أنوال- عمر أفندي قراءة في فسيفساء لا تنتهي

03/12/2011 11
اسلام زوين

الحديث عن هذة الصفقة يثير شهية الكثيرين في المتابعة والسجال ، ولكن معظم من يتداولون الصفقة يغلب عليهم الوقوف في أحد الجانبين وهي إما أن أنوال تعرضت لعملية سطو مصرية وهو الجانب الغالب في المملكة والجانب الآخر يرد بأن الصفقة هي عبارة عن سوء إدارة أدي لضياع حقوق العاملين علي يد حكومة مصرية سابقة بمساعدة شركة سعودية وهو ما تعلنه الصحف المصرية وبإستمرار... والطرفان يتجاذبان أطراف الخلاف ويصعب علي المتابع المحايد الإدلاء برأيه بشجاعة دون ان يطاله شظايا فسيفساء تلك الصفقة بالإتهام المباشر بإلانحياز لتبني وجهة نظر أحد الأطراف.

ومن خلال متابعتي خلال أربعة أعوام ، إقتنعت بأنها صفقة ملعونة ، وأن القابض على حقائقها كالقابض على الماء، وأن تفاصيل الصفقة وتوابعها من ملفات وتصريحات وقضايا يجعلك تصاب الدوار ، فالطرفين يتناقضون كثيراً ويتفقون قليلاً ويصعب عليك تصديق أيهما الأقرب للصدق ، بل أنك لو كنت متابعاً للأطراف ستجدهم يقولون كلاماً متناقضاً بإعتمادهم علي أن القارئ العربي ذو ذاكرة ضعيفة ولا يتذكر إلا شحنات عواطفه بنهاية أي تصريح ومقال آياً كان طرفه.

هذة المقدمة هامة حتي لا يصاب أحد طرفي النزاع بحمي الإنفعال بعد نهاية مقالي ، فما سأذكره موثقاً بمصادره وتواريخها (مما قد يسبب مللاً) ولكن أعدك صديقي القارئ بعرض ما أستطعت الوصول اليه ، ولا أخفيك أن كل يوم سيأتي بجديد وأننا للأن لم نصل الي السطور الأخيرة في هذه القضية الشائكة

الفصل الأول : حقائق عن الصقفة

الصفقة : حسب رواية كل طرف

السيد جميل القنبيط أفاد في حوار تليفزيوني مع قناة CNBC الإقتصادية أنه دفع 700 مليون جنية نقداً محولة بالكامل وأن عدد الفروع 79 فرع في 26 محافظة ، والحكومة المصرية قبل الثورة تقول أن المبلغ (علي لسان الوزير السابق محمود محي الدين هي 465) مليون إرتفعت الي 654 مليون وعدد الفروع المذكورة 42 فقط ولا ذكر عن عقارات أخرى في الأسكندرية وبلطيم ولا وجود لاسطول السيارات (مضبطة مجلس الشعب المصري- الجلسة 103 بتاريخ 27 يونيو 2006).

الصقفة كحقيقة مجردة :

90% من أسهم مجموعة متاجر مصرية تسمي "عمر أفندي" تباع لشركة سعودية تسمي "أنوال المتحدة للتجارة" في عام 2006 بسعر معلن 589.5 مليون جنية وإلتزام المشتري بضخ 200 مليون جنية للتطوير مع تعويض العاملين الخاضعين للمعاش (التقاعد المبكر) بقمية 50 مليون جنية ، بالنسبة لعدد الفروع 82 فرع وهي عبارة 29 محل مملوك و54 محل مؤجر منذ سنين عدة وعدد من المخازن في حدود 50 مخزن وأسطول سيارات 159 سيارة نقل و55 سيارة ركوب حيث تم تقديره بـ 20% من قيمته الدفترية (المصدر: جرد محكمة القضاء الإداري).

