الأسعار مولعة نار والجيب محتار

28/01/2013 10
سعيد بن زقر

في موقع أرقام على شبكة الانترنت قرأت الأهزوجة التالية:
"الاسعار مولعة نار والجيب محتار والرويتب ثابت في مكانه ومثبتني معاه .. والاسعار تتحرك ولكن لفوق والادخادر نسمع بيه ولا نشوفه."

هذه الحكاية الشعبية على بساطتها تختصر نظرية اقتصادية كبيرة وهي أن المصدر الوحيد لطباعة العملة في أي مكان في العالم الحكومة ومن يحاول طباعة العملة خارج النظام سيجد نفسه مخالفا للأنطمة ومتهم بجريمة التزوير.

العملة الوطنية للمملكة هي الريال السعودي وبحمد الله أصبح الريال عملة إقليمية لمعظم الدول العربية والإسلامية. والريال منذ بعض الوقت مربوط بالدولار الأمريكي بمعنى ان الاقتصاد المحلي يستورد السياسات النقدية الامريكية  (للمزيد أبحث "الثالوث المستحيل" أو Impossible Trinity –عوضا عن ربط الريال بسلة مكونه من الدولار الأمريكي و برميل البترول و عمله حره لأقتصاد مشابه للأقتصاد السعوديه مبني على تصدير البترول مثل العمله النورويجيه مما كان سيؤدي الى R.E.E.R. أفضل للريال السعودي ولكن ذلك موضوع آخر.

إن سياسات البنك المركزي الامريكي بالنسبة للعملة الأمريكية في الوقت الحالي الاحتفاظ بالفائدة عند الصفر تقريبا بما معناه أن أي ادخار بالعملة الأمريكية سيخسر قوته وبالتالي تمحى القيمة الحقيقية للمدخرات من حيث قيمة الدولار.

إن لهذه الخلفية صلة بالنسبة للراتب الشهري وعدم زيادته فقد أشرت في مقال سابق عنوانه (راتبك لن يزيد) بسبب أن أي تكلفة على الشركات لا تنعكس على زيادة الإنتاجية ستكون خصمًا على راتب العامل وعلى ذوي الدخل المحدود بالدرجة الثانية. إن أي قطاع خاص أُسس ليسعى للربحية أي أنه ليس للعمل الخيري ولهذا أي شركة في اي مكان لا تزيد فيها الانتاجية مقابل التكلفة فإنها ستخفض الأجور بطريقة أو أخرى.

في هذا الواقع في المملكة العربية بعض الجهات الرسمية تفرض زيادة في رسوم على اصدار تصاريح العمل أو بطاقات صحية أو غيره وفي نفس الوقت تحاول منع الشركات من رفع أسعارها وهذا سينعكس تكلفة إضافية عليها لان القطاع الخاص وجد لكي يحافظ على ربحية المساهمين فإن بعضها كشركات التأمين التي تخضع تحت رقابة مؤسسة النقد العربي السعودي فقد سمحت لها المؤسسة بزيادة أسعارها ولهذا بعضها زاد أسعاره بنسبة 15% في 2013م ومهما يكن فإن في ذلك تضارب سياسات بشأن تقدير الاضرار على القطاع الخاص فبعض السياسات تحول دون زيادة الشركات لأسعارها بينما بعضها كما في حال مؤسسة النقد العربي تسمح بالزيادة. السؤال الذي يطرح نفسه أين تذهب هذه التكاليف ومن سيدفعها؟

إن الشركات تتكون من ثلاث أضلاع هم المساهمين والعملاء والعاملين وأي تكلفة على الشركات لابد أن يتقاسمها هؤلاء، وفي حال هذا الوضع ستقوم مجالس إدارات الشركات بوضع خطط للحفاظ على مصالح المساهمين وإلا تمت محاسبة مجلس الإدارة ومساءلته أمام جمعية الشركاء وحملة الأسهم وفي المقابل لن يكن سهلا أن يتم وضع أي تكلفة مباشرة على الزبائن في سوق حر ومفتوح وفي المحصلة نجد العامل هو الطرف الذي سيدفع الثمن في معادلة المساهمين والزبائن والعاملين لأن العامل الطرف الأضعف وفق تعريف نظام العمل السعودي نفسه للعامل.

ولكن طالما أن العملة الوطنية لاي بلد يصدرها البنك المركزي الذي يمكن له أن يطبع أي كمية منها في حدود الناتج المحلي الإجمالي ، فإن السؤال الذي ينبغي الإجابة عليه لماذا إذن لا تقوم مؤسسة النقد السعودي بإصدار أي كمية من الريال السعودي لسداد الدين المحلي أو الانفاق العام؟ وهل تحتاج فعلا لرفع الرسوم بالعملة المحلية؟  (أقرأ موضوعي بعنوان "القيود الحقيقيه على متج العمله" و "كيف تزداد الأموال من دون تضخم" للأجابه عن بعض من الأسئله)