"بورش" وشقيقتها...وقطر

25/06/2009 3
هدى داسة

"قطر ترحب بفرصة الإستثمار في شركة بورش"... صرّح بها يوسف كمال، وزير المالية القطري، في الـ 4 من يونيو على هامش مؤتمر سانت بيترسبورغ الإقتصادي في روسيا. وكما تناقلت وسائل الإعلام في الفترة الماضية، فإن محادثات تجري بين قطر وبورش كي تتملك حصة فيها، وبالرغم من أنّ حجم الحصة هذه غير مكشوف بعد، إلا أنّ تخمينات وتحليلات المتتبعين والمحللين تشير إلى أنّ قطر وفي خلال مسيرة محادثاتها مع بورش رفعت حصتها تدريجيا وهي تهدف لأن تتملك الأغلبية فيها. عصفورين بحجر واحد...

والجميل في ذلك و المُربح أيضا ويمكن حتى وصفه بـ "الذكاء"، يتمثل في أنّ قطر تسعى إلى ضرب عصفورين بحجر واحد من خلال تملكها في بورش التي ستُملكها في شركة كبيرة أيضا -شركة فولكسفاغن- وتصبح بذلك مالكة لحصص رئيسة في قطبين من أقطاب صناعة السيارات وفي كبرى شركات السيارات عالميا "فولكسفاغن" (المرتبة الأولى أوربيا والثالثة عالميا). كيف ذلك؟ بداية يمكننا تسمية الشركتين بورش وفولكسفاغن بالشقيقتين، ليس لقبا وحسب بل واقع ايضا، فعلاوة على أنّهما تشتركان في عوامل كثيرة كالبلد (ألمانيا) وفترة المنشأ (قبل الحرب العالمية الأولى)، تطورت العلاقة بينهما لتصبح أقوى بكثير.

" بورش" شركة صناعة السيارات الفخمة نٌسبت لمؤسسها البروفيسور فرديناند بورش عام 1930، وكانت تقدم خدمات وإستشارات في تطوير محركات السيارات دون تصنيع السيارات، وكان أول أعمالها لصالح الحكومة الألمانية من خلال تصميم سيارة فولكسفاغن بيتل، وبعدها صنعت سيارتهاالخاصة بها "بورش 64" عام 1939 وهي حاليا أكبر مصنع لسيارات السباق وأحرزت سياراتها 28 ألف فوز.

"فولكسفاغن" وتعني "سيارة الشعب"، تأسست على يد ليونارد كوميندا وهانس لديونكا وفرديناند بورش أيضا –كمؤسس رئيس- في عام 1934 بطلب من أدولف هيتلر رئيس ألمانيا وقتها لتصنيع سيارة للعامة، وهي حاليا صاحبة سيارات اودي وسكودا وبانتلي ولومبرغيني وسكانيا وبوغاتي.

تعتبر الشركتين توأمان، حيث العلاقة وطيدة جدا بينهما، إذ كان مؤسس شركة بورش (فرديناند بورش) رئيس مجلس إدارة فولكسفاغن في نفس الوقت، ليتفرغ بعدها لبورش فقط، و إزدادت العلاقة وطادة بعد أن صمم فريديناند بورش سيارة فولكسفاغن بيتل في 1938، وزاد التعاون بين الشركتين بعدها في صنع سيارتي فولكسفاغن بورش 914 و914-6 في 1969، حيث تحمل الأولى محركا من شركة بورش والثانية من فولكسفاغن. وهكذا استمر التعاون بين الشقيقتين في صنع سياراتهم الأخرى، حتى سيارة بورش كايين التي ظهرت سنة 2002 صُنّعت في مصانع فولكسفاغن وكانت تشترك في بعض مكوناتها مع اودي كيو 7 وسيارة طوارق لفولكسفاغن.

وفي عام 2005، بدأت الشركتين تأخذ نهجا جديدا في تعاونهما، حيث إستحوذت بورش على حصة 18.5% من فولكسفاغن في خطوة لتحميها وقتها من أن تستحوذ عليها شركة دخيلة عنهما، وكانت وقتها شركة ديملر كرايزلر وشركة بي أم دبليو وشركة رونو مرشحات لذلك. بعدها بسنتين -مارس 2007 - رفعت بورش حصتها إلى 30.9% أيضا كي لايدخل منافس جديد ويستحوذ على حصة الأغلبية في فولكسفاغن التي تعتبر شريكا هاما لبورش. ثم في 16 سبتمبر 2008 رفعت بورش من جديد حصتها في فولكسفاغن بـ 4.89% لتملك بذلك حصة تعادل 35.14% وهي الأغلبية. وفي نفس السنة -26 أكتوبر 2008 -أعلنت بورش عن نيتها رفع حصتها في فولكسفاغن إلى 75% خلال عام 2009، وبدأت في تنفيذ ذلك في الـ 7 يناير 2009 حيث أصبحت تستحوذ على 50.76% وتمكنت من ترتيب تمويل بـ 10 مليار يورو في مارس الماضي. يُشار إلى انّ بورش تعتزم ضم فولكسفاغن إليها من خلال تملك حصة هامة فيها وتشكيل بذلك شركة "بورش أتوموبايل هولدينغ" تكون بورش إحدى شركاتها التابعة. لكن ونظرا لتعثر بورش ماليا، طُرح في أبريل الماضي إحتمال بيع أصول بورش لفولكسفاغن مقابل ماتدين لها، وبالرغم من ذلك أقرضت فولكسفاغن شقيقتها 700 مليون يورو في مايو 2009. وفي نفس الشهر (20 مايو) وافقت عائلتا بورش وبيتش المالكتين لشركة بورش على فكرة قبول مستثمر ثالث في الشركة لمساعدتها في دفع ديونها المقدرة بـ 9 مليار يورو، وبذلك قتحتا المجال أمام قطر لتدخله من الباب العريض...

وستكشف الأسابيع القليلة القادمة عن تفاصيل أكثر بحسب مسؤول قطري.