وتعليقي هنا ، لماذا كل هذا التضارب في السعر المعلن وعدد الفروع، هل الحكومة كانت تود أن تبدو الصفقة رابحة للشعب المصري بعدد فروع أقل وقيمة سوقية أعلي؟ ، أم كانت للحكومة مآرب أخرى فرضتها بسرية علي أنوال؟، كما أني لا أتفهم تصريح السيد القنبيط وهل هذا ينم عن أنه دفع ملبغاً أكبر من المعلن بـ 110 مليون؟ وإن كان صحيحاً لماذا لا يطالب به؟ كما أن عدد الفروع التي ذكرها أقل بثلاث فروع عن المعلنة ، كما انه ليس سراً بأن الحكومة المصرية نفسها لم تعرف عدد الفروع ، فكراسة الشروط كانت تنص علي 85 فرع إلا أن الوزير أصر أن عدد الفروع هي 82 فرع فقط بينما كان تقرير مدقق الحسابات مصراً علي 85 فرع.

حقائق غائبة أثناء الصفقة:

أولاً: موقف الشركة المالي في 30 يونيو 2005 يقدر بـأرباح مقدراها 2.1 مليون وفي 2006 (وقت عملية الشراء) قدر بمبلغ 2.6 مليون جنية وهو ما أكده ووصفه القنبيط بالأرباح المتواضعة (حوار الأقتصادية بتاريخ 10 مايو 2011) ، ورصيد مرحل قيمته 54 مليون ، وديون في حدود 200 مليون للموردين والضرائب و120 مليون بضائع (تم تقديرها علي أساس نصف القيمة فقط).

ثانياً : عدد العاملين 5096 (لا يعلمون بنية الحكومة لمسألة المعاش المبكر) ، إضافة الي 833 موظف غير مثبت.

السؤال هنا : وهل كانت أنوال علي علم بكل هذة التفاصيل؟ الغريب أن الإجابة "نعم" و"لا" ... والإجابتين علي لسان القنيبط فقال "نعم ولكن لم أتوقع كل هذة المشاكل" (راجع حواره الصحفي مع تلفزيون CNBC) .. وقال "لا" في حواره مع الإقتصادية (كما نقلتها أرقام)، ومن المستغرب البدء بتفويض شركة عالمية لدراسة المشروع بعد إستلامه وكان المفترض أن يكون قبل الإستلام في تقرير الفحص الفني النافي للجهالة.

يعني من وجهة نظري أن شركة "عمر أفندي" مثقلة جداً بمثل هذة الأحمال وأن 200 مليون جنية فقط (المفروض ضخها حسب العقد) غير كافية لتطوير شركة متاجر تجزئة عدد فروعها بهذا الشكل ويبدو لي أن رؤية الإستثمار في قطاع التجزئة نظرياُ ممتازة ولكن عملياً علي أرض الواقع تبدو صعبة جداً (إن لم تكن مستحيلة)، فالرؤية كانت تصلح للاستثمار في شراء الأصول العقارية الخاصة بعمر أفندي .. وإلا كيف ستجدول ديون الموردين وتتصالح مع الضرائب وهما 200 مليون وحدهما؟ ثم ستطور 82 فرع ؟ وبعدها تقوم بحملات إعلانية ضخمة للنهوض بها؟ بل والغريب أن "أنوال" كانت تعلم بأن الحكومة المصرية لم تستطيع إقناع أي مستثمر بجدوي المشروع عام 1993 وعام 1996(راجع حوار نفس الحوار التليفزيوني).

إذن فالخطة كانت تستلزم إجراءات أخرى صعبة جداُ وبها نسب مخاطرة عالية مرعبة (أكبر من 5-10%) منها الرهن والبيع لأطراف أخرى وتسييل بعض الأصول ومفاوضة دائينن وبطالة مقعنة (يعني عمال ليس لهم لزوم) ، كل ذلك في ظل القانون المصري رقم 159 المنظم لمثل هذة الشركات مما يجعلها تحت طائلة مايسمي بمصر (إهدار المال العام) ... فلماذا كل هذة المخاطرة؟

