إستثمر مبكرا

06/12/2019 5
راضي الحداد

ان الذين لا قبل لهم بتحمل المخاطر عليهم الاكتفاء من غنيمة استثمارتهم بالنزر اليسير نسبيا مما يحصلون من عائدات, ومن هذا المفهوم انتزعت القاعده المعروفه  بان مقدار العائد يجب ان يتناسب مع مقدار المخاطر التي على المستثمر ان يتحملها.

وهذه القاعده تفترض ان العائد هو نتيجة لمقدار المخاطر التي يتحملها المستثمر. فهل هذه القاعدة لها تجليات في الواقع؟ وهل تعريف المخاطر بالتذبذبات في العوائد او يعرف بـ (volatility)  يتطابق مع جميع فئات المستثمرين دون استثناء ؟

ان في مقدرونا القول ان الاستثمار في السندات والودائع الادخاريه للأشخاص الذين يستثمرون بشكل منتظم ولفترة زمنيه طويله من اجل بناء الثروه يواجهون مخاطر اكبر في عدم تحقيق أهدافهم من هولاء الذين يستثمرون في أسهم تعكس أنشطة اقتصاديه متناميه وباسعار تدور حول قيمها الحقيقيه – ويمكن معرفة خصائص هذه الشركات من مقالي المنشور أين استثمر ؟-

ان الاستثمار في السندات والودائع الادخاريه ربما تتعرض لتذبذبات اقل ولكن مخاطر التضخم ستلتهم جزء كبير من عوائدها الضعيفه، ان التخلي عن عوائد إضافية من اجل تلافي مخاطر تذبذبات السوق التي يمكن لطول فترة الاستثمار احتوائها وتقبل مخاطر التضخم التي لا يمكن تلافيها امرا ينم عن عدم القدره على وضع اطار يتم من خلاله التعامل مع المخاطر.

ان الاستثمار في أسواق الأسهم بانضباط وبشكل منتظم مع التركيز على الشركات التي تعكس أنشطة اقتصاديه متناميه سيؤدي في نهاية المطاف على اقتناء الأسهم على سعر وسطي وبذلك يتم تلافي  مخاطر التذبذبات الكبيره وتجنب تركيز الشراء في التوقيت الخاطىْ، كما يمكنهم من استثمار العوائد النقديه بطريقه منظمة ينتج عنها عوائد مجزيه تؤمنهم من مخاطر التضخم، لذا من المعقول ان نقترح على الأشخاص الذين يرغبون في بناء ثروة تساعدهم على تحقيق المرونة المالية ان يستثمرون في اسهم لشركات تتمع بمزايا تنافسية لا يمكن استنساخها بسهوله مثل شركة الراجحي في السوق السعودي وفيزا في السوق الأمريكي بحيث يحققون في المتوسط عائد كلي لا يقل عن 7% وربما يشكك البعض في إمكانية تحقيق هذا العائد – ونستطيع أن  نستمد من السوق السعودي دليلا يدعم إمكانية تحقق هذا العائد فقد حقق السوق السعودي متوسط العائد الهندسي الكلي للسوق خلال 20 سنه حوالي 15% وهي عباره عن 12% عائد راسمالي و3.22% عائد من التوزيعات النقديه، كما حقق متوسط عائد هندسي خلال العشر سنوات الاخيره حوالي 6.61% عباره عن عائد رأسمالي 3.22% وعائد من التوزيعات النقديه 3.39%.  

والدراسات التي تغطي فتره أطول تؤكد هذه الحقيقه , فاذا ما قارنا أداء الأسهم بأداء السندات خلال الفتره من 1926-2016م للسوق الامريكيه فان عائد الأسهم ضعف عائد السندات كما يتضح في الشكل رقم (1).

وهذا ماذكره Peter LYNCH  في كتابه Beating the street تحت المبدأ رقم 2 (Gentlemen who prefer bonds don’t know what they are missing ).

وتعني ان الذين يفضلون الاستثمار في السندات لا يعرفون ما فاتهم.


ان الاستثمار المبكر بانتظام من خلال استقطاع نسبة معينه من الدخل الشهري سيحقق نتائج مذهله  نتيجة لقانون العائد التراكمي ويحقق مفهوم المرونه الماليه بحيث يستطيع تأمين دخل منتظم. ولتوضيح الفكره سنستعين بمثال.

لنتفترض ان لدينا ثلاثة اشخاص. محمد بدأ الاستثمار بمبلغ 5000 ريال وادخار شهري مقداره 2000 ريال لمدة 20 عاما.

صالح بدأ برنامجه الاستثمار بمبلغ 5000 ريال وادخار شهري 3000 ريال لمدة 20 عاما أي بدا برنامجه الاستماري بعد محمد بـ 10 سنوات.

اما عباس فبدأ برنامجه الاستثماري بمبلغ 10000 ريال وبإدخار شهري اقل بمقدار 1500 ريال ولفترة زمنية أطول 35 عاما . ولنفترض ان العائد الاستثماري 7% سنويا وعند انتهاء البرنامج الادخاري يتم استثمار المبلغ على عائد 5% لتوفير دخل ثابت بعد فترة الاستثمار.

النتائج موضحه في الجدول التالي :_

فائدة الاستثمار المبكر

كما هو موضح في الجدول ان صالح حصل على اكبر مبلغ على الرغم ان ادخاره الشهري الأقل ونصف ادخار صالح الا انه بسبب طول فترة الاستثمار استطاع ان يضمن دخل شهري الأعلى ومقداره 11802 ريال.

إن التأمل في هذا الجول يعكس أهمية الاستثمار مبكرا.

فئة الشباب في مقتبل العمر عليهم ان يدركوا ان اقتطاع جزء من مداخيلهم الشهريه للاستثمار في أسواق الأسهم بشكل منتظم وعدم الالتفات الى ضوضاء الأسواق  عاملا مهما للمساهمة في بناء الثروات.

خاص_الفابيتا