هبوط أسعار العقار حتمي

23/11/2010 21
محمد العنقري

سؤال بات يحمل الأولوية لدى الجميع متى ستهبط أسعار العقار وأهمية هذا السؤال تأتي من عدة أسباب أولها انتظار الكثيرين الفرصة السانحة لكي يتمكنوا من شراء مسكن خاص، كون أن نسبة تملك السكن بحسب العديد من البيانات مازالت أقل من 50% قياسا بحجم من تنطبق عليهم شروط الأهلية لامتلاك السكن الخاص ومن أبرزها أن يكون الطالب للمسكن أسرة وليس فردا.

وبنفس الوقت نجد أن الصورة بالسوق العقاري متباينة في الاتجاهات فالجهات الرسمية ترى أن أسعار العقار أصبحت مؤرقة وتؤثر سلبا على التضخم وتكاليف المعيشة وأن أسعار الأراضي أصبحت مرتفعة حتى أن أحد المسؤولين وصف الحالة بأنها ضارة بالجميع دون استثناء وهذا ما أوجد قناعة بأن تحركات رسمية عبر قوانين وتشريعات ستكبح جماح الارتفاعات خصوصا بأسعار الأراضي، واتضح ذلك بخطوة كبيرة تمثلت بتغيير شروط التقدم للحصول على قرض الصندوق العقاري والذي جاء إلغاء شرط تملك الأرض لطالب القرض من أبرز ملامحه وكان له تأثير مباشر على أسعار الأراضي بأطراف المدن بنسبة 30% بشكل سريع حسب التقارير التي رصدتها العديد من وسائل الإعلام مع جمود مباشر بالطلب عليها.

أما الخطوة الأخرى فهو انطلاق مشاريع هيئة الإسكان وتوقيعها على عقود لبناء وحدات سكنية تستهدف شرائح معينة بالمجتمع غالبا ما ستكون من ذوي الدخل المنخفض وتم منح الهيئة أراضي بمساحات كبيرة في كافة المناطق مما يعني أن الأمور تسير بشكل طبيعي نحو إخراج شريحة مهمة من تأثير ارتفاع الإيجارات عليها وهذا بدوره سيؤثر على خارطة الاستثمار بمجال العقار خلال الفترة القادمة كون أعداد الأسر المستفيدة ستكون كبيرة بعشرات الآلاف.

أما الخطوة المرتقبة والتي سيكون لها أثر ودور كبير بتسهيل عمليات تطوير العقارات بالمملكة فهي أنظمة التمويل والرهن والتأجير العقاري والتي ستكون الداعم الأكبر لزيادة عدد الوحدات السكنية بمختلف أنواعها سواء الشقق أو الوحدات المنفصلة وبطرق متعددة للتمويل ستسمح بوجود آليات تضمن حقوق كل الأطراف بزيادة تدفق السيولة للسوق العقاري لكن باتجاهات استثمارية بحتة وليس باتجاه مضاربي كما يحدث حاليا.

فجل حركة السيولة بالقطاع العقاري حاليا هي مضاربات على الأراضي فلا يوجد هناك زيادة حقيقية بعدد الوحدات السكنية تتناسب مع حجم الطلب الحقيقي والحديث عن حقيقة الطلب وتوضيحه قد تعيد صياغة الكثير من الجوانب خلافا لما يروج بالإعلام من قبل العقاريين وشركات بحثية متخصصة بالمجال العقاري فلو أخذ الطلب بناء على فئة المقتدرين من مجمل الشرائح المحتملة الطالبة للسكن لوجدنا أن الأرقام لا تصل إلى 20% فقط ممن تنطبق عليهم شروط تسمح لهم بتملك السكن، ولعل من أبرزها الدخل قياسا بأسعار الوحدات السكنية وحجم المبالغ التي تستقطع من طالبي التمويل السكني فلا يوجد هناك وحدة سكنية يستقطع أقل من ثلاثة آلاف ريال على الأقل من دخل الفرد لها بالوقت الحالي وهذا يعني أن دخل أي مستفيد لا يجب أن يقل عن عشرة آلاف ريال وهذا بدوره يطرح تساؤلا كبيرا عن أهمية تقديم المعلومات عن السوق العقاري وواقعه بشكل شفاف من قبل القطاع الخاص تحديدا.

كما أن الآونة الأخيرة شهدت ظهور العديد من التقارير تصدر من قبل مؤسسات اقتصادية خاصة تعطي نفسها صفة المتخصصة بالمجال العقاري تتكلم بإيجابية كبيرة عن عائد العقار بالمملكة بشكل عام وبالمدن الكبرى بشكل خاص ولكن الواقع مختلف، فالأسعار أصبحت مرتفعة وليست بمتناول الغالبية وحركة السيولة كلها تتركز على الأراضي والتمويل من قبل البنوك المصدر الوحيد حاليا لشركات التطوير العقاري شبه متوقف والجميع ينتظر صدور الأنظمة التي ستؤطر علاقات أطراف السوق بشكل نظامي حتى تتحرك عجلة السيولة بالقطاع هذا بخلاف خطط التنمية التي تنتهجها الحكومة والتي ترتكز على توزيعها بكافة المناطق مما يعني كبح جماح الهجرة للمدن الكبرى مستقبلا وإعادة التوازن للطلب فيها على العقار كأحد التأثيرات لهذه الخطط التنموية.

من المعروف أن لكل قطاع اقتصادي دورة تنتهي بعوامل عديدة من أبرزها فقاعة الأسعار ولعل التضخم بالأسعار بات واضحا منذ فترة بسبب ارتفاع وتيرة المضاربات على الأراضي وهذه إحدى أهم ملامح انتهاء دورة الارتفاعات ولكن أسعار العقار لا تنخفض بسرعة كبيرة ولا بشكل ملموس لدى الجميع فهي تأخذ وقتها، كما أن أهم العوامل التي تدعم تماسك الأسعار هو استمرار تراجع الدولار الذي يؤثر على الريال بطبيعة الحال مما يجعل من وعاء القيمة مؤثرا بحركة المستثمرين لكن أي تغيرات مستقبلية بالسياسة النقدية كرفع أسعار الفائدة وانعكاسه على قيمة العملة إيجابا سيعيد تسعير الأصول ومن أهمها العقار إلى وضعه الطبيعي لقياسه بحجم العائد المتوقع كما أن الإنفاق الحكومي في حال تراجعه أو انتقاله إلى مشاريع مختلفة عن القائم حاليا سيكون له تأثير على العقار وخصوصا الإيجارات، فالعاملون بالوسط العقاري يعرفون أن للعقار دورات ترتفع فيها الأسعار وتعود للانخفاض ولذلك فإن لكل شيء بداية ونهاية والعقار لا يختلف عن غيره من القنوات الاستثمارية.