الأزمة الاقتصادية إلى أين ؟

17/04/2010 2
خالد عبدالله

مقتطفات مختصرة تشمل الأسواق والسلع و العملات حقيقة نرى ونسمع خبر هنا وهناك عن تحسن وانتعاش في اقتصاديات العالم ولكن في نظري إن ما نراه من تحسن في بعض المؤشرات الاقتصادية ما هو إلا ردة فعل طبيعية لعدة أمور وأهمها:

* الدعم الحكومي الكبير من ناحية الإنفاق وخاصة دعم البنوك والشركات الإستراتيجية. * إحجام الناس عام 2008 عن الشراء فترة طويلة خلال الهبوط الحاد ولد قوة شرائية تراكمية لكنها ليست حقيقة حيث سرعان ما ستزول. * تخفيض الفائدة بشكل كبير.

وعموما مهما بلغ حجم الدعم في نظري لن يوقف عجلة التصحيح والتي يجب أن تكبح حركة السلع والأصول، وارتفاع السلع والأصول في رحلته الصاعدة له تأثير قوي لجذب الاستثمارات لزيادة الإنتاج وأيضا جاذب للمضاربة باعتبار الفروقات السعرية.

ولكن في المقابل كلما زاد السعر يقابله ضعف تدريجي في الطلب بسبب الغلاء وتجاوزه حدود مقدرة اغلب الناس على الشراء حتى تصل الأسعار إلى نقطة بعد تضاعفها يصعب على الطلب الضعيف والسيولة الموجودة حفزها صعودا مما يدخلنا في اتجاه هابط للأسعار بسبب زيادة العرض ثم بعد ما تسلك اتجاه هابطا سيضغط عليها عدة أمور منها:

* الخوف والحالة النفسية من مواصلة الهبوط والخوف من الخسارة خاصة المضاربين. * خطوط الإنتاج الجديدة أو التوسعات بعد دخول إنتاجها فعليا إلى السوق مما يزيد ويضاعف العرض وهذه قد نراه جليا في أعوام 2011 وكذلك 2012 خاصة في الزراعة والبتروكيماويات عالميا وكما سنرى زيادة في عرض العقار لدينا محليا خاصة بسبب كثرة المشاريع السكنية التي جذبها صعود الأسعار. * تدني أرباح الشركات وهذا سيدفع الشركات لمزيد من التخلي عن العمالة وزيادة البطالة وتخفيض الأسعار للمنافسة وهنا يجب أن أوضح اثر البطالة على القوة الشرائية فكلما زاد معدل البطالة ضعفت القوة الشرائية مما يضغط على الأسعار في رحلة هبوطها.

ومع استمرار هذه الظروف وخاصة مع تزايد معدل البطالة وعدم تحسن الاقتصاد سوى بعض المؤشرات التي ذكرنا بعض الأسباب التي ساعدت على تحسنها. سأضع بعض التوقعات وهي توقعات مبنية على ما أجد من علامات توحي بان الأزمة لازالت مستمرة بل توحي أنها في البداية وما شاهدنا من تحسن ما هو إلا تذبذب صاعد منطقي لاتجاه عام هابط قد يستغرق أكثر من ثلاث سنوات.

وخلاصة القول أننا بانتظار هبوط عام في الأسعار على مستوى السلع  والأصول و العملات المقابلة للدولار ولا أجد حقيقة غير الدولار مرشح للصعود وقد يصعد الدولار حتى تستطيع ان تستبدل الدولار بورقتين يورو أي يتضاعف مقابل مجموعة من العملات.

سنجد قيعان جديدة لأسواق المال على سبيل المثال لا استبعد 3700 نقطة لمؤشر الداو  DOW يزيد أو ينقص قليلا ولا استبعد أن نشاهد النازداك Nasdaq دون ألف نقطة وهذه بعض الرسوم البيانية للاحتمالات الموجية الأكثر ترجيحا خاصة ان السلوك في الصعود الحالي مناسب ليكون موجة ثانية صاعدة لاتجاه عام هابط والثالثة القادمة ستكون حادة في الدافعة واقل حدة فيما لو كانت الموجة قطرية.

وبالنظر للرسم البياني لافلاسات البنوك طبعا سنتجاهل الكساد الكبير ونركز لنقارن مع أزمة الثمانينات فقط.

فعند مقارنة إفلاسات البنوك في الثمانينات والآن نجد عدم تقارب لا في عدد البنوك التي أفلست ولا في الزمن الذي استغرقه أزمة الثمانينات لذلك نحتاج زمن لا يقل عن ثلاث سنوات ونحتاج زيادة في عدد الافلاسات (استبعدت حجم سيولة البنوك بين الفترتين لأنه لا يعنيني في المقارنة) وعموما تطور الإعلام له دور في تضخيم الحركة صعودا وهبوطا خاصة مع الانترنت.

بنسبة لربحية الشركات

المتوقع انخفاض في ربحية الشركات بشكل تدريجي خلال ثلاث سنوات وخاصة القطاعات الأكثر توسعا بالطفرة السابقة ومنافسة حادة قد تقصي عدد من الشركات القوية. بالنسبة للسلع وخاصة البترول اتوقع يصل للمستوى السعري ما بين 27-17 دولار واعتقد شركة سابك ستشابه التذبذب السعري للبترول لكن بالريال أي المستوى بين 27-17 ريال.

الذهب قد ينخفض إلى مستوى 370 دولار للأوقية وقس عليه بقية المعادن ولكن بحسب نسبة صعودها، كذلك الخدمات ومتوسط أجور العمالة وهذا التصحيح صحي للسوق على المدى البعيد فمن منا لا يتمنى الأسعار تعود لما كانت عليه أو قريب من ذلك.

وعموما الدول المتقدمة ستكون أكثر تراجعا لكن ستتعافى قبل الدول الناشئة لكن على المدى البعيد لاشك أن الدول التي تمتلك موارد بشرية وثروات طبيعية وتكنولوجيا سيكون لها شان بالدورة القادمة فقد نجد بديلاً حقيقيا للدولار مستقبلا خاصة أن صعوده على الأرجح قد يكون هو أخر صعود وقد يكون نهاية لهيمنته.

وعلى المستوى المحلي قد تتساءل بماذا استثمر؟

وهنا أقول استثمر في ما هو مناسب للطبقة المتوسطة خاصة في ظل بطالة متزايدة فالسلع المعمرة والكماليات وما يمكن الاستغناء عنه سيكون أكثر القطاعات ركودا أما الأشياء الضرورية فلن ينتهي رواجها ولكن بمنافسة قوية.

وغالبا صاحب المشروع الذي يعرف ويتوقع جميع الاحتمالات ويضع سيولة كافية للتقلبات ويصبر في حالات الركود حتى يأتي الانتعاش ويستغل كل ما لدية في بداية الطفرة القادمة يكون بالمقدمة وذلك بعد توفيق الله.

وعموما مادام الريال مرتبط بالدولار فهو المرشح عندي للصعود، وللعلم الأسواق تسبق السلع في الصعود وبمراحل لذلك هذا الصعود الجماعي للأسواق والسلع وبهذه الحدة غير المبررة في الظروف الطبيعية ما هو إلا تذبذب صاعد في اتجاه عام هابط كما أسلفت.

وما طرحت هذه الكلمات توصية بشراء أو بيع إنما هي خاطرة قد يرى في هذا الوقت أنها متطرفة قابلة للخطأ والصواب والله اعلم، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى ,,,