الهاوية المالية

12/11/2012 3
بدر البلوي

قبل أكثر من أربع سنوات وبعد إندلاع الأزمة المالية العالمية أقرت عدد من القوانين المحفزة للإقتصاد الأمريكي أهمها الإعفاءات الضريبية أو ما يسمى " قانون تخفيضات بوش الضريبية " وزيادة الإنفاق الحكومي لإنتشال الإقتصاد من حالة الركود وتحفيزه ، ولكن هذه المحفزات سينتهي أجلها حسب الإتفاق المسبق في الأول من يناير 2013 وأطلق على هذا التاريخ " حافة الهاوية المالية " أو كما سماه وزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر " القنبلة الموقوتة ".

على ضوء ما ذكر يمكن تعريف الهاوية المالية على أنها نهاية التخفيضات الضريبية و تقليص الإنفاق الحكومي لخفض الدين العام " الذي قارب 16 تريليون دولار ".

إن رفع الضرائب وتقليص الإنفاق في الوضع الراهن له تأثيرات كبيرة سواء كانت سياسية أو إقتصادية ومالية ، فالخطر المحتم من جراء ذلك دخول الإقتصاد الأمريكي في ركود إقتصادي " لا يمكن التنبؤ بعقباه " وإمكان خفض التصنيف الإئتماني للولايات المتحدة الذي سيؤدي بدوره الي زيادة نسبة الفائدة ما يجعل العبء المالي أكثر سوء وسيزيد من حالة عدم الإستقرار للأسواق المالية ، كما يتوقع أن تعود نسب البطالة بالإرتفاع لمستويات ما فوق 9% أي أن كل الجهود المبذولة خلال الثلاث سنوات الماضية لخفض نسب البطالة ستذهب في مهب الريح .
في المقابل وعلى النقيض لو تم التمديد لتلك القوانين يمكن تفادي كل تلك العواقب السيئة ولكن يكمن الخطر في إرتفاع نسبة العجز في الموازنة ونسبة المديونية ستبقى عند مستوياتها الحالية .

إن الإقتصاد الأمريكي يواجه خيارين أحلاهما مر ، فإما تأجيل الإستحقاقات القانونية لمدة سنة أو سنتين لتفادي الركود الإقتصادي والتضحية بإرتفاع مستويات العجز والمديونية ، أو مواجهة الواقع برفع الضرائب وتقليص الإنفاق وإدخال الإقتصاد في حالة من الركود " قد يكون نفق مظلم يصعب التنبؤ بحيثياته " وتقليص الدين والعجز التي لم يعد من الممكن السكوت عن مستوياتها الحالية والتي وصلت الي مستويات تاريخيه ولامست سقفها الأعلى .

أخيرا " التسوية الكبرى "
حاول قادة أمريكا في السنة الماضية التوصل الي تسوية لكن المفاوضات إنهارت في اخر ربع ساعة كما يقال ..بعد أن إتفقوا على عدد لا بئس به من البنود المطروحه لحل هذه الإشكالية والتوصل الي إتفاق تاريخي ، يقال أن سبب إنهيار المفاوضات كان سياسيا بالدرجة الأولى " لكي لا يعزز موقف أوباما في إعادة الإنتخاب " ولكن الأن قد تعود المفاوضات للوصول الي حل تاريخي للخروج من المأزق وهو ما يميل له عدد من الإقتصاديين ، وتأمل الأسواق في الفصل بالموضوع قبل بداية العام لكي لا تعيش الأسواق في حالة من الضبابية وعدم اليقين مما يزيد من حدة توتر الأسواق وبالتالي التقلبات التي لا يحمد عقباها.