أطراف وأسباب الخلاف في عام 2006

لم تكن "أنوال المتحدة للتجارة" طرفاُ في نزاع في ذلك العام، فطرفا النزاع هما "الحكومة المصرية" ممثلة في وزير الأقتصاد ضد بعض "أعضاء مجلس الشعب" (لاحظ أن مجلس الشعب المصري في 2005 كان فيه مجموعة معارضة تقدر بمجموعة الـ 88 من الأخوان المسلمين وتقريباً عشرين معارضاً آخر، ويمكنك قراءة أحد إستجوابات معارض مصري يدعي جمال زهران بالبرلمان بخصوص الصفقة)، مما أدي لنقل الأمر الي الصحافة المصرية وأصبحت راي عام ... الأسباب محل الخلاف كثيرة جداً وهي علي سبيل المثال : إصرار وزارة الإقتصاد علي تقييم أصول عمر أفندي في شركة إستشارية واحدة تسمي (نور)، بل أن الخلاف يصل الي كيفية طريقة التقيم وهو على اساس الطرح بالسوق ومقارنته بالقيم السابقة ؟ ووجود مستثمر مصري غير جاد (حسب رأي الشخصي) يعيش بالسعودية يسمي (سعيد الحنش) عرض مبلغ 2 مليار جنية للصفقة، وكان هناك مشكلة تقدير مخازن في مدينة نصر مساحتها 16 الف متر مربع بقيمة مليون ونصف (سعر 93 جنية) بينما السعر يقارب الأربع خانات، إضافة إلي خلافات في تقدير المخزون وإحتسابه بنصف بنصف القيمة .

الفصل الثاني : أنوال تسيير الحياة اليومية في عمر أفندي

لغير متابعي القضية بالتفصيل سنتعرض الي مجموعة من المشاهد السريعة والعناوين حدثت خلال الأربعة أعوام الماضية حتي يتفهم القارئ ماهية رؤس الأقلام التي قد يقرأها حالياً أو مستقبلاً عند متابعة الموضوع في فصوله القادمة:

- قضية مجدي طلبة

حدث خلاف غير مفهوم بين مهندس الصفقة واللاعب الأساسي في إنهاء كل المعقوقات (مجدي طلبة) مع شركة "أنوال" وخلافهم إنصب علي عمولة من الصفقة مقدراها 72 مليون قيمة عمولات، وللأن لم يشرح لنا أي الأطراف ماهو خلفيات هذا النزاع، ولماذا موظف بأنوال يطالبها بعمولة تصل 10% من الصفقة؟

- بدء العمل بنجاح

قامت "أنوال" بالبدء بتطوير 13 فرع ، منهم 10 في القاهرة و3 في الأسكندرية وتم إختيار شركة دعاية تدعيDesign Bridge لتصميم الشعار وبدءت الشركة بالعمل برؤية مع تفاؤل من الموظفين والمورديين والمستهلكين ، فتم ميكنة وأتمتة الفروع المذكورة وتمت تعديلات داخلية في القطاعات

- هروب أرنوه

سافر مدير الشركة الفرنسي الجنسية (أرنوه) في إجازة ثم قدم إعتذاراً عن إستكمال المهمة ولم يوضح أيضاُ لنا أحداً ماهو أسباب الإعتذار ، فهل لاسباب صحية أم كما أشيع لاسباب تتعلق بإدارة عمر أفندي

- بيع 5% لمؤسسة التمويل الدولية في نوفمبر 2007

في نوفمبر 2007، استثمرت مؤسسة التمويل الدولية في سلسلة محلات عمر افندي. تألّف استثمار مؤسسة التمويل الدولية من قرض بقيمة 40 مليون دولار بالإضافة إلى أسهم قدرها 10-6 ملايين دولار (مما اعطى مؤسسة التمويل الدولية حصة %5 في الشركة). ينطوي المشروع على تجديد المحلّات التجارية وبرنامج تحويلي لأن هذه المحلات التي كانت مزدهرة سابقا باتت في حال رديء عندما اشترتها "انوال" ... والمؤسسة المذكورة هي شريك أجنبي تابع للبنك الدولي، مما أضفي شرعية علي سلامة الصقفة وأصبح الشركاء ثلاثة وهم أنوال بقيمة 85% والحكومة المصرية 10% ومؤسسة التمويل 5% ، الغريب أن بنك المعلومات الدولي والتابع لنفس المؤسسة أصدر تقريراً غريباً (وصادماً لي شخصياً )في أبريل 2011 في صورة دراسة باللغة الأنجليزية من 17 صفحة بعنوان " من الملام في صقفة عمر أفندي؟ " تسلط الضوء علي نقاط الضعف في سياسات المؤسسة وضعف معايرها الحالية والمتابعة الواجبة لتقييم المخاطر والمشاريع!!!

