تمويل المشاريع .. عقبه تتهاوى أمامها همم الطامحين!!

24/11/2011 2
نايف آل خليفة

لم تكن أزمة الإسكان أو مشكلة البطالة وحدها من أرهقت وأقضت مضاجع الشباب الطموح من أبناء هذا الوطن , ولم تكن طموحاتهم وهممهم تقتصر على المصلحة الشخصية أو الحدود الوظيفية , ولم يثنيهم يوماً اليأس لوعورة طريق التحديات, ولا أقول ذلك من فراغ بل واقع مشهود نلتمسه في يومياتنا المتجددة "للآسف" نعم قلت وسأقول "للآسف" بالرغم من هذه الإيجابيات وغيرها , حيث أصبح هاجس الشباب الطموح الهجرة ليس للمتعة وإنما لتفجير الطاقات الإبداعية الكامنة والتي بدأت تتسرب من البعض لتستقر في أكفان بعض الوزارات ومؤسسات الدولة.

تمويل المشاريع .. جملة رنانة طالما تغنت بها مؤسسات الدولة وصفق لها الإعلاميون وصدقها المخلصون وعمل للحصول عليها المجتهدون وشمر لها المشمرون حتى إذا ما وصلوا إليها فإذا هي "سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء" فلا تمويل يرون ولا بالتشجيع يحفزون وإلى منازلهم يعودون لتزداد معاناتهم حينما يسألون؟!.

حدثني أحد الثقات أنه تقدم بطلب تمويل من إحدى مؤسسات الدولة التمويلية لتمويل مشروع يجزم أي شخص بنجاحه ومنافعه الاقتصادية للوطن بل جزم بذلك القائمين على المؤسسة نفسها وكل من أطلع عليه بعد أن تم إعادة دراسة مشروع هذا الشاب الطموح ويروي لي القصة قائلاً "قال لي المسؤول عن المشروع "هذا أفضل مشروع يتم دراسته ولم يسبق أن رأينا في الدراسات السابقة أفضل منه".

وفي يوم من الأيام اتصل علي نائب مدير المشاريع المكلف ولما علمت أنه "فلان" استبشرت خيراً وقلت جاء الفرج بإذن الله وإذا به يقول "نستأذنك في عرض مشروعك في إحدى الندوات بحضور شخصيات هامه كأفضل مشروع" فقلت لا مانع لدي وهذا شرف لي , وبالرغم من الإحباط الذي أصابني لتأخر التمويل حيث أخذت دراسة المشروع أكثر من 6 شهور إلا أن التفاؤل بدأ يأخذ مجراه مره أخرى إلى مكان عليه في السابق بعد هذا الاتصال.

وهاهي ثلاث سنوات أنقضت وأنا أنتظر ؛ وبحسب الدراسة فإن استرداد رأس المال في سنتين وثمانية أشهر ولكن للآسف لم أرى ريالاً واحداً وفي كل مره اقوم بمراجعة هذه المؤسسة يتم التحجج بحجج واهية ولما أحسوا بالضغط قال لي نائب المدير "لا تتعب نفسك إذا صار شي بنتصل عليك".

آ.هـ ليس هذا الشاب أول وأخر شاب يواجه مثل هذه العقبات بل ما دفعني للكتابة في هذا الموضوع أكثر بالرغم ما ذكر هذا الشباب حينما وقعت إذني على إحدى الإذاعات والتي كانت تناقش في برنامجها هذا الموضوع وكأني بالمسؤولين على الإذاعة يقولون "اللهم حوالينا ولا علينا" من كم الاتصالات المنهمرة والمتفجرة من هؤلاء الشباب الطموحين الباحثين عن المشاركة في تنمية الاقتصاد وتحدي مثيلاتها من الأعمال في الدول الأخرى.

وفي الحقيقة أن الدولة بقرارها الرائع والتي تشكر عليه في فتح باب الابتعاث وتطوير ودعم المؤسسة التعليمية في البلاد أمر لا يشك أحد في جدواه ولكن بالرغم من ذلك كله فإن التوازن مابين امتصاص مخرجات الابتعاث والمؤسسات التعليمية وتوفر فرص العمل المناسبة والكافية مفقودة , حيث أنه غالب إن لم يكن كل المبتعثيين وكذلك خريجين الكليات والجامعات يطمحون للعمل الوظيفي ولو لسنوات معدودة لاكتساب الخبرة فأين تلك الوظائف التي يفترض أن تمتص طاقاتهم وتستثمر خبراتهم ولعل برنامج "حافز" وأرقام العاطلين تؤكد بأن "الشق أكبر من الرقعة".

لذا أرى أنه يجب أن تركز الدولة على موضوع دعم المشاريع عموماً و الصناعية منها خصوصاً وأن تلتفت إلى الجهات المعنية بذلك بجدية وحزم كما نشاهد حضورها التام وثقلها المهيب في المؤسسات التعليمية وذلك لتحقيق التوازن , وقد يتساءل البعض عن تركيزي على دور الدولة وكأن الحمل يقع على عاتقها دون أن يكون للجهات المعنية بعملية التمويل من القطاع الخاص أي دور في ذلك ؛ أقول باختصار هناك ثلاثة عوائق تحول دون الإستفادة من هذه الجهات :

أولا : تعمل غالب هذه الجهات التمويلية الأهلية على تمويل المشاريع القائمة فقط والتي لديها أصول تغطي قيمة التمويل المطلوب.

ثانياً : تستخدم غالباً هذه الجهات طرق تمويلية غير شرعية.

ثالثاً: تستخدم نسب فائدة مرتفعة.

كما أن هناك معوقات أخرى تكون بسبب عدم فهم هذه الجهات لطبيعة بعض الأنشطة محل التمويل.

وأخيراً يمكن القول أننا أمام مشكلة اقتصادية تنموية يفترض أن تلقى إهتمام من وزارة التجارة والصناعة على غرار ماتقوم به وزارة العمل من أعمال جبارة لعلاج مشكلة البطالة وأن يكون هناك عمل مشترك بين الوزارتين لتحقيق ذلك , والاستفادة من الدراسات والنتائج التي تقدمها وزارة الاقتصاد والتخطيط قبل أن "تهرم" ثم تتلف هذه الدراسات دون الاستفادة منها!!.