شهادات دولية على متانة اقتصادنا

14/10/2021 0
طلعت بن زكي حافظ

أجمعت أكثر من وكالة تصنيف ائتماني معروفة ومرموقة على مستوى العالم، من بينها: وكالة "فيتش" ووكالة "موديز"، على قوة ومتانة الوضع الاقتصادي والمالي للمملكة من خلال اثبات قدرتها على احتواء الأزمات الطارئة كما عكستها المؤشرات المالية والمعدلات الاقتصادية الإيجابية بالبيان التمهيدي للميزانية العامة للدولة للعام المالي 2022.

وكالة "موديز" اعتبرت أن البيان التمهيدي تطوراً إيجابياً للتصنيف الائتماني للمملكة، وبالذات على مستوى ضبط الإنفاق الإيجابي من الناحية الائتمانية على الرغم من المراجعات التصاعدية الكبيرة لتوقعات الإيرادات وسط ارتفاع أسعار النفط. وعلى جانب آخر اعتبرت وكالة "فيتش"، أن احتفاظ المملكة باحتياطي مالي كبير، يُعد داعماً لتصنيفها كونه سيوفر للمملكة قدراً أكبر من المرونة لتيسير احتياجات التمويل العام في ظل عدم استقرار عائدات النفط. وقدرت الوكالة أن يرتفع الاحتياطي على المدى المتوسط وأن يستقر كما توقعت سابقاً عند مستوى أدنى يبلغ 265 مليار ريالاً سعودياً خلال الفترة 2022-2023.

كما وأجمعت الوكالتان على أن إصرار وحزم حكومة المملكة على استكمال مسيرة الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي بدأت مسيرتها بانطلاقة رؤيتها 2030 وتحقيقها للاستدامة المالية وللتوازن المالي في ذات الوقت.

وقد كان لبرنامج التوازن المالي، دوراً مهماً جداً في تحقيق الاستدامة المالية للمملكة، من خلال تبني عدة مبادرات من بينها: تطبيق قواعد مالية من شأنها المساهمة في تعزيز الضبط المالي، والسيطرة على مستويات عجز الميزانية للعام المالي القادم 2022 الذي يقدر أن يبلغ نحو 1.6% من الناتج المحلي الإجمالي، ولكنه سيستمر في الانخفاض التدريجي على المدى المتوسط نتيجة لتحقيق فوائض في الميزانية بدءًا من العام 2023.

وكان كذلك للتنسيق الحثيث بين وزارة المالية والمركز الوطني لإدارة الدين، دوراً مهماً أيضاً في إعداد الخطة السنوية للاقتراض لتلبية الاحتياجات التمويلية في إطار استراتيجية متوسطة المدى للدين العام. هذا التنسيق مَكن المملكة من المحافظة على مستويات دين عام من الناتج المحلي الإجمالي متوقع بحدود 30.2% في عام 2021 وصولاً إلى رصيـد متوقع بنحـو 989 مليـار ريـال للعام المالي القادم 2022، أو ما يعادل 31.3% من الناتج المحلي الإجمالي لتصل النسبة إلى 27.6% في عام 2024.

وفي ظل تقديرات ثبات الدين العام على المدى المتوسط نتيجة للتوقعات بتحقيق فوائض في الميزانية بدءًا من عام 2023، سيتم توجيه الإصدارات القادمة إلى سداد الدين، والذي بدوره سينتج عنه المحافظة على معدلات مناسبة من الاحتياطيات الحكومية بالشكل الذي سيسهم في التعزيز من قدرة المملكة على التعامل مع الصدمات، سيما وأن المملكة تستهدف من خلال سياستها المالية تعزيز الاحتياطيات الحكومية لدى البنك المركزي السعودي (ساما)، والتي يقدر بأن تصل إلى معدلات أعلى في العام القادم 2022، وتستمر بالتزايد على المدى المتوسط.

 إن المتغيرات الإيجابية في أداء الاقتصاد، تُعد دلالة واضحة على تعافي الاقتصاد والعودة إلى النمو الاقتصادي، وبالذات في ظل التعافي المستمر في أغلب الأنشطة الاقتصادية، إذ من المتوقع استمرار ذلك التعافي ببعض الأنشطة بمعدلات أسرع مما هو متنبأ له، والذي قد يتجاوز مستويات ما قبل جائحة فيروس كورونا المستجد.

وقد ساهمت جهود الحكومة في التعامل مع الجائحة بالحد من آثارها وانحسارها بشكل كبير رغم التحديات العالمية التي أفرزتها تحويرات الفيروس، واستمرار انتشاره في كثير من الدول. حيث وضعت حكومة المملكة الإنسان وسلامته أولوية قصوى بسّن العديد من الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية التي تكفل حمايته، كما ووفرّت اللقاح لجميع المواطنين والمقيمين، وحققت المناعة المجتمعية بنسب مرتفعة جداً، ولم تقتصر جهودها في مواجهة الجائحة على المستوى المحلي، بل وظهر دورها جلياً وواضحاً على المستوى العالمي بدعمها ومساندتها للجهود الدولية في التصدي للجائحة، بالتبرع بمبلغ 500 مليون دولار أمريكي لدعم تلك الجهود.

أخيراً وليس آخراً، قد ساهمت مبادرات وحزم تحفيز الاقتصاد ودعم القطاع الخاص كتلك المقدمة من الدولة بشكلٍ عام لدعم الأفراد والمؤسسات والقطاع الخاص، وأيضاً المقدمة من البنك المركزي السعودي، والتي بلغت قيمتها منذ الإعلان عن الجائحة 324 مليار ريال (238 مليار ريال حزمة تحفيز متبناة من قبل وزارة المالية، و115.7 مليار ريال حزمة تحفيز مُتبناة من قبل البنك المركزي)، في التخفيف من حدة التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن الجائحة بما في ذلك دعم مسارات التعافي الاقتصادي.

 

نقلا عن الرياض