ولي تعليق بسيط لا أستطيع كتمانه : فكما أسلفت بأن الجميع يتناقض مع نفسه في هذة الصفقة ، فليس فقط أطرافنا العربية مثل الحكومة المصرية ووزراءها السابقون أو حتي الحاليون أو "أنوال" ورئيس مجلس إدارتها وبعض مدراءها، بل أن طرفاً دولياً مثل مؤسسة التمويل حين يصدر مثل هذة الدراسة تجعل الجميع يندهش من حسن طالع هذة الصفقة ومن أن الجميع لايدرك أي الاتجاهات هو الصحيح.

- مشكلة الموظفين

قدم الإخوان المسلمين استجوابا بمجلس الشعب بعدم أحقية "أنوال" في البيع لمؤسسة التمويل لانه يخالف بعض البنود ، وهو إعتراض ليس له إعتبار (من وجهة نظري ولم ولن يتم يلتفت اليه) ، إلا أن الأستجواب شمل أن عدد العمال المسرحين إزداد عن العدد المقرر وهو 600 فقط (في ثلاث سنوات) فوصل عددهم الي 2433 حتي تاريخ 30 -6 -2009 ، وكان رد "أنوال" أنها قامت فقط بالتسريع بتقاعدهم المبكر ( راجع تصريح جميل القنيبط في مقابلة الأقتصادية السعودية ) أما الباقي من العمال والأكثر من العقد فتم تسريحهم بمحض إرادتهم ... وهنا نشب النزاع بمخالفة "أنوال" للبنود 11 ، 12 من العقد ودخلت "أنوال" مرة أخري دوائر الضوء مع الصحافة ... ويبدو لي بوضوح أن أحد الطرفين لديه خلل في فهم المشكلة وهي من وجهة نظر "أنوال" تتعلق بالتسريع فقط ، أما الجانب المصري فتحفظه علي العدد وليس الوقت.

- قضية رهن الفروع للبنوك

بموجب البند الخامس من إتفاقية البيع الأساسية ، قامت "أنوال" برهن 16 فرع لبنوك الأهلي المتحد وبنك عودة بمبلغ 462 مليون جنية ، ويجب هنا الإسهاب في توضيح الأمر لأن هذا الإجراء جعل من "أنوال" مادة دسمة للصحافة المصرية والمعارضيين ، فلقد أكد لهم سوء تقييم الصقفة بالكامل من الأساس ، فبما أن البنوك المقرضه قامت بمنح المستثمر تسهيلات إئتمانيه وقروض بلغت قيمتها ما يقارب قيمه الصفقه كلها نظير رهن عدد (16)فرع فقط من إجمالى عدد (82)فرع هى إجمالى فروع شركه عمر أفندى ,بما أكد للمتابعين أن التقييم الذى أجراه المكتب الاستشارى على أساس “القيمه الحاليه لصافى التدفقات النقديه”ووافق عليه مجلس إداره الشركه القابضه للتجاره ومن بعده المجموعه الوزاريه للسياسات الإقتصاديه برئاسه وزير الماليه وإعتماد وزير الاستثمار لم يكن تقييماً صحيحاً قائماً على أي سند من القانون.

