هل سيقضي التضخم على الدولار الأمريكي

20/05/2010 17
د.محمد إبراهيم السقا

منذ فترة طويلة وأنا أتابع معدل التضخم في الولايات المتحدة مدفوعا بالتقارير والكتابات التي تملأ الانترنت عن مخاطر التضخم في الولايات المتحدة، وأن ويلات ارتفاع الأسعار سوف تلاحق المستهلك الأمريكي أينما ذهب، لدرجة ان بعض الكتابات تنبأت باحتمال حدوث تضخم جامح Hyperinflation في الولايات المتحدة على نمط التضخم الذي حدث في زيمبابوي نتيجة للسياسات النقدية التوسعية التي تتبعها، وهو ما أصابني بالصدمة عندما قرأت مثل هذه الخزعبلات، فلا عرض النقود ولا نسبة النقود إلى الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي، ولا نسبة النمو في القاعدة النقدية الأمريكية، كما لم يحدث هناك أي تغير في مستهدفات الاحتياطي الفدرالي فيما يتعلق بمعدل التضخم المستهدف بما يوحي باحتمال تعرض الولايات المتحدة لمعدل تضخم من رقمين، ناهيك عن تعرضها لتضخم جامح. وفقا لهذه التقارير بدأنا نقرأ عن احتمال انهيار الدولار بسبب التضخم المتوقع حدوثه في أمريكا، والذي سيقضي على القيمة الحقيقية للعملة الخضراء ويطيح بها من قائمة عملات الاحتياط الدولية للعالم، وشهرا بعد شهرا تأتيني البيانات التي تنشر من مصادرها الأصلية في الولايات المتحدة بدون أي إشارة إلى احتمال حدوث مثل هذا التضخم الموعود، على الأقل حتى هذه اللحظة. وغني عن البيان أن التضخم لا يحدث بين يوم وليلة، وانما يسبقه سياسات تحدث تأثيرها على الطلب الكلي، ومن ثم على المستوى العام للأسعار.

 اليوم أصدر الاحتياطي الفدرالي لولاية كليفيلاند تقريره الشهري عن معدل التضخم في شهر ابريل 2010 في الولايات المتحدة. التقرير يشير بكل وضوح إلى ان معدل التضخم في الولايات المتحدة في ابريل الماضي كان سالبا!!، بمعنى آخر، أن الأسعار انخفضت في ابريل الماضي بمعدل 0.1%. أكثر من ذلك فان معدل التضخم (محسوبا بالمنوال) خلال الأشهر من يناير حتى ابريل الماضي كان صفرا، أي ليس هناك أي تغير على الإطلاق في الأسعار، ارتفاعا أو انخفاضا. أكثر من ذلك وفقا للتقرير فانه خلال السنة الماضية التي تنتهي في ابريل من هذا العام كان معدل التضخم المحسوب على أساس سنوي يساوي 2.2% وهو معدل تضخم منخفض جدا. هذا الأداء للأسعار سواء خلال الشهر الماضي، أو في الثلث الأول من هذه السنة، أو في السنة الماضية بأكملها لا ينبئ عن وجود أي ضغوط تضخمية في الولايات المتحدة، ناهيك عن كونه يمكن أن تطيح بالدولار. الجدول التالي يلخص اتجاهات معدل التضخم محسوبة على أساس شهري (CPI) (الجزء الأعلى من الجدول)، وكذلك محسوبة على أساس سنوي (الجزء الأسفل من الجدول) هناك بعض التعريفات الفنية للتضخم في الجدول، آثرت ألا أشرحها حتى لا أشتت انتباه القارئ، ويمكن أن اشرحها بشكل مستقل للمهتمين.

المصدر: http://www.clevelandfed.org/Research/data/US-Inflation/mcpi.cfm?DCS.nav=local

فهل فعلا سيقضي التضخم في الولايات المتحدة على الدولار، ما زلت أنتظر المزيد من تدفق البيانات من مصادرها الأصلية في الولايات المتحدة حتى أحكم على هذه القضية بصورة علمية بعيدا عن المبالغة والمغالاة التي يعشق البعض أن ينتهجها أسلوبا في الكتابة، وهو أمر يصيبني بالسقم. المهم هو أنني من المؤكد إذا ما توصلت إلى شيء ذو مغزى أو أهمية بالنسبة لهذا الموضوع، فإنني بالطبع سوف اعلم القارئ أولا بأول، ولكن إلى أن يجد جديد، اطمئن القارئ بأن معدل التضخم في الولايات المتحدة منخفض جدا حاليا، وما زال تحت السيطرة ولا يهدد القيمة الحقيقية للدولار أو القوة الشرائية له، بصورة أكثر دقة أنا أتحدث عن تأثير التضخم على الدولار.

بقي أن أقدم للمتخصصين وللمهتمين بمكونات الرقم القياسي للأسعار في الولايات المتحدة (سلة مجموعات السلع والخدمات المكونة للرقم القياسي للأسعار) وأوزان كل مجموعة سلعية (الأهمية النسبية لكل مجموعة داخل السلة)، الجدول التالي.