استمرار نمو العمالة في القطاع الخاص وارتفاع التوطين

09/11/2022 3
عبد الحميد العمري

استمر النمو في أعداد العمالة المواطنة في القطاع الخاص بنهاية الربع الثالث من العام الجاري، مسجلا نموا سنويا وصل معدله إلى 16.1 في المائة، وبمعدل نمو ربعي وصل إلى 1.3 في المائة، استقر على أثره إجمالي العمالة المواطنة مع نهاية الفترة عند أعلى من 2.1 مليون عامل، كأعلى مستوى تصل إليه مساهمة العمالة المواطنة في القطاع الخاص، وارتفع على أثره معدل التوطين إلى 23.5 في المائة. وجاءت تلك النتائج الإيجابية على مستوى استمرار نمو التوطين متسقة مع معدلات النمو الجيدة للاقتصاد الوطني للفترة نفسها بمعدل نمو سنوي حقيقي بلغ 8.6 في المائة، وللقطاع الخاص بمعدل نمو 5.8 في المائة.

ووفقا لأحدث بيانات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية الأخيرة، فقد سجلت العمالة المواطنة في القطاع الخاص صافي زيادة سنوية منذ مطلع العام الجاري ناهزت 200 ألف وظيفة "74.0 ألف وظيفة للذكور، 124.8 ألف وظيفة للإناث". وبناء على تلك التطورات، فقد نما عدد العاملين من الذكور في القطاع الخاص خلال الفترة نفسها بمعدل سنوي بلغ 9.6 في المائة، استقر على أثره إجمالي عددهم بنهاية الفترة عند أعلى من مستوى 1.3 مليون عامل من المواطنين الذكور، في حين جاءت النتائج أسرع وتيرة بالنسبة إلى العاملات من المواطنات، حيث سجل توظيفهن نموا سنويا وصل معدله القياسي إلى 28.2 في المائة، واستقر إجمالي أعدادهن مع نهاية الفترة عند مستوى 818.5 ألف عاملة من المواطنات، أي ما نسبته 38.6 في المائة من إجمالي العمالة المواطنة في القطاع الخاص، متجاوزا بهذه النسبة لمساهمة المرأة العاملة في القطاع الخاص، مستهدفاته بمساحة جيدة جدا قبل موعده الزمني المحدد سابقا.

في المقابل، ارتفع عدد العمالة الوافدة للفترة نفسها بمعدل نمو سنوي بلغ 16.7 في المائة، وسجل تراجعا ربعيا بـ1.1 في المائة، استقر إجمالي عددهم مع نهاية الفترة عند مستوى 6.9 مليون عامل وافد، وجاء التراجع الربعي الأكبر من التراجع الذي طرأ على العمالة الوافدة الذكور، التي سجلت تراجعا ربعيا وصلت نسبته إلى 1.1 في المائة "تراجع بأكثر من 74.5 ألف عامل"، على أن أعدادهم سجلت نموا سنويا وصلت نسبته إلى 16.6 في المائة، واستقر مع نهاية الفترة عند مستوى 6.6 مليون عامل وافد، وبالوتيرة نفسها للعمالة الوافدة الإناث، سجلت تراجعا ربعيا بـ0.8 في المائة، مقابل نموها سنويا بـ19.8 في المائة، استقرت على أثره عند مستوى 269.1 ألف عاملة وافدة.

