الشعر القصصي بين شريف بن نصر وإبراهيم بن جعيثن

23/02/2021 0
عبدالله الجعيثن

أدخلت ريــال في داري وأوذاني من كـثر صيــاحه

أتاني خروفٌ ما شككتُ بأنهُ حليفُ هوى قد شفَّهُ الهجرُ والعذلُ

قلّ الشعر القصصي عند العرب لاعتمادهم على الرواية لا التدوين، واهتمامهم باستقلال البيت الشعري في الغالب، ومع ذلك وجد بعض الشعر القصصي كما في قصيدة الحطيئة:

وَطاوي ثَلاثٍ عاصِبِ البَطنِ مُرمِلٍ

بِتيهاءَ لَم يَعرِف بِها ساكِنٌ رَسما

أَخي جَفوَةٍ فيهِ مِنَ الإِنسِ وَحشَةٌ

يَرى البُؤسَ فيها مِن شَراسَتِهِ نُعمى

وَأَفرَدَ في شِعبٍ عَجُوزاً إِزاءها

ثَلاثَةُ أَشباحٍ تَخالُهُمُ بَهما

رَأى شَبَحاً وَسطَ الظَلامِ فَراعَهُ

فَلَمّا بَدا ضَيفاً تَسَوَّرَ وَاهتَمّا

وَقالَ اِبنُهُ لَمّا رَآهُ بِحَيرَةٍ

أَيا أَبَتِ اِذبَحني وَيَسِّر لَهُ طُعما

وَلا تَعتَذِر بِالعُدمِ عَلَّ الَّذي طَرا

يَظُنُّ لَنا مالاً فَيوسِعُنا ذَمّا

فَرَوّى قَليلاً ثُمَّ أَجحَمَ بُرهَةً

وَإِن هُوَ لَم يَذبَح فَتاهُ فَقَد هَمّا

فَبَينا هُما عَنَّت عَلى البُعدِ عانَةٌ

قَدِ اِنتَظَمَت مِن خَلفِ مِسحَلِها نَظما

عِطاشاً تُريدُ الماءَ فَاِنسابَ نَحوَها

عَلى أَنَّهُ مِنها إِلى دَمِها أَظما

فَأَمهَلَها حَتّى تَرَوَّت عِطاشُها

فَأَرسَلَ فيها مِن كِنانَتِهِ سَهما

فَخَرَّت نَحوصٌ ذاتُ جَحشٍ سَمينَةٌ

قَدِ اِكتَنَزَت لَحماً وَقَد طُبِّقَت شَحما

فَيا بِشرَهُ إِذ جَرَّها نَحوَ قَومِهِ

وَيا بِشرَهُم لَمّا رَأَوا كَلمَها يَدمى

فَباتَوا كِراماً قَد قَضوا حَقَّ ضَيفِهِم

فَلَم يَغرِموا غُرماً وَقَد غَنِموا غُنما

وَباتَ أَبوهُم مِن بَشاشَتِهِ أَباً

لِضَيفِهِمُ وَالأُمُّ مِن بِشرِها أُمّا

فهذا شعر فيه عناصر القصة من العقدة إلى الحل، ويصلح للتمثيل التلفزيوني والمسرحي..

ومن الشعر القصصي الساخر قول الشاعر الظريف شريف بن نصر في يحكي قصة خروف أُهدي إليه: 

أتاني خروفٌ ما شككتُ بأنهُ

حليفُ هوى قد شفَّهُ الهجرُ والعذلُ

إِذا قامَ في شمسِ الظهيرة ِ خلتَهُ

خيالاً سرى في ظلمة ما لهُ ظلُّ

فناشدتهُ ما تشتهي؟ قالَ: قتَّة ٌ

وساءلتهُ: ما شَفّهُ؟ قالَ لي: الأكلُ

فأحضرتُها خضراءَ مجَّاجة َ الثَّرى

مسلّمةً ما حصّ أوراقَها الفتلُ

فظلَّ يُراعيها بعينٍ ضعيفةٍ

وينشدها والدمعُ في الخدِّ مُنْهَلُّ:

«أتتْ وحياضُ الموتِ بيني وبينها

وجادتْ بوصلٍ حينَ لا ينفعُ الوصلُ»

ومن الشعر الخفيف البديع وصف الشاعر الاجتماعي المبدع إبراهيم بن جعيثن لقصته مع الريال :

أدخلت ريال في داري

وأوذاني من كثر صياحه

يبي يظهر وأنا أرده

والباب أخفينا مفتاحه

سديت الكوة بشماغي

والباحة سدت بالساحة

حتى الفرجة سديناها

بالثوب اللي في مصطاحه

أشوفه يرقي ويحول

غدا له في الدار رداحة

نمت وظنيت إنه نايم

هقيت إنه في مصباحه

أثره يسبرني ويكذّب

يدري ما عندي له راحه

حول عجل مع المثعب

وهو يدري وين مراحه

لقد أبدع شاعرنا الاجتماعي رحمه الله، وجسد الجماد وحرّكه بشكلٍ يدعو للإعجاب.

 

نقلا عن الرياض