إيدز الاقتصاد

05/07/2012 8
عبدالله الجعيثن

أثناء المباحثات حول الوحدة النقدية لأوروبا أطلق الرئيس الفرنسي (جاك شيراك) عبارته الشهيرة (المضاربون إيدز الاقتصاد).. وسبب قوله هجوم المضاربين على الفرنك الفرنسي يبيعونه ويرون أنه مقوم فوق قيمته فواصل الفرنك انحداره وصب (شيراك) غضبه على المضاربين واصفاً إياهم بالإيدز..

 والحقيقة لم يكن الذنب للمضاربين بل لضعف الاقتصاد الفرنسي آنذاك، وكما أن مرض الإيدز لا يصيب الإنسان بدون مقارفته السوء فهو أيضاً لا يصيب غير الاقتصاد السيئ، فالمضاربون ليسوا سبب الاصابة ولكن هم من قاموا بتشخيص المرض الموجود أصلاً..

 فيما بعد أطلق كثيرون عبارة (المضاربون إيدز الاقتصاد) على مضاربي الأسهم، وخاصة إذا خفضوا أسعار الأسهم إلى الحضيض، ومرة أخرى مضاربو الأسهم ليسوا سبب الإيدز بل هم المختبر الذي كشف وجود المرض في جسد السوق ككل أو في جسد شركات معينة فتخلصوا منها ومن دائها وكشفوها هي وإدارتها على الحقيقة، هذا في حال الوعي المضاربي والعدل في الحصول على المعلومات والبعد عن النجش والغش والتدليس.

 إن مضاربي الأسهم يقومون بدور اقتصادي فعَّال طالما كانوا واعين مستقيمين، فبدونهم تموت السوق الثانوية، ثم تموت السوق الأولية (الاكتتابات) ولا تصبح أسواق الأسهم وسيطاً فعالاً بين الادخار والاستثمار، ولا يمكن قيام صروح اقتصادية كبرى توفر فرص العمل والمزيد من السلع والابتكارات والعملات الصعبة دون سوق أولية (اكتتابات) وهذه لا يمكن أن تحيا دون وجود سوق ثانوية (عمادها المضاربون) بحيث يعرف المكتتب انه يستطيع التسييل حين يحتاج أو يريد..

 كما أن المضاربين الواعين ينصفون إدارة الشركة الجيدة ويكافئونها برفع أسهمها، ويعاقبون الادارة السيئة بخفض أسهم شركتها، وهذا يقوم الحال..

 (إيدز الاقتصاد) هو الفساد المالي والإداري سواء أكان في القطاع العام أو الخاص..