قراقوش ما زال حيّاً!

02/08/2009 2
سليمان المنديل

بحكم اعتمادنا الكبير على إيرادات النفط، فنحن جزء من العالم المتأثر بالأزمة المالية، ومؤخراً بدأنا نسمع عن عمليات تسريح عمال سعوديين، وغير سعوديين، وبدأت الصحف بإثارة الموضوع من ناحية عاطفية، وإنسانية، منتقدةً أصحاب العمل. وتعالت أصوات التهديد من مسؤولي وزارة العمل، بعدم المسّ بالعمالة السعودية! وكلّ ذلك يثير التساؤل: ماذا نريد أن تكون هويتنا الاقتصادية؟ وما هي خطتنا العمالية؟!

للإجابة، دعونا نعود إلى خمسين سنة مضت، عندما وضع نظام العمل والعمال السعودي، ولأن الحكومة لم تكن في وارد السماح بتأسيس اتحادات، أو نقابات للعمال، فقد استعاضت الحكومة عن ذلك بالتعاطف مع العمال ضدّ أصحاب العمل، أينما كانت هناك قضايا عمالية، ولسان حالها يقول "أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً".

في الماضي لم تكن هناك مشكلة، لأن غالبية المواطنين استوعبوا في القطاع الحكومي، وآلاف منهم عملوا في شركة أرامكو، ولكن عندما شحّت الوظائف الحكومية، وزادت فرص العمل في القطاع الخاص، فقد برزت مشاكل التعاطف الحكومي مع العمالة، ضدّ أصحاب العمل. ويروي رجال الأعمال قصصاً غريبة عن معاناتهم في التخلص من موظفين سعوديين ثبت تقصيرهم، ومع ذلك ترفض اللجان العمالية كل الوقائع، وتتعاطف مع العامل (لأن صاحب العمل مليء!). وتصدر أحكاماً أقل ما يمكن أن توصف به أنها قراقوشيه!.

وأستطيع أن أجزم، لو أن اللجان العمالية تعاملت بعدل، وإنصاف تجاه الحالات التي تعرض عليها، لارتفع مستوى السعودة، نتيجة ثقة أصحاب العمل بتلك اللجان، ومن ثم سيكونون أكثر استعداداً " للمخاطرة " بتوظيف السعودي. أما الضجة المتعلقة بتسريح العمالة بسبب الوضع المالي، فقد حان الوقت لكي نحدد أي نوع من الاقتصاد نريد؟!

هل هو الاقتصاد الحر، الذي يكافئ العامل المجدّ، ويعاقب المقصّر، ويتكيف مع الظروف الاقتصادية؟! أو هو الاقتصاد، الموجّه، مركزياً، والذي يضمن الوظائف، بغضّ النظر عن الإنتاجية، والأوضاع الاقتصادية؟! ومن ثم ينتهي الأمر بتحميل الحكومة عبء تقديم معونات للتوظيف، أو استيعاب العمالة في وظائف حكومية، لا غرض لها إلا توفير نوع من الضمان الاجتماعي (النموذج المصري)! أو اختراع صيغ جديدة من الضرائب على القطاع الخاص، وهو ما سينعكس مباشرة على النمو الاقتصادي؟!

لقد حان الوقت لكي نخرج من عباءة الماضي، وأن نتعامل مع موضوع السعودة، وتسريح العمالة، من منظور وطني عادل، لكلا الطرفين، العامل، وصاحب العمل.