مستقبلنا الاقتصادي (1 - 3)

23/10/2012 2
عبد الحميد العمري

قد تختلف ردّة الفعل على ما سيأتي من حديث حول مستقبل اقتصادنا ضمن الدائرة الأوسع لمستقبل الاقتصاد العالمي، بين غير مكترث وآخر قد يقلق ويهتم ولو بدرجةٍ مقبولة! كل ذلك مرهونٌ بحدود قناعات كل فرد منّا، لعل من أبرز جوانبها أولاً: سعة أو ضيق المخيلة لديه تجاه المستقبل الغامض، وثانياً: الأدوات المتوافرة لديه للتنبؤ بما هو في علم الغيب أصلاً وفقاً لتلك الأدوات..

يمكن القول إن سفينة الاقتصاد العالمي تمرُّ منذ 2007م إلى أجلٍ غير معلومٍ حتى الآن بموجاتٍ وتقلباتٍ حادة، لم يسبق أن مرّت بها منذ عهد الكساد العظيم! ولايُرى في الأجل المنظور منطقة مستقرّة قد ترسو عندها هذه السفينة العملاقة. لخّص الاقتصادي محمد العريان هذه المرحلة الأخطر في تاريخ الاقتصاد العالمي في كتابه الثري (عندما تتصادم الأسواق)، أنها إعادة اصطفافٍ عملاقةٌ جداً اقتصادياً ومالياً وتقنياً لمحركات الاقتصاد العالمي! تنتقل خلالها القوى المحرّكة الرئيسة له من أممٍ إلى أممٍ أخرى، وحتى تكتمل عملية التحول العملاقة هذه، يمكن القول حينئذ إن سفينة الاقتصاد العالمي سترسو بمنطقة أكثر استقراراً، غير أنّها ستكون على حالٍ مختلف تماماً عن عهدها ما قبل تلك التقلبات، عهد يعترفُ بقيادة أممٍ كانتْ طوال العقود الأخيرة في مرحلة بزوغ وصعود، حلّت محل أممٍ قادتْ العالم واقتصاده حيناً من الدهر، كانتْ تتآكل وتشيخ طوال العقود الأخيرة، وحان الوقت لترزح تحت رحمة دائنيها الأنشط والأغنى والأذكى..

إذاً استغرقتْ مقدمات المرحلة الراهنة عقوداً من الزمن، وما جرى من زلازل وأزمات لم يكن إلا:
(1) نتيجةً حتمية لما سبق التمهيد له،
(2) أنّ التقلّبات لم تنته بعد، فهي ماضية بالعالم نحو أنماطٍ جديدة تماماً من القوالب تختلف عمّا كانت عليه قبل الأزمة العالمية الراهنة. وعليه، يجدر بنا في ضوء كل ما تقدّم بالنسبة لاقتصادنا أن نتلمّس معالم المستقبل، بحثاً عن موقعٍ أكثر أماناً واستقراراً ضمن بنية الاقتصاد العالمي، وللحديث تتمته..