لو أبصرتُ ثلاثة أيام

07/09/2021 2
عبدالله الجعيثن

العنوان لكتاب صغير الحجم كبير الدلالة، ألفته امرأة كفيفة لم تر الدنيا قط.. كان السبب المباشر لتأليف كتاب «لو أبصرت ثلاثة أيام» أنها سألت صديقة لها عادت من رحلة لغابة كثيفة:

ماذا رأيتِ؟ فقالت الصديقة: ما رأيتُ شيئًا يُذكر.. فتعجبت الكفيفة التي سبق أن قرأت عن عجائب الغابات، وألفت هذا الكتاب الصغير الذي تختصر فيه ماذا تريد أن ترى لو أبصرت الدنيا ثلاثة أيام فقط.. في هذه الأيام الثلاثة لن تنام، تريد أن تستغل نعمة البصر المغبون فيها كثير من الناس الذين عميت بصائرهم عن رؤية جمال الحياة.

في اليوم الأول تريد أن ترى وجوه الناس خاصة أحبابها المحيطين بها أمها وأباها ومعلمتها العظيمة «آن سولوفان»، ثم تطوف المدينة كلها لترى كل الناس ومختلف مظاهر الحضارة، فضلًا عن شكل الأرض والسماء والشمس والقمر والنجوم والنور، وخاصة إشراقة الفجر وألوان الشفق والغسق، وأنواع النبات والحيوان.

وفي اليوم الثاني تريد أن ترى الأنهار والبحار والصحارى والغابات، وأشكال السباع والجوارح والرمال والوديان والسهوب والجبال.

وفي اليوم الثالث تريد دخول المتاحف بشتى أنواعها، لتشاهد تاريخ الإنسانية في مختلف أطوارها وأحوالها وفنونها وآثارها، ثم تقارن ذلك بواقع الحضارة المُشاهد الآن من مظاهر مادية ومعنوية واختراعات.

هذه المؤلفة الكفيفة أنجزت ما لم يُنجزه ملايين المبصرين، حصلت على عدة شهادات دكتوراة، وألفت عشرات الكتب، وألقت مئات المحاضرات، ونالت جائزة نوبل في الآداب، وطافت العالم، ولم تكن كفيفة فقط بل كانت أيضًا صماء بكماء ولكنها تقول صادقة: «لقد عشت حياتي وسعدت بها بفضل الله ثم بفضل معلمتي آن سولفان».

قلت وهذه المعلمة العظيمة جعلت الجدار الحجري يُبدع ويُغني، بصبر لا مثيل له استطاعت تعليم كيلر الأسماء باللمس، تضع يدها في الماء ثلاثين مرة، وفي كل مرة تكتب اسم الماء على يد هيلين، وهي طفلة وبلغة برايل.. واستمرت حتى علمتها أسماء الأشياء، وجعلتها تتقن القراءة والكتابة، هذه المعلمة النادرة تستحق جائزة نوبل مرتين.

 

نقلا عن الرياض