صحراؤنا وإسرافنا

13/02/2021 1
عبدالله الجعيثن

يحسن بشبابنا أن يعوا بيئتهم جيداً، فنحن نعيش في صحراء جرداء لا نبات فيها، جدّاء خالية من الماء، موات ليس فيها حياة، هذا هو القسم الأكبر من بلادنا الحبيبة، تسير من الربع الخالي إلى الحجاز يندر أن تجد خُضرةً أو قليل ماء، ورغم ذلك اعتاد كثير من الجيل الجديد على هدر الماء والموارد والطعام، لأنهم يجهلون تحديات الصحراء التي يعيشون فيها، ويظنون أن صنابير الماء في بيوتهم، والتي تصب أربعاً وعشرين ساعة، أمرٌ عادي لا غرابة فيه ولا داعي للحفاظ عليه، ويتذمرون إذا دعاهم المُسنّون إلى الاقتصاد في استخدام الماء والكهرباء والموارد الأخرى، لأنهم لا يدرون عن الأموال الطائلة والجهود الهائلة التي بذلتها الجهات المعنية في سبيل توفير الماء العذب باستمرار، وتعميم الكهرباء، وتوفير مختلف الأغذية في كل فصول السنة، يظنون أن هذا سهل جداً وجزء يسير من متطلبات الحياة لا يستدعي التفكير فضلاً عن التوفير، لا يعرفون أنهم يعيشون في بيئة أكثرها صحراء قاحلة قاتلة، ولولا الله عز وجل، ثم جهود الحكومة المتواصلة، لما تحقق عُشر هذا، الآباء والأجداد يعرفون ذلك جيداً، ويعرفه كل من وعى التاريخ والجغرافيا، صحراء العرب سمّاها أهلها (اليباب) لأنها خراب لا شجر فيها ولا ماء بل سراب، وسموها (البيداء) لأنها تبيد الكثيرين ولا تبيد، وسموها (الغبراء) لأن الغبار يثور فيها بسبب التصحر وشدة الجفاف والقحط، عجاج وماء هماج، أكبر مساحة في بلادنا هكذا، وقد أنفقت الحكومة بلايين لتوفير حياة عصرية كريمة جداً في هذه الصحراء، وقامت بتحلية ماء البحر بتكاليف باهظة، فالذين يجهلون ذلك ويسرفون، ويهدرون المياه العذبة، ويستنزفون الطاقة، ويبتذلون النعمة، ويتذمرون ممن يدعوهم للتعقل والواقعية والأخذ على قدر الحاجة، هؤلاء يجب أن يستيقظوا من سباتهم، ويُرشدوا استهلاكهم، ويحافظوا على ثروات وطنهم، فالإسراف ممقوت منهيٌّ عنه في كل الأحوال (لا تسرف ولو كنت على نهرٍ جارٍ)، فكيف ونحن في صحراء قاحلة قطرة الماء فيها أندر من الذهب.

 

نقلا عن الرياض