استثمر في الصناديق الاستثمارية.. ولكن احذر من تضارب المصالح

06/09/2009 5
محمد القويز

غالباً ما أنصح المستثمرين بالاستثمار عبر الجهات المؤسسية كصناديق الاستثمار، فالصناديق الاستثمارية تتمتع بإدارة محترفة ومتفرغة لأعمال الإدارة، كما أن حجمها يمكنها من الوصول إلى المعلومة وتحليلها بشكل أفضل، وبالتالي فهي أدعى لتحقيق نتائج أفضل من المستثمر الفرد, خصوصاً إذا كان المستثمر لا يملك معرفة مالية أو خبرة استثمارية أو القدرة على مراقبة الأسواق باستمرار. ولكن بعض المستثمرين يتشكك في صناديق الاستثمار ومصداقيتها فيرى أن مديري الصناديق: «لا يبحثون عن مصلحتي». لذا وددت أن أتطرق في هذا المقال لأنواع تضارب المصالح التي قد تنشأ بين مدير الصندوق والمستثمر، والطرق المثلى للاستثمار مع الصناديق الاستثمارية والاستفادة من إدارتها المؤسسية دون التضرر بتضارب المصالح.

الاستثمار في أي صندوق ينطوي على قدر كبير من الثقة بمدير الصندوق، لذا فمن الطبيعي أن يتوقع المستثمر أن مدير الصندوق يعمل لمصلحته الخالصة ولا يغلّب أي مصلحة أخرى عليها. ونحن نعد هذا العنصر من أهم العناصر في تقييم الصناديق، ولكن المستثمرين نادراً ما يتفحصونه من كثب (وللأسف الشديد). وعلى الرغم من أن إزالة تضارب المصالح تماماً من الأمور الصعبة جداً إلا أن المدير الذي يخفف منها بالقدر الأكبر يكون أدعى للوثوق به. وفيما يلي نسرد أبرز احتمالات التضارب في المصالح (من الأشد إلى الأخفّ).

مصالح الاستثمار والتداول: هذه الحالات تحصل إذا كان للشركة الاستثمارية التي تدير الصندوق أعمال أخرى غير إدارة الصناديق (كالوساطة، أو الاستثمارات المباشرة) حيث يحتمل أن تحصل الإدارات الأخرى على أخبار مسبقة عن نوايا الصندوق في البيع والشراء للاستفادة منها، الأمر الذي يمكّن هذه الإدارات أو عملاءها من الاستفادة من هذه المعلومات بالبيع والشراء قبل الصندوق، وبالتالي زيادة سعر شرائه أو تخفيض سعر بيعه، ما يحقق له الخسارة أو يفوت عليه الكسب. وهذا النوع من تضارب المصالح ممنوع صراحة في أنظمة هيئة سوق المال، ولكن حدوثه ممكن نظرياً بالاستناد إلى الخطأ البشري لذا فمن أفضل الطرق للابتعاد عن هذا النوع من تضارب المصالح قصر التعامل مع شركات استثمارية ليس لديها إدارات وساطة أو استثمارات داخلية، كما يفضّل الاستثمار مع الجهات التي لا تسمح لمدير الصندوق أن يدير أكثر من صندوق في وقت واحد أو أن يدير محافظ خاصة لعملاء آخرين في الوقت نفسه (لإمكانية استفادته المسبقة من حركات الصندوق).

تعاملات ذات فائدة تجارية: في هذه الحالات يقوم مدير الصندوق باستغلال عمل الصندوق ليحقق لنفسه منافع أو أرباحا (غير رسوم الإدارة المعلن عنها). والأمثلة على ذلك قيام مدير الصندوق بتنفيذ أوامر البيع والشراء الخاصة بالصندوق عن طريق وحدة التداول الخاصة به مما يحقق له عائدا إضافيا (خصوصاً إذا كانت وحدة التداول الخاصة به أعلى تكلفةً من إدارات الوساطة في الشركات الاستثمارية الأخرى)، أو بتقديم خدمات مختلفة أو بفرض رسوم مختلفة على الصندوق (حفظ، سجل المساهمين، الإقراض، استئجار مقر .. إلخ)، أو باستغلال استثمارات الصندوق للحصول على فائدة تجارية (كعلاقة تجارية مع إحدى الشركات التي يستثمر فيها الصندوق). والقاعدة العامة أن هذه الأشكال من تضارب المصالح يجب الإعلان عنها صراحة في نشرة اكتتاب الصندوق، إلا أن الأفضل للمستثمر اجتنابها تماماً. ومن الطرق للابتعاد عن هذا النوع من تضارب المصالح كما في سابقه عدم التعامل مع الشركات الاستثمارية التي لديها إدارات وساطة أو استشارات مصرفية استثمارية للشركات، وبالتالي التأكد من أن لمدير الصندوق هدفا واحدا وهو الإخلاص في إدارة أموالك.

