مثلث النجاح والأرباح:- (الفهم والتحكم النفسي والسلوكي لذات وللاخر)

12/01/2010 1
علي الحداد

تحدثنا سابقا عن مثلث النجاح والارباح واهميته في تحقيق الربح وذلك في ثلاث مقالات نشرت على التوالي فالمقال الاول كان مقدمه والمقال الثاني والثالث تحدثنا فيهما عن اداة التحليل واداة المال واليوم نكمل الجزء الاخير من زوايا هذا المثلث الا وهو الفهم والتحكم النفسي والسلوكي للذات والاخر.

إن معرفة الاخر تتطلب معرفة الذات وان الانسان بطبيعته البشرية يحمل بعض الصفات والخصائص التي تميزه عن غيره من الموجودات وقد تكون بعض هذه الخصائص والصفات تمثل جانب القوه في هذا الانسان كميزته بانه صاحب عقل وفكر. وعلى النقيض قد يحمل هذا الكائن بعض الخصائص التي تبرز جانب الضعف والمحدودية فيه علما بان هذا الضعف وهذه المحدوديه ليسا نتاج ظرف و محيط او اهمال هذا الانسان وانما هي خاصية قد تكون لها ميزه من جانب كما هي ميزة النسيان مثلا ولكنها تعكس في نفس الوقت محدودية وضعف هذا المخلوق  من جانب اخر.

يبدو ان الحديث عن النفس والشخصيه حديث معقد اذا ماتم تناوله من جانبه النظري لذا فإنني اكتفي بالاشاره الى الجانب العملي وسأنتهح نفس النهج الذي كتبت فيه عن ادارة المال حتى يستفيد منه اكبر عدد ممكن من قراء هذه المقاله واحيل القارئ الذي يريد ان يبحث عن الموضوع بصوره اشمل واوسع الى بعض المصادر منها :-

1. Beyond Greed and Fear   (Hersh Sherfrin) 2. Irrational Exuberance  (Robert J.Shiller) 3. Investment Psychology Explained   (Martain pring)

واخيرا مقاله منشوره في مجلة الرابطه الامريكيه للتحليل الفني MTA صادره  في يناير 2010 لـ Van K. Kharp  بعنوان  Personality Type of Trading

تتذبذب الاسعار في سوق الاسهم حول قيمتها العادله كما يتذبذب بندول الساعه الالمانيه حول محوره يمينا وشمالا, الاان الفارق الوحيد بين حركة بندول الساعه الالمانيه وحركة سوق الاسهم هو ان حركة بندول الساعه  يمكن تحديد نقطة حركة  اقصى اليمين و نقطه حركة  اقصى الشمال على عكس حركة السوق او السهم  الذي يمكن تقريب قيمته العادله (المحور) ولكن لا يمكن تحديد نقطه معينه كحد اعلى للصعود او حدا اقصى للنزول الا ان العلاقه بين حركه الصعود العنيفه وحركة النزول العنيفة لسوق او السهم هي علاقه طرديه بمعنى انه كلما كانت حركة صعود السهم او السوق حادة كلما كانت حركة النزول للجانب المعاكس حادة  ايضا. فهو اي السوق او السهم في حالة حركة و ارجحه دائمه. وربما تكون احد اهم الاسباب لهذه الظاهرة ان معظم حركات الانسان وافعاله هي  نتاج ردود افعال  وعاده ما تكون ردة فعله هذه زائده ومبالغ فيها خصوصا عندما يتحرك ضمن نطاق الجماعه ,وهذا ما يعرف بالتصعيد التفاعلي.

ونتيجه لهذه الخاصيه فإنه في حالة صعود السهم يميل كثير من تجار السوق الى التوقع الايجابي بمعنى ان السهم يسيرتفع اكثر وسيواصل الصعود وبناء عليه يتخذون قرار الشراء.

اما في حال النزول فيكون العكس تماما فيعتقدون ان السهم سيواصل النزول وبناء عليه يتخذون قرار البيع.

ومثل ردة الفعل هذه تخلق ما يسمى بتحرك القطيع وعليه كلما استغرق الصعود للسهم او السوق فتره زمنيه طويله كلما زاد الاتصال والتفاعل بين المتاجرين بشكل اقوى, وكلما كان الاتصال بين المتاجرين اقوى كلما كانت رده الفعل الزائده اقوى. وما يحدث في الصعود يحدث في النزول الا انه بصوره عكسيه بمعنى ان التاجر يحركه الامل الذي يتحول الى جشع صعودا و يحركه الخوف نزولا.

وربما يكون منشأ ردة الفعل الزائده هذه ان الكثير منا يميل الى ان يتعامل مع المعلومات الموجوده والجاهزه لديه بدلا من البحث عما اذا كانت حركة الاسعار الحاليه صحيحه او لا  لان البحث والتدقيق يتطلب جهدا حقيقيا.

