17 مارس 2013 الجلسة الرئيسية التي يشارك فيها نخبة من الوزراء السعوديين المعنيين بشؤون الإسكان، ليناقشوا الحلول المبتكرة لقضية الإسكان.

مشكلة الإسكان ليست حكراً على السعودية فقط، بل هي قضية طالت كافة دول العالم بما فيها الدول المتقدمة والنامية. جميع النظم العالمية تواجه الصعوبات في حل مشكلة الإسكان وتعاني من التحديات في تأمين السكن.

في الدول الرأسمالية، التي تعتبر المسكن سلعة رئيسية تعتمد على مقياس العرض والطلب، تسبب التحايل على أنظمة الرهن العقاري واستباحة القروض البنكية في عام 2008 بأكبر كساد اقتصادي شهده العالم في تاريخه. وفى الدول الاشتراكية، التي تعتبر المسكن خدمة اجتماعية تقدمها الدولة لمواطنيها، تسببت الصعوبات المالية الخانقة والسيولة المادية الشحيحة في إخفاق تنفيذ السياسات التنموية المستدامة التي كانت تأمل هذه الدول في تحقيقها.

لتخفيف حدة المشكلة بالمملكة، قامت وزارة الإسكان ببناء 76,287 وحدة سكنية في مختلف مناطق المملكة،منها 23,813 في الرياض و17,093 في مكة المكرمة و4,182 في المدينة المنورة و1,914 في القصيم و18,870 في المنطقة الشرقية و1,312 في حائل و1,908 في جازان و115 في الباحة و3,435 في تبوك و1,062 في نجران و1,158 في الجوف و1,425 في منطقة الحدود الشمالية. كما قام صندوق التنمية العقارية بتفعيل دوره التنموي لتفوق طلبات القروض المودعة لديه 2,273,990 طلباً، بينما بلغ عدد القروض الممنوحة منه 700,641 قرضاً، كما بلغ عدد الوحدات الممولة من الصندوق 840,769 وحدة سكنية وفاقت مبالغه المصروفة 186 مليار ريال،لتشمل 4,279 مدينة ومحافظة ومركزا.

في جميع أنحاء العالم ترجع مشكلة الإسكان إلى عدة عوامل، أهمها بسبب تغير نمط الاعتماد على الخامات المحلية وأدوات البناء اليدوية إلى استخدام الخرسانة المسلحة والمعدات الحديثة ذات التكلفة العالية، مما أدى إلى زيادة الأعباء المالية للمباني وتفاقم النقص في مواد البناء وانتشار أساليب الغش التجاري. كما أدى التلاعب بأنظمة تخفيض الإيجار أو تجميده أو عدم احترام عقوده والتأخر في دفع مستحقاته إلى تراجع أعداد المستثمرين في بناء المساكن وتدخل البنوك في عمليات البناء والاستثمار في النشاط العقاري، مما أدى إلى غلاء المساكن وزيادة العبء على المواطن.

وقد تكون مشكلة الإسكان ظاهرة وهمية، مثل تلك التي تعاني منها الدولة المصرية، حيث تدل الإحصائيات على أن عدد الشقق الفارغة في مصر بلغ في عام 2012 أكثر من 3 ملايين شقة، في حين يقدر الاحتياج السنوي بحوالي ربع مليون شقة، أي إن مصر لديها من الشقق ما يكفي لمدة 12 سنة مقبلة.

ولكون قضية الإسكان بمفهومها الشامل لا تنحصر فقط في وزارة واحدة مسؤولة عن بناء الوحدات السكنية، بل تشمل أيضاً وزارات أخرى مسؤولة عن توفير الأراضي والتخطيط العمراني وصناعة وتجارة مواد البناء وتشييد الخدمات المساندة والبنية التحتية والنظم الصحية، إلى جانب توفير أنظمة التمويل المالي وآليات الرهن العقاري،فلقد لجأت إدارة المنتدى في محافظة جدة، تحضيراً للجلسة الوزارية، إلى التعاقد مع مؤسسة "أرنست أند ينغ" لإعداد دراسة ميدانية عن قضية الإسكان. الدراسة أثبتت أن العالم أصبح اليوم، لأول مرة في تاريخ البشرية، أكثر حضرياً منه ريفياً، وذلك بسبب التحول السكاني السريع من المناطق الريفية إلى المراكز الحضرية.

وأكدت الدراسة أن القرية الكونية ستشهد عام 2050 تحول 70% من سكانها للعيش في المراكز الحضرية، وهو تحول سريع قياساً عما كان عليه الحال في عام 1910 عندما كان 80% من سكان العالم يعيشون في المناطق الريفية.

وأوضحت الدراسة أن مشاريع الإسكان في مختلف بقاع المعمورة تشكل الحصة الأكبر من مساحة المناطق الحضرية لأنها تحدد أطر المدن التنموية وتشكل حدودها الجغرافية. كما أن السكن بالسعر الملائم هو الذي يجعل من المدينة أكثر تنافسية ويمنحها الأفضلية على غيرها من المراكز الحضرية ليصبح هذا السكن المكان المناسب للعيش فيه. وهذا ما أكده "راكش موهان" نائب محافظ بنك الاحتياط الهندي في عام 2007، حيث قال إن:

"مستقبل التنافسية الوطنية والنجاح الاقتصادي سيعتمد على الكفاءة المقارنة للمدن، لتشكل عناصر الكم والنوع والقدرة على امتلاك السكن عنصراً رئيساً في قدرة الاقتصاد الوطني على المنافسة، ولتصبح تكاليف السكن هي المحرك الأساس للأجور باعتبارها أكبر بند من مصروفات الأسرة".

وخلصت دراسة "أرنست أند ينغ" إلى أن المملكة تحتاج إلى 800 ألف مسكن بحلول عام 2020، حيث لا تزال نسبة المواطنين الذين يمتلكون بيوتاً هي الأدنى بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وعلى ضوء هذه الدراسة تم اعتماد الجلسة الوزارية في المنتدى لتناقش النماذج المؤسساتية الأكثر كفاءة وفعالية لتوفير السكن الذي تتعدد فيه الجهات المعنية قياساً على الأصول المتبعة عالمياً وإقليميا. كما ستناقش الجلسة الوزارية الاستراتيجية الوطنية للإسكان ودور مطوري المشاريع في القطاع الخاص والطرق المثلى للتعاون معهم، إلى جانب تطوير نظام سوق الرهن العقاري بالمملكة ومنافع جذب رؤوس أموال البنوك التجارية لتقديم قروض الإسكان.

شاركوا في المنتدى لتشهدوا على الرؤية المستقبلية للإسكان.