أسمنت العربية والقطرانة!

15/08/2012 25
محمد العمران

بتاريخ العاشر من حزيران (يونيو) الماضي، بدأ عمال مصنع أسمنت القطرانة في الأردن الشقيق إضراباً عن العمل بالتنسيق مع النقابة العامة للعاملين ووزارة العمل الأردنية نتيجة خلاف مع إدارة الشركة حول تنفيذ بنود عقد العمل الجماعي، إلى أن تم التوصل إلى حلول ودية وبالتالي إنهاء الإضراب رسمياً اعتباراً من تاريخ 26 من الشهر نفسه بعد توقف دام نحو 16 يوماً تقريباً. ما يهمنا هنا في هذا هو أن "أسمنت القطرانة" هي شركة أردنية مملوكة بنسبة 87 في المائة من قِبل أسمنت العربية؛ الشركة المساهمة السعودية المدرجة في السوق المالية السعودية.

نتيجة لذلك، قامت أسمنت العربية مشكورة بالإعلان على موقع تداول في بداية تموز (يوليو) الماضي عن الأثر المالي المترتب على توقف أعمال مصنع القطرانة، حيث أعلنت أن قيمة الخسارة الناتجة من التوقف بلغت 1.7 مليون ريال فقط لا غير، وأعلنت أيضاً أن هذه الخسارة لا تشكل أثراً جوهرياً في النتائج المالية، ولا أخفيكم سراً أن أكثر ما أعجبني في هذا الإعلان هو الدقة في تحديد الأثر المالي للتوقف والتي بلغت الأجزاء العشرية من المليون وهذا يوضح الاحترافية التي وصلت إليها الشركات المساهمة السعودية في الشفافية والوضوح!

إلا أنه عندما أعلنت "أسمنت العربية" في منتصف تموز (يوليو) نتائجها المالية للربع الثاني من هذا العام، تضمن الإعلان (وبصورة مفاجئة لم يتوقعها أحد) تحقيق خسائر ناتجة من هبوط في قيمة ممتلكات ومصنع ومعدات أسمنت القطرانة بقيمة كبيرة بلغت 86.8 مليون ريال بعد إجراء دراسة لاختبار قيمة الأصول عن طريق مكتب استشاري متخصّص، وأنا أقول بصورة مفاجئة لأن "أسمنت العربية" لم تعلن إجراء هذه الدراسة المهمة؛ لا على موقع تداول ولا في تقاريرها السنوية، بينما المضحك أنها أعلنت الأثر المالي لتوقف المصنع بسبب الإضرابات والذي كان لا يتعدّى 1.7 مليون ريال فقط! وهنا تتجلى الشفافية والإفصاح في أحسن حللها!

قد يبرر مسؤولو "أسمنت العربية" أن موضوع اختبار تقييم الأصول لأسمنت القطرانة هو موضوع يختلف كلياً عن موضوع إضراب العاملين، وقد يبدو هذا التبرير معقولاً من الناحية الشكلية، إلا أن التفاصيل الدقيقة تؤكد لنا أن كلا الموضوعين كانا نتيجة طبيعية للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الأردن الشقيق في الفترة الأخيرة. المهم أن ما حدث أوضح لنا الأسلوب الملتوي الذي اتبعته إدارة "أسمنت العربية" في تغييب الشفافية والوضوح عن مساهميها فيما يحدث باستثمارها في أسمنت القطرانة عندما طمأنتهم وقللت من تأثير الإضراب أولاً ثم لتفاجئهم لاحقاً بتحقيق خسائر كبيرة غير متوقعة!