مراجعه للاقتصاد المصري

05/03/2024 6
فواز حمد الفواز

من فترة لأخرى لابد من مراجعة اقتصادات دول المنطقة بسبب تشابك العلاقات و المصالح و المخاطر. تحديات مصر الاقتصادية و المالية معروفة و لكنها عادت للواجه مؤخرا بسبب تفاقم ازمة الدولار و استثمار أبوظبي في مشروع رأس الحكمة على البحر المتوسط. حجم الاستثمار مع قرض الصندوق الدولي الذي طال انتظاره سوف يسد حاجة مصر الآنية للنقد الاجنبي و لكن من المبكر القول انه سوف يكون فاصل في اصلاح العيوب الهيكلية في الاقتصاد المصري، الازمة المالية خانقة حيث عبر عنها الفرق بين سعر الدولار الرسمي عند 30.8 جنيه مقابل سعر السوق الغير رسمي عند حوالي الضعف ، حيث سجل انخفاض يبلغ 55% منذ بداية 2023. الاهم للغالبية العضمى هو مستوى التضخم و الذي وصل إلى 29.8% حسب احصائيات الحكومة في يناير هذا العام في انخفاض من 33.7% في ديسمبر من العام الماضي. لكن اغلب المراقبين يقدر النسبة باعلى، فمثلا يذكر ستيفن هانك ان التضخم يصل إلى ثلاثة اضعاف المعلن. كذلك البطالة عالية.

و لكن الادهى و الأمر أن اعداد كبيره من العمالة تعمل باليوم في المدن دون توثيق و باجور زهيدة ادت الى تدني الاجور و ارتفاع نسبة الفقر خاصة بعد نقص الدعم في الغذاء و الوقود. اسباب الاشكالية قديمة و لكن الحرب الروسية الاوكرانية و خاصة في جانب الغذاء حيث تعتمد مصر على الاستيراد و السياحه، و من ثم حرب إسرائيل على غزة فاقمت الوضع بالتاثير على السياحه و عوائد قناة السويس التي ذكرت الحكومة انها نقصت 40-50%، كذلك تأثرت تحويلات المصريين العاملين بالخارج بسبب الخوف من تآكل الجنيه. هذه اسباب مباشرة و نسبيا جديدة و لكن الاشكالية أعمق و أقدم حيث يعاني الاقتصاد من تحديات هيكلية لم تعمل مصر على التعامل معها على مدى عقود و التي تظهر في دور القطاع العام المسيطر دون اهتمام بالانتاجية و القدرات التصديرية و السعي لمشاريع تطويرية من خلال تمويل دون عوائد بالعملة الاجنبية. وزاد الطين بله التوجه لمشاريع ضخمه على شكل ما يسمية الاقتصاديون مشاريع الافيال البيضاء دون عوائد تصديرية و ممولة بقروض. ربما ساهمت المساعدات الخارجية و خاصة الخليجية في تاجيل الاصلاحات المطلوبة. ماليا وصل الدين العام إلى 97% من الدخل القومي الاجمالي، طبقا لما ذكر وزير المالية 55% من الميزانية الحالية سوف يذهب لخدمة الدين. التحديات الطارئة و الهيكلية اوصلت مصر إلى حالة اقتصادية و مالية صعبة.

حين تسمح بتراكم العيوب لابد للحلول ان تكون مؤلمة و طويلة و مرحلية. آنيا لابد لمصر من حل اشكالية توفر الدولار لتمويل الاستيراد و اعادة الثقة، و هذه تبدأ في المدى القصير بسد الفجوة بين السعر الرسمي و غير الرسمي. بدأت المباحثات مع صندوق النقد الدولي منذ عدة اشهر و تعثرت جزئيا بسبب اصرار الصندوق على تعويم الجنيه. هناك تخوف مصري ربما مشروع من التعويم. جاء مشروع راس الحكمة كخطوة إنقاذ حيث سوف يجلب $ 15 مليار للخزينه المصرية منها 10 في اقل من شهرين و 5 تصنف كاستثمار في المشروع حيث كانت لدى مصر كوديعة لدى البنك المركزي المصري قبل المشروع الذي سوف تملك مصر منه 35%. هذه الجرعة المالية سوف تساعد مصر في مباحثاتها مع الصندوق خاصة ان تمويل الصندوق المقترح ارتفع من 3$ مليار إلى 10. لعل السؤال هل تستطيع مصر استغلال هذا الحجم المؤثر من التمويل ليس لحل ازمة مالية في المدى القصير و انما الجراءة لبداية حلول هيكلية خاصة في العلاقة بين القطاع و الخاصة و مؤاومة بين الحالة المالية وتوجية الاقتصاد ماديا و بشريا انتاجيا.

 

 

 

 

خاص_الفابيتا