التحديات الجديدة التي تواجه المصارف السعودية الآن!

21/12/2011 12
محمد العمران

في السنوات الأخيرة، واجهت المصارف التجارية في المملكة تحديات كبيرة بدأت بتكوين المخصصات الاستثمارية في نهاية 2008 ، مروراً بتكوين المخصصات الائتمانية ومحاولات زيادة نمو الودائع ومحاولات زيادة نمو الإقراض والسعي لترشيد المصروفات منذ 2009 وحتى الآن، حيث دفعت المصارف في المملكة ثمناً غالياً جداً (كمثال، بلغت المخصصات الائتمانية نحو 18.7 مليار ريال فقط حتى الآن) بسبب الثغرات التي كشفتها لنا الأزمة المالية العالمية في أنظمة إدارة المخاطر لدى المصارف السعودية!!

ويبقى السؤال مطروحاً: هل انتهت التحديات التي تواجه المصارف في المملكة عند هذا الحد أم ما زالت هناك بقية؟

الإجابة عن هذا السؤال بالتأكيد "لا"، فالتقرير الأخير لوكالة ستاندرد وبورز أشاد بمعدلات كفاية رأس المال لدى المصارف في دول مجلس التعاون الخليجي (بما فيها المصارف السعودية) استنادا إلى معايير "بازل-3"، لكنه في الوقت ذاته توقع أن تنخفض قدرة المصارف على التمويل طويل الأجل، الذي يشمل تمويل المشاريع الكبرى والتمويل العقاري بسبب المعايير الصارمة للسيولة، التي تستوجب وجود توازن زمني في هيكلة الأصول والخصوم في ظل اعتماد المصارف بشكل كبير على ودائع العملاء ذات الطبيعة القصيرة الأجل، وهو بالتأكيد تحد مهم سيجبرها إما على توجيه القروض الجديدة لفترات زمنية قصيرة وإما على إصدار صكوك أو سندات جديدة.

أيضاً ونتيجة طبيعية لهبوط أسعار السندات السيادية في أوروبا وهبوط أسعار بعض السندات التجارية العالمية أخيرا، فأرى أن المصارف السعودية قد تضطر مجدداً لتكوين مخصصات استثمارية للاعتراف بخسائرها من إعادة تقييم هذه السندات وإن كانت بأرقام متواضعة بسبب صغر حجم التعرض والسياسة المتحفظة التي تتبعها المصارف عموماً. إلا أننا عندما ندقق في حجم استثمارات المصارف في السندات الذي يبلغ حالياً مئات المليارات من الريالات، فإن المخصصات الاستثمارية إن عادت فتشكل ضغطاً على معدلات نمو الأرباح وقد نشهد سيناريوهات سيئة في حال تعرض الاقتصاد العالمي مستقبلاً لهزة جديدة ـــ لا قدر الله ـــ لكن لن يصل الأمر لمستوى تحقيق خسائر على أي حال.

أما التحدي الأبرز في رأيي الشخصي فيتمثل في قدرة المصارف مستقبلاً على توليد الإيرادات وبشكل مطرد من الرسوم على الخدمات وفروق العملة في حال عدم قدرتها على زيادة الإيرادات من العمولات الخاصة وإجراء مزيد من التخفيضات في المصروفات. بمعنى أصح لنتساءل: كيف ستتمكن المصارف من تحقيق نمو مستقبلي للأرباح في حال ثبات إيراداتها من العمولات الخاصة وعجزها عن تخفيض النفقات؟ وإلى أي مدى ستتمكن مستقبلاً من زيادة الإيرادات بواسطة فرض مزيد من الرسوم وهوامش أعلى من فروق العملة؟ وهل هذا هو الأسلوب الأمثل في تصحيح الأخطاء الإدارية التي كلفت المصارف مليارات الريالات على مدى السنوات الثلاث الأخيرة؟