وهنا يجب أن نتوقف ونتأمل موقف الأرقام بحيادية وهدوء، فإدارة الشركة الذي قامت ببيع 5% بمبلغ 40 مليون دولار أو مايعني 220 مليون جنية للبنك الدولي ، إضافة الي 462 مليون وهي قيمة الرهن لعدد 16 فرع ومن بنوك مصرية مما يعني أن "انوال" إستردت مبلغ 682 مليون جنية بشكل نقدي من الصفقة ومن تمويل خارج "أنوال" ، وبالتالي ولو أكلمنا الفسيفساء وأخذنا تصريح السيد جميل القنيبط للإقتصادية في مايو 2011 بأنه قد ضخ 450 مليون جنية لتسديد الضرائب وحسابات الموردين وتطوير بعض الفروع فنحن أمام فائض نقدي جيد لايسمح أبداً بأن يتوقف الموردين لعدم السداد أو للوقع تحت طائلة ضرائب من أي نوع بل ويجعل إدارة الشركة قادرة علي تسوية أي نزاعات مع العمال ، ولكن ذلك لم يحدث ، حيث توقف الموردين مرة أخرى عن التوريد لإرتفاع المديونية وأشهرهم شركة "أيديال" للأجهزة المنزلية (عماد مبيعات عمر أفندي) ، وتم إلغاء قطاعات هامة مثل التوريدات و السجاد ، واصبحالموقف المالي لعمر أفندي بتاريخ 30 يونيو 2009 ببساطة كارثي ... وهو خسائر مقدارها 613 مليون جنية وبعدد عمال وصل الي 2433 عامل ... بل أن الشركة وبغرابة أصبحت عاجزة عن دفع رواتب المتبقي منهم وعاجزة عن تسوية الضرائب وحل النزاع مع الموردين ، ناهيك عن أبواق الصحافة المصرية التي وجدت في عمر أفندي مادة تفتح شهية القارئ علي مائدة مظبي أو مندي ماركة "انوال- عمر أفندي".

الفصل الثالث :طلاق "عمر" و"أنوال"

لا ينكر أي طرف أن الأحداث تسارعت خلال العام المنصرم ، وسأبدها من حيث الانفراجة الهامة التي حدثت في أكتوبر ونوفمبر 2010 الماضيين ، حيث ظهر علي السطح إتفاقاً بين الشركة العربية للأستثمارات والممثلة برجل الأعمال الشهير محمد متولي ، حيث تم الأتفاق علي بيع عمر أفندي بمبلغ 350 مليون جنية مصري ، وبقي للطرفين القيام بالتوقيع في شهر ديسمبر 2010

فشل صفقة العربية للأستثمارات

في تصريح مقتضب وفي صباح يوم شديد المطر وتحديداً يوم 16 ديسمبر، أعلنت الشركة العربية عن صرف النظر عن شراء عمر أفندي وفسخ العقد نظراً لفشل تقرير الفحص الفني النافي للجهالة ، مما أزم الموقف تماماً علي "أنوال" وعلي العاملين بها، وهنا تجدر الإشارة الي تعقيب أحمد ناصر رئيس القطاع القانوني والإداري بشركة عمر أفندي ( في إتصال علي الهواء مباشرة لبرنامج تلفزيوني لقناة اون تي في – برنامج بلدنا بالمصري) علي فشل الصفقة بأن إدارة "عمر أفندي" قد إتخذت كافة التدابير لصرف رواتب شهر نوفمبر المنصرم حيث تم عمل خصم للبضائع المتبقية بالمستودعات والمتاجر وبنصف السعر لتسيل مبلغ 3 ملايين جنية مصري، وأنه قد تم إنهاء مشاكل المورديين ، ولكن عند سؤاله عن مصير رواتب الشهور القادمة ظهرت التناقضات مرة أخرى ، حيث أفاد ان الإدارة ستقوم بتسييل المتبقي مما يسمح بصرف رواتب ديسمبر 2010 فقط وأنه لايوجد رواتب او مخزون أو حلول لتسيير أمور الشهور القادمة ، ولا أعلم كيف تم الوصول لحل جذري خاص بالمورديين ولاتوجد رؤية لمسار ثلاث شهور قادمة

ملاحظة هامة : من التصريح السابق حيث أن الإدارة وافقت علي عرض نصف السعر لتوفير رواتب نوفمبر وديسمبر وبما أن مجمل رواتب الشهر في حدود 3 ملايين يتضح بأن المخازن كان بها في حدود 12-13 مليون مصري ، وهذا لايحتاح حتي آلة حاسبة بدائية ، وبهذا تكون مخازن وفروع عمر أفندي خاوية تقريباً من أي بضائع ذات قيمة بحلول يناير 2011.