وقد تكون هناك اسباب اخرى وهو ان الانسان له نزعة الحركه مع الجماعه ومن اسباب هذه النزعة ما يلي:

1. الضغط الداخلي للشخص المنفرد عن الجماعه بحيث يقول لنفسه لا يمكن ان يكون كل هؤلاء المستثمرون او التجار على خطأ.

2. الضغط الخارجي : وهو انه لا يحب ان يكون شاذا فيسمع كلمات سلبيه من الاخرين او ينظر له الاخرون بطريقه غير ايجابيه.

3. ربما يحس المتعامل  في السوق ان الاخرون ومنهم المحللون هم افضل منه ويسلم بذلك على نحو الاطلاق بدون فرض احتمال امكانيه الخطأ لهذا المحلل او ذاك وبذلك يرفع عن نفسه مسؤوليه اتخاذ القرار, فإن  ربح قال كان قراري صحيحا وان خسر قال فلان سبب خسارتي.

وقد تكون هناك اخطاء منشئها الشخص نفسه وليس ضغط الجماعه وتاثيرها  وذلك في حال لو كانت لديه نزعه  وتحيز الى المعلومات الموجوده والجاهزه في السوق دون الرجوع الى مصادر المعلومه و التحقق منها بمعنى ان طريقه معالجه المعلومه كان خاطئ.

وكذلك ايضا في ما لو اصر احد على ان رأيه صحيح حتى لو ان السهم نفسه يتحرك بعكس الاتجاه المتوقع له وهو ما يعرف بتصلب الرأي وهو نتاج الثقه الزائده والاعتداد بالنفس .

والثقه الزائده  قد يكون سببها متولد من عدة عمليات ناجحه  قام بها التاجر ولدت له احساس بالقوه  و العظمه  وانه لا يمكن ان يهزم في السوق . علما بان نجاحه السابق قد يكون حظا او قد يكون نتاج انه قام بواجبه من ناحيه البحث والتحليل والاخذ بمسببات النجاح الا ان نجاحه المتواصل في عده عمليات اعطاه  الثقه بأن ربحه ناشئ من صفات ذاتيه يمتلكها وبالتاليي يتغير فعله من شخص يبحث عن السوق او السهم الجيد الى شخص يعتقد ان السهم الذي يشتريه سيحالفه  الصعود  وربما استخدم الرافعه الماليه بنسبه كبيره جدا وبالتالي فأن اي  حركه عكسيه للسهم  ستؤدي الى خسائر مضاعة وهذه الخساره منشئها الثقه الزائده.

وقد يكون منشأ الخطأ او الخساره  هو الصيغه التي طرح فيها اتخاذ القرار ومن امثلتها و ان الانسان يشمئز ويكره الخساره لذا فانه لا يريد ان يحول خسارته  الورقيه في السوق الى خساره حقيقيه ونتيجه هذا فان السهم ممكن ان يخسر صاحبه 80% ورغم ذلك لا يبيع. وربما ان بعضهم  يبيع  في هذ المستوى  من الخساره ولكن بطريقة (البيع اللذّي ) ومثاله عندما يخسر شخص ما في السهم ويتصل على صاحبه الذي ربما يكون سبب خسارته في هذا السهم لانه هو الذي اوصاه بالشراء فيبادر هذا الصاحب (صديق صديق الهامور) صاحبه  الخسران   بالاقتراح  عليه بيع  السهم المشبع بالخساره   لانه لديه اي (صاحب صديق صديق الهامور)   اخبار خاصه وساره  وذلك انه يمكن تعويض االخساره  من سهم اخر سيعطيه بعد تعويضه الخساره السابقه 20%  ربح خلال فتره  وجيزه  (وان هذا الخب مؤكد)   فيقوم صاحبنا الخسران  وهو مسرور بهذا الاقتراح ببيع السهم الخسران وشراء السهم الجديد الذي سيغطي الخساره .

لاحظوا على الرغم من ان خسارة العميل هي 80% الا انه باع وهو مسرور وكانه بالفعل غطى خسارته وربح .   وعلى اي حال انها نزعه الانسان في تاجيل الخساره وسرعه جني الارباح  وتتبرير ما يقوم به من فعل حتى لو كان نتيجه هذا التبرير هو الخساره.

ان محاوله التاجر لمعرفه واستغلال جوانب القوة الموجوده فيه والتغلب على جوانب الضعف تفيده حتما في اتخاذ القرار الصحيح بالبيع او  الشراء. 

وبهذا نكون قد اكملنا لحديث عن مثلث النجاح والارباح فاداة  التحليل افادتنا في  كيف نحلل, واداة المال علمتنا كيف نوزع المال , والفهم والتحكم النفسي والسلوكي للذات والاخر علمتنا كيف نتعامل مع عناصر الضعف والقوه التي لدينا لا تخاذ القرار .