دعم سوق السعودية بالسندات القابلة للتحويل إلى أسهم

11/02/2013 8
د. فهد الحويماني

لا شك في أن سوق السندات في المملكة لم تنجح بالشكل المتوقع، ولا كما هو مطلوب، وربما هناك أسباب كثيرة أدت بها إلى هذا الوضع الضعيف، ذكرت بعضها في وقت سابق، منها تكلفة العمولة المبالغ فيها، حيث إنها حاليًا لا تقل عن 500 ريال لأي صفقة، وهذا بلا شك لا يساعد على تداول السندات في السوق الثانوية، ويحد من السيولة اليومية، ويحد من إمكانية استخدام السندات من قبل المستثمرين وسيلة لتنويع الاستثمار والتحكم في درجات المخاطرة. بل إن ضعف سوق السندات بهذا الشكل سيؤدي إلى عزوف المستثمرين عن شراء السندات وقت إصدارها؛ خوفًا من عدم المقدرة على التخلص منها عند الحاجة، وبالتالي ستتأثر الشركات الراغبة في إصدار السندات. في هذه المقالة أستعرض مفهوم السندات القابلة للتحويل إلى أسهم كوسيلة لتنشيط السوق ورفع مستوى المرونة لكل من الشركات المصدِرة والمستثمرين على حد السواء.

السندات بشكل عام وسائل مديونية تقوم الشركات بإصدارها مقابل الحصول على التمويل النقدي الذي تحتاج إليه في نشاطاتها التجارية، وتقوم بدفع فوائد دورية بنسبة محددة، ومن ثم تعيد رأس المال لصاحبه بعد انتهاء مدة السند. وهي وسيلة للتمويل تكلفتها غالبًا أقل من التمويل عن طريق المساهمين، وأقل من تكلفة الاقتراض المباشر من المصارف، بل أحيانًا بسبب ضخامة حجم التمويل المطلوب، فإن الشركة لا تستطيع التمويل من المصارف بتاتًا. أما السندات القابلة للتحويل إلى أسهم فهي السندات ذاتها من حيث كونها تمنح فوائد دورية وتعيد رأس المال عند الاستحقاق، لكن زيادة على ذلك فهي تمنح المستثمر حق تحويل السندات إلى أسهم عادية بسعر متفق عليه عند إصدار السندات.

على سبيل المثال، تستطيع شركة سابك أن تصدر سندات قابلة للتحويل إلى أسهم بعد مضي عامين على إصدارها، بحيث يتم تحويل كل سند قيمته الاسمية 100 ألف ريال إلى 900 سهم، مع حق الشركة في استدعاء السند بعد خمس سنوات بقيمته الاسمية. هذا الخيار الأخير، إن وجد، فهو يمنح الشركة نوعًا من المرونة في حال انخفضت معدلات الفائدة بشكل كبير، فتستطيع الشركة حينها شراء سنداتها المصدرة وتقوم بإصدار سندات جديدة بمعدل فائدة متدنٍ.

في هذا المثال، لو أن هذه السندات أٌصدرت بقيمتها الاسمية، 100 ألف ريال، فمن الواضح إن سعر السهم الافتراضي وقت إصدار السندات يساوي 111 ريالاً؛ وذلك لأن من يدفع 100 ألف ريال لشراء السند، يحق له تحويلها إلى 900 سهم، فيصبح سعر السهم المفترض 111 ريالاً (100 ألف ريال تقسيم 900 سهم، إذا ما تجاهلنا القيمة الحاضرة والقيمة المستقبلية للمال). فلو كان سعر السهم الحالي 95 ريالاً، فتكون الـ16 ريالاً الإضافية عبارة عن تكلفة الحصول على حق التحويل إلى أسهم. وهذه الوسيلة مفيدة للمستثمر؛ لأنه في هذه الحالة يتحصل على الفوائد الدورية من السند، وفي حالة ارتفاع سعر سهم الشركة لأكثر من 111 ريالاً يستطيع تحويل ما لديه من سندات إلى أسهم، ثم يقوم ببيع الأسهم بسعر السوق. أما لو استمر سعر السهم دون 111 ريالاً، فيتمسك المستثمر بسنداته ويجني فوائدها الدورية حتى نهاية عمر السندات، أو حتى تقوم الشركة باستدعائها.

لهذه السندات جاذبية عالية لدى المستثمرين؛ لأن سعرها يتذبذب بشكل مرتفع نسبيًا، ما يجذب المضاربين إليها فترتفع سيولتها اليومية، والسبب في تذبذبها العالي هو أن سعر هذا النوع من السندات يتأثر بعاملين مهمين، أول عامل هو مستويات الفائدة، كالمعتاد في السندات، حيث ترتفع قيمتها حينما تنخفض معدلات الفائدة، والعكس صحيح، والعامل الثاني هو تحرك سعر السهم ذاته؛ لذا فإن السندات القابلة للتحويل تعامل كمزيج من الأسهم والسندات من حيث تحليلها ماليًا، وكذلك من حيث تسجيلها محاسبيًا في قوائم الشركة المالية. في السابق كانت الشركات تسجل هذا النوع من السندات من ضمن ديون الشركة، فتظهر من ضمن الالتزامات. إلا أن ذلك أحدث خللاً في صحة المركز المالي للشركة؛ لأن الفوائد المستحقة لهذا النوع من السندات تقل عن السندات العادية بسبب خاصية حق التحويل، الذي يجعل الشركة تقترض بمعدل فائدة أقل من لو أنها قامت بإصدار سندات عادية، فتظهر التزامات الشركة أقل من الواقع. لذا فإن العرف المحاسبي يتطلب تسجيل تكلفة هذه السندات كمديونية من جهة وكحقوق مساهمين من جهة أخرى.

أشير إلى أن هذا النوع من السندات مسموح به في السوق السعودية، إلا أنه لم يتم، حسب علمي، إصدار أي سندات قابلة للتحويل حتى الآن. بينما يحتوي نظام الشركات الحالي على مواد منظمة لعمل السندات، منها عدم السماح بإصدار سندات قيمتها تتجاوز رأسمال الشركة، وإن قرار الإصدار يكون في يد الجمعية العامة، وقرارات الجمعية العامة تسري على ملاك السندات مثلما تسري على ملاك الأسهم، إلا أنه لا توجد ضوابط لآلية عمل السندات القابلة للتحويل إلى أسهم، سواء في نظام الشركات الحالي أو في مسودة النظام الجديد، ولا في لوائح هيئة السوق المالية، عدا بعض النقاط التي نوّه عنها في سياق المادة الخامسة عشرة من قواعد التسجيل والإدراج. وأهمية إيجاد لائحة تفصيلية لهذه السندات تكمن في كونها تتطلب من الشركة إصدار أسهم جديدة عندما يقوم ملاك السندات بتحويلها إلى أسهم؛ الأمر الذي يرفع من عدد الأسهم المصدرة، ويحتاج إلى آلية دقيقة للإدراج والتحويل.

بأي حال من الأحوال، إن وجود هذا النوع من السندات قد يحرك سوق السندات بشكل أفضل مما هي عليه اليوم في حال أخذت به الشركات السعودية، علمًا بأن هذا النوع من السندات موجود في عدد من دول الخليج، مثل الإمارات وعمان والبحرين، ويتمتع بجاذبية عالية من قبل المستثمرين ويمنح مرونة عالية للشركات.