الحلول المقترحة لحل الأزمة في نهاية ديسمبر 2010

1- إعادة طرح الأسهم لأحد المشتريين سواء مصريون أو عرب (كما أشيع وقتها) ويقوم المشتري بتسيل أحد الاصول ، وهو حلاً كان بدا مقبول شعبياً لحل الأزمة لأن إعادة عمر أفندي للحكومة أمراً مستبعداً بحسب تصريحات رئيس الوزراء المصري السابق "أحمد نظيف" حيث رد علي أحد الصحفيين ساخراً "احنا موش بنتاجر في القماش ولا نية لإسترجاع عمر أفندي" وهي إشارة واضحة بعدم رغبة الحكومة في التدخل أو إستعادة سلسة المتاجر مرة أخرى

2- إعادة الهيكلة وضخ مبالغ جديدة من "انوال" حسب البنود الحادي عشر والثاني عشر ، وهو أمر كان مستحيلاً لأن "انوال" في مصر فعلياً قد شلت تقريباً حيث قامت بتسييل كافة ودائعها في وقت سابق ولانية لديها للضخ مرة أخرى

3- إعلان الإفلاس النهائي في مطلع عام 2011

4- وكان هناك حلاً بدا من بعيد وهو "إستعادة عمر أفندي بفسخ عقد انوال حسب القانون المصري وتجاهل قضية التحكيم الدولي مهما كانت نتائجه وهو المخرج المستحيل أيام وزارة نظيف حيث انها لا "تعمل بالقماش"

معجزة عام 2011- شركة "أصول" تشتري عمر أفندي

الخميس 21 يناير وزع خبر صحفي يفيد بأنه سيتم توقيع عقد في تاريخ 8 فبراير 2011 بيع عمر أفندي لشركة "أصول" والممثل في رجل الأعمال الشهير ياسين عجلان بعد مفاوضات وصلت الي قرابة الشهر والنصف بقيمة 890 مليون جنية مصري وبحسبة بسيطة يتضح أن هذا العرض كان يضمن لأنوال الخروج بقيمة مالية جيدة من الصفقة

ولمن لايعرف ياسين عجلان فهو أحد ثلاث متهمين في قضية مصرية أشتهرت بإسم "نواب القروض" ، والتى اتهم فيها وآخرين بالاستيلاء على ما يقرب من 320 مليون جنيه من عدة بنوك وطنية، فى حين تم الحكم عليه عام 2000 بالسجن لمدة 15 عاما، إلا أنه فر هاربا خارج البلاد، وتمكن الإنتربول من القبض عليه فى سوريا، وقام بترحيله إلى مصر، إلا أن طارق عبد العزيز (محامي ياسين السابق ومحامي القنبيبط وقتها) قام وقتها بإجراء تسوية عاجلة مع البنوك وتسديد جميع مستحقاتها المالية، وتقدم بطلب للنائب العام برفع اسم "عجلان" من قوائم الممنوعين من السفر، وانتهاء أزمته مع البنوك والحكومة والتى استمرت منذ بداية القضية فى غضون عام 1997 وحتى عام 2006، وهو العام الذى صدر فيه الحكم ببراءة ياسين عجلان وثلاثة آخرين من نواب القروض (اليوم السابع 21 يناير 2011).

طبعاً ولأنها صفقة ملعونة وذات حظ عاثر بشكل لافت ، أندلعت ثورة مصر بتاريخ 25 يناير مما جعل كل الأوراق تتبعثر تماماً ، وتبخرت جميع الأحلام بالتوقيع في التاريخ المذكور ، حيث كان المصريون مشغولون تماًماً بإنتظار تنحي مبارك عن الحكم، وبالطبع أختفي ياسين عجلان وباقي الشركات التي كانت تنافسه وهي شركة عامر جروب ومجموعة ميركاتو.