كما سجل متوسط الأجور الشهرية المدفوعة للعمالة المواطنة في القطاع الخاص نموا سنويا بلغ 2.8 في المائة، استقر مع نهاية الفترة عند مستوى 7238 ريالا شهريا "8534 ريالا للذكور، 5176 ريالا للإناث". وعلى مستوى التوزيع النسبي للعمالة المواطنة حسب مستويات الأجور الشهرية، فقد استمر في تحسنه وتسارعه للربع الثامن على التوالي، حيث استمر انخفاض نسبة العمالة المواطنة بأجور ثلاثة آلاف ريال شهريا فأدنى إلى 5.2 في المائة من إجمالي العمالة المواطنة في القطاع الخاص، مقارنة بنسبتها المرتفعة التي كانت عليها في الربع الثالث من 2020 عند أعلى من 40.7 في المائة، وفي المقابل ارتفعت نسبة العمالة المواطنة ذات الأجور الشهرية "أعلى من ثلاثة آلاف ريال وأدنى من خمسة آلاف ريال" إلى 53.9 في المائة "23.2 في المائة خلال الربع الثالث 2020"، وارتفعت أيضا نسبة العمالة المواطنة ذات الأجور الشهرية "أعلى من خمسة آلاف ريال وأدنى من عشرة آلاف ريال" إلى 24.4 في المائة "20.6 في المائة خلال الربع الثالث 2020"، وارتفعت أيضا نسبة العمالة المواطنة ذات الأجور الشهرية التي تبدأ من عشرة آلاف ريال فأعلى إلى 16.4 في المائة "15.6 في المائة خلال الربع الثالث 2020".

يظهر استمرار تلك التطورات الإيجابية على مستوى النمو المطرد للتوظيف في القطاع الخاص، وزيادة مساهمة الموارد البشرية المواطنة، وتزامنها مع استمرار النمو الاقتصادي عموما، وفي القطاع الخاص خصوصا، كل ذلك يؤكد المتانة التي أصبح يتمتع بها الاقتصاد الوطني نتيجة للإصلاحات الشاملة والجذرية تحت مظلة رؤية المملكة 2030، وتوافر كثير من الإمكانات والفرص المواتية لتحسين الأداء الاقتصادي، الممكن بدوره والمساهم بدرجة ملموسة في إيجاد مزيد من فرص العمل وتوفيرها أمام الموارد البشرية المواطنة ذكورا وإناثا، الذي سيؤدي إلى رفع معدلات التوطين تحديدا، وإلى زيادة مساهمة المواطنين والمواطنات في النشاط الاقتصادي المحلي، وتعزيز مستويات الدخل للأفراد، وزيادة خياراتهم الحياتية بالصورة المنشودة والمستهدفة وفق البرامج والمبادرات التي حملتها رؤية المملكة 2030.

كما سيسهم استمرار تلك التطورات التنموية المهمة في خفض معدل البطالة بين المواطنين بوتيرة أسرع وأكبر، الذي كان قد بلغ مع منتصف العام الجاري 9.7 في المائة هابطا من مستوياته الأعلى خلال العامين الماضيين، وعلى أن المعدل الأخير للبطالة يمثل الأدنى في منظور عقدين ماضيين، إلا أن التطورات الإيجابية الراهنة تغري بمزيد من إمكانية خفضه إلى ما دون 9.0 في المائة أو حتى أدنى من ذلك مع نهاية العام الجاري بمشيئة الله تعالى.

لهذا، يتطلع الجميع إلى أرباب المنشآت والأعمال في القطاع الخاص لمزيد من المساهمة عن طريق زيادة معدلات التوطين، وزيادة الاعتماد على اليد العاملة المواطنة التي تمتلك الأهلية اللازمة علميا وعمليا، التي ستصب نتائجها الإيجابية إجمالا في مصلحة الاستقرار الاقتصادي والمالي والاجتماعي، وسيكون القطاع الخاص في مقدمة المستفيدين من تلك النتائج بالدرجة الأكبر، نظير زيادة مستويات الدخل لدى المواطنين والمواطنات، التي ستسهم بدورها في زيادة الطلب على منتجات وخدمات وسلع منشآت القطاع الخاص، مقارنة بما قد تتحصل عليه العمالة الوافدة، ويذهب أغلبه إلى خارج الاقتصاد الوطني على هيئة حوالات خارجية.

 

نقلا عن الاقتصادية