مساكننا الأعلى تكلفة في العالم

15/03/2012 44
عبدالله الجعيثن

الدار يجب أن تكون أول ما يشرى وآخر ما يباع.. حكمة عربية.. لكن امتلاك (دار) في بلادنا هو الأعلى تكلفة في العالم تقريباً، فإذ يتراوح متوسط تكلفة الأرض عالمياً ٣٠٪ من الاجمالي يصل عندنا إلى ٦٠٪ رغم أننا الأكثر صحاري والأكبر مساحة مقارنة بعدد السكان..

* وتكلفة البناء لدينا - رغم أنها ٤٠٪ من المسكن تقريباً هي الأعلى تكلفة في العالم والأكثر هدراً وسوء تدبير، قال لي مهندس متمكن إن ما تضعونه من حديد في مسكن من دورين ونصف يكفي لستة أدوار والاسمنت نبالغ فيه وكل شيء تقريباً، ثم هناك مجلسان كبيران وأكثر من سفرة وربما صالة هائلة مفتوحة تعوي فيها الرياح وتستعصي على التكييف في جو صحراوي شديد التطرف.. يضاف لهذا أن كثيرين يريدون (كل شيء في البيت) المسبح والنادي الرياضي والحديقة والسينما والمكتبة العامة، وزعماء المافيا وحدهم من يجعلون كل شيء في البيت لأنهم مطاردون لا يستطيعون الخروج!! أما نحن فأحرار نخرج متى نشاء ومدننا عامرة بالنوادي والحدائق والمكتبات العامة المهجورة مع الأسف.. ولكننا بعد أن نتكلف كل هذا نضع أسواراً تشبه أسوار السجون ونتبرس النوافذ بالحديد ونضع في الأبواب أنواعاً من المزاليج، عمودياً وأفقياً، ناهيك عن هدر الارتدادات (٢ متر على طول الفيلا) مكلفة في نظافتها ولا فائدة منها (أرض مساحتها ٣٠X٢٠) يهدر مالكها ستين متراً في ارتداد متروك للغبار قيمته فوق ١٢٠ ألف ريال!

* إن فرض رسوم على الأراضي البيضاء (والأفضل الزكاة الشرعية) يخلصنا من المساحات الهائلة الفاضية داخل المدن والتي صارت مرتعاً للحشرات والمخلفات وأصحابها حابسونها لا هم عمروها ولا باعوها فمن حكمة الزكاة الدفع إلى الانتاج وهو البناء هنا بحيث يستفيد المسلمون وتشفى أسعار الأراضي من بعض الجنون الذي أصابها..

* كما أن وجود عدد كبير من النوادي في الأحياء تنجزها البلديات بمجالسها ومسابحها وحدائقها ويشترك فيها سكان الحي بمبلغ رمزي يجعل ثقافة البناء المسرفة المتلفة لدينا تتغير، فتكتفي الأسرة بأرض صغيرة ومجلس واحد صغير (والعزائم في النادي)..

* إن مساكننا كما هي الآن ليست الأغلى تكلفة عالمياً في إنشائها فقط بل وفي صيانتها وخدماتها واستهلاكها للماء والكهرباء وحاجتها للخدم، وكل هذا ضد العقل..