رصاصة الرحمة - دراسة صادرة عن البنك الدولي

في توقيت قاتل ، وقبل عشرة أيام من صدور حكم فسخ وبطلان عقد أنوال الخاص بعمر أفندي في تاريخ 27 أبريل ، أصدر برنامج الشرق الاوسط وشمال افريقيا في مركز معلومات البنك الدولي دراسة بعنوان من المسئول عن سوء إدارة عمر افندي؟ . تبحث هذه الدراسة في موضوع سوء ادارة شركة عمر افندي وفشلها في الامتثال بمعايير مؤسسة التمويل الدولية. كما تسلط الدراسة الضوء على عدم قيام مؤسسة التمويل الدولية بالمتابعة الواجبة وسوء تطبيقها لسياساتها ومعاييرها للأداء.

تشكك هذه الدراسة ايضا في دور مؤسسة التمويل الدولية في فشل الشركة ليس فقط لأن مؤسسة التمويل الدولية هي مقرضة للشركة بل ايضا من جراء حصتها في الشركة التي حصلت عليها من خلال شراء الاسهم. وهي ايضا مسؤولة بفضل دورها المعين كوسيط نزيه بين انوال والحكومة المصرية التي التزمت به ضمن الشروع، بما ان العديد من اخفاقات انوال تتعلق ايضا في فشلها في التقيد بالتزاماتها التعاقدية مع الحكومة المصرية في شراء الشركة.

يمكنك الإطلاع علي الدراسة كاملة في الرابط

الحكم بطلاق عمر وأنوال

في حيثياتها التي جاءت في 51 صفحة قضت محكمة القضاء الإداري المصرية بإلغاء وبطلان عقد شراء 90% من أسهم عمر أفندي لأنوال وبطلان بيع 5% الي مؤسسة التمويل وأستندت الي 24 سبباً لحكم البطلان (اليوم السابع بتاريخ 7 مايو 2011) ، وسواء كان الحكم الصادر مسيساً (كما يدعي البعض) أم أنتصر للحق (كما يدعي البعض الآخر) فنحن لانملك إلا الإنتظار حتي 15 فبراير القادم لنري الحلقة التالية من النزاع وهل سيتم نقض هذا الحكم أم سيثبت بحكم قضائي جديد من خلال المحكمة الإدارية العليا أو الاستشكال أمام القضاء الإداري لوقف تنفيذ الحكم؟

بالطبع هللت الصحف المصرية والعاملون بعمر أفندي، وفي المقابل إنطلقت تصريحات أنوال متمثلة في تصريحات السيد جميل القنيبط (الإقتصادية ، قناة العربية ، قناة CNBC الاقتصادية وغيرها) بأنها ستتجه للتحكيم الدولي وهو الحل الذي قد تراه "أنوال" مناسباً للخروج من استثماراتها بمصر

ولكن لي ملاحظة أستوقفتني في تصريح القنيبط بأن من يريد خروجه عليه دفع 1.3 مليار تقريباً وكما أسلفت بأن المتابعون يحاولون تفهم مصادر هذة المصروفات ، فلا يتفهم الكثيرون وأنا منهم مغزي المبلغ المذكور وهل يعني ذلك بأن "أنوال" قد أنفقت 1.3 ميار مضافاً اليها مبالغ الرهون الخاصة بالبنوك وهي 462 مليون إضافة الي 220 مليون وهي قمية مساهمة مؤسسة التمويل ،و هذا يعني أن إجمالي الإنفاق أصبح يقارب المليارين أم أن المبلغ المطلوب يشتمل تسوية المبالغ السابقة ، فيجب علي إدارة "انوال" توضيح الأمر ، ويجب عليها تفنيد العديد من المسائل التي وردت في منطوق الحكم مثل عدم صفة السيد جميل القنيبط في تمثيل "انوال" في أبرام عقود شراء الأصول داخلياً وخارجياً !!