مصالح الرسوم: هذا النوع من تضارب المصالح ينشأ إذا كانت رسوم المدير أو طريقة حسابها تدفعه لانتهاج سياسة استثمارية قد لا تصب في مصلحة العميل فعلى سبيل المثال لو كان مدير الصندوق يتقاضي نسبة من الأرباح الكلية التي يحققها الصندوق وليس فقط على الأرباح التي يزيد فيها على المؤشر، فإن صعود السوق ككل لمستويات عالية في سنة من السنوات قد يحقق للمدير عائداً كبيراً دون أن يكون له دور في ذلك بالضرورة، ما يجعله أقل حرصاً على أن يتغلب على السوق ككل أو على مؤشرها الإرشادي. وهذا النوع من تضارب المصالح مسموح، ولكن من الأفضل للمستثمر أن يكون واعياً به وأن يجتنبه.

مصالح البيع: وهذا النوع من تضارب المصالح ينشأ عادة عندما يكون لمدير الصندوق فريق مبيعات كبير. في هذه الحالات يُحتمل أن يكون همّ موظفي المبيعات هو دفع المستثمر للدخول أو الاشتراك في صندوق معين ولكنهم ينتهجون أسلوب المشورة لإدخال المستثمر في فئة استثمارية غير مناسبة له (كإقناع مستثمر منخفض المخاطر بالاستثمار في صندوق أسهم عالي المخاطر) أو في صندوق ليس الأفضل في فئته الاستثمارية (مقارنة بصناديق الشركات الاستثمارية الأخرى). وهذا النوع من تضارب المصالح مسموح نظامياً (ضمن بعض القيود) كما أنه الأكثر حدوثاً لذا فمن المفضل دائماً سؤال موظفي المبيعات كيف يتم مكافأتهم؟ فهل تختلف مكافأتهم باختلاف الصندوق؟ فإن كان الجواب (نعم) فاعلم أن توصية الموظف قد لا تكون في محلها.

****

من السرد السابق نسوق التوصيات التالية التي تمكّنك من الاستثمار مع الصناديق الاستثمارية والاستفادة من إداراتها المؤسسية وميزتها النسبية مع الاطمئنان بأنها تعمل لمصلحتك وبالحد الأدنى من تضارب المصالح:

* من الأفضل الاستثمار مع مدير صندوق ليس لديه إدارة للوساطة أو إدارة لتمويل الشركات ما يقلل احتمالات تضارب المصالح.

* تأكد أن مدير الصندوق لا يدير أي محافظ خاصة في الوقت نفسه، ما يخلق فرصاً لتضارب المصالح، كما يحبذ ألا يدير المدير أكثر من صندوق استثماري في الوقت نفسه.

* قراءة نشرة الصندوق للتأكد من أن مدير الصندوق لا يفرض أي رسوم إضافية غير رسوم الإدارة المعلن عنها.

* الحرص على عدم الاستثمار في صندوق يأخذ حصة من الأرباح، فتكلفة هذه الصناديق عادة تكون عالية في نهاية المطاف. وإذا اشترط الصندوق حصة من الأرباح فينبغي أن يكون ذلك فقط إذا حقق أداء أفضل من المؤشر ككل.

* سؤال الموظف الذي يبيع صناديق الاستثمار عن مقدار المكافأة التي يتلقاها شخصياً من استثمارك في الصناديق الاستثمارية المختلفة، والحذر من نصيحته إذا لم يبلغك عن مقدار المكافأة، أو إذا كان الصندوق الذي ينصحك به هو الذي يدفع له أعلى مكافأة.

* الاستثمار في الصناديق الاستثمارية عبر جهة مستقلة ليكون بإمكانها تقييم أداء الصناديق الاستثمارية من الشركات المختلفة وتقديم رأي محايد بشأنها.

نأمل أن يؤدي العمل بالتوصيات الوادرة بعاليه لإزالة كثير من تضارب المصالح لدى الصناديق الاستثمارية، وإذا ما قرنا ذلك بالميزات النسبية العديدة لهذه الصناديق عن المستثمر الفرد من ناحية الكوادر والخبرات، فإن المأمول أن تصبح الصناديق الاستثمارية هي (القوي الأمين), الذي يصبح خير من نستأجر لإدارة أموالنا.