كل هذة الأمور مازالت تحتاج لتوضيحات بسيطة لضمان عدم الإلتباس لجميع الأطراف سواء بالمملكة أو خارجها، كما أن مسألة أن المتاجر تعرضت لنهب وخسائر وسرقات لايبدو دقيقاً ، فكما أسلفت بان فروع عمر أفندي ومخازنها كانت قاربت علي النفاد بحلول يناير 2011 ، وقد أتفهم هذا التصريح كبالون لأستدرار عطف الشارع السعودي وكرد فعل طبيعي لمستثمر يفقد مشروعاً هاماُ في بلاد مجاورة

صعوبات شديدة في تنفيذ الحكم بالبطلان (ماذا بعد الطلاق)

بالطبع تنفيذ الحكم (من وجهة نظري) صعب ، فإدارة أنوال علي مدار الأربع سنوات الماضية نحجت ببراعة بتعقيد ملكية عمر أفندي من خلال الرهن لبنوك مصرية كما وليس من السهل تفادي حقيقة أن مؤسسة التمويل الدولية تبحث الأن عن إستثمارها وبالطبع فإن وزيرة التعاون الدولي المصرية (فايزة أبوالنجا) بالطبع لاتدري كيف ترد، وأرسلت لوزير الإقتصاد (عادل الموزي) لتستكشف ماهو الرد الملائم ، ولا أخفيكم قهقتي الهستيرية عنما قرأت الخبر في الأهرام المصرية بتاريخ 21 يونيو 2011 ، وسبب ضحكي أن وزراء الحكومة الماضية في السجن والوزراء الحاليين ما يدرون (ويش السالفة) بالعامية السعودية.

ومن جهة أخرى فإن مسئول مصري وهو نائب القومية للتشيد لاأعلم بماذا رد حينما زار وفداً من المجموعة القطرية القاهرة في الأسبوع الثالث من مايو الماضي لتقديم عرض شراء رسمى للحكومة، خاصة أن الحكومة طلبت إمهالها فرصة لاسترداد الشركة وانتظار حكم القضاء الإدارى فى صحة العقد( المصري اليوم بتاريخ 10 مايو 2011) . فالقطريون يبدو انهم علي الخط الأن وسيتنظرون الفصول الأخيرة.

ويبدو لي أن الوزارة المصرية لديها طموح (غير منطقي) بتسلم كل الفروع قبل حلول 2012 ، وهو الامر الصعب عملياً ،لقد بدءت وزارة الإستثمار بإستلام اول الفروع وهو فرع عدلي بالقاهرة (جريدة المشهد)بتاريخ 28 سبتمبر 2011 ، وأنه حسب جريدة اليوم السابع بأن الوزارة تسلمت 12 فرع حتي تاريخ 12 نوفمبر ، وهو ما يتناقض مع تصريح رئيس الشركة القابضة للتشيد بأن تسليم كل الفروع سيستغرق شهور عدة (جريدة الشرق الأوسط في تاريخ 29 سبتمبر).

كما أن شركة عمر أفندي ممثلة في الشركة القومية للتشيد قد طالبت علي السلمي (نائب رئيس الوزراء) بضخ مبلغ 100 مليون جنية للبدء بإعادة تشغيل الشركة (بوابة المحيط 29 سبتمبر 2011) وهو الأمر المشكوك في تنفيذه لسببين أولهما أن (علي السلمي- نائب رئيس الوزراء) قد أقيل مؤخراً والسبب الثاني أن مصر إقتصادياً لن تفكر في عمر أفندي قبل الحصول علي حكم نهائي من المحكمة العليا بعدم قبول طعون "أنوال" وتجميد قضية التحكيم الدولية.

مازالت القضية في الملاعب ، ومازال العديد من اللاعبين ينتظرون ادوراهم ، ويستطلعون متي ستحين الفرصة لركل هذة الصفقة مرة أخرى لملاعب أخرى، وسنتابع معكم فصولاً جديدة من المتناقضات في أغرب صفقة عربية خلال الأعوام الماضية ، قضية شغلت الأقتصاديين في المملكة ومصر ، وسببت لغطاً كبيراً في العلاقات بين البلدين.

حفظ الله علاقات المملكة ومصر بعيداً عن أي صراعات قد تسببها صفقات مثل "انوال